بعد إثارته للجدل.. هل يمنع الشرع توزيع الإنسان تركته قبل وفاته؟
كتبت – آمال سامي:
توزيع التركة حال الحياة هو أمر أثار مؤخرًا جدلًا كبيرًا خاصة بعد أزمة الفنان رشوان توفيق وتصريحاته بأنه وزع أمواله كلها حال حياته والخلاف الذي دار بينه وبين ابنته، وكذلك الفنان "أحمد حلاوة" الذي ذكر أنه قسم تركته على أبنائه في حياته، ولكن هل يجوز للإنسان أن يوزع التركة وهو على قيد الحياة؟ وهل في ذلك مخالفة شرعية؟
في حديث تليفزيوني نادر، أوضح الدكتور محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، حكم الشرع في توزيع الإنسان أمواله وهو على قيد الحياة، فذكر أن "المال مال الله سبحانه وتعالى لابد أن نعي هذه الحقيقة وأن نعلم أننا مستخلفون في المال كما علمنا الله سبحانه وتعالى فقال: "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم"، وقال في موضع آخر: "انفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"، وفي موضع ثالث نسب المال لنا فقال: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل لكم فيها قياما"، فهي أموال الله سبحانه وتعالى ونحن وكلاء الله في هذه الاموال.
وأوضح غنايم أنه على المسلم أن يتصرف في المال في ضوء ما علمنا الله عز وجل، لأنه سبحانه وتعالى سيسألنا عنه يوم القيامة من أين اكتسبناها وفيم انفقناها، فإن كان اكتسابنا للمال من الحلال وإنفاقنا للمال في الحلال بلا إسراف ولا تبذير كنا في منجاة من السؤال، لكن إن اكتسبناه من حرام أو انفقناه في حرام أو اسرفنا فيه فالله سيسألنا على ذلك ويحاسبنا عليه لأننا لم نحسن الوكالة لله عز وجل فيما استخلفنا فيه.
وقال غنايم إن مسألة توريث تتعلق بهذا الاستخلاف، فمادام المال ليس مالنا وهو مال الله، فقد استخلف الإنسان فيه طوال عمره، فإذا ما انتهى عمره وأجله فإن ملكية هذا المال تنتقل إلى الورثة الشرعيين والأقارب والفقراء والمساكين على نظام حدده الله سبحانه وتعالى وبينه في القرآن الكريم فقال:" لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا"، فمادام الأمر كذلك، يقول غنايم إن المفروض على الإنسان صاحب المال الذي استخلفه الله عليه أن يتركه إلى أجله، فينفق منه على نفسه وأولاده وأرحامه وفي وجوه البر والخير ثم يترك ذلك إلى تقسيم الله تبارك وتعالى، فيأخذ منه الورثة الشرعيون كما بين الله في كتابه الكريم.
"ومع هذا لا مانع شرعًا ان يوزع الإنسان تركته على الورثة الشرعيين فيعطي الأولاد الذكور الرجال حقهم الشرعي ويعطي النساء حقهن الشرعي كما ذكرت الآية الكريمة"، يؤكد غنايم، منبهًا إلى أن تقسيم الإنسان تركته في حال حياته بطريقة مختلفة عما ذكر الشرع، فيعطي الأولاد فقط ويترك البنات أو العكس ونحو ذلك فهذا لا يجوز ومحرم، "فمادام الإنسان سوف يوزع تركته في حياته فليوزعها بعدل الله ولا مانع من هذا..وإن كان الأولى أن ينفق الإنسان تركته في وجوه الخير ثم يترك المال لتقسيم الله تعالى "، وأشار غنايم إلى ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "لو أتيت برجل قسم تركته في حياته لحاسبته على ذلك"، وعلق غنايم على ذلك أنه خوفًا من ان يقع الإنسان في ظلم أو يجامل أحد على حساب أحد أو يحرم نفسه من وجوه الخير، "وما يدريك لعل الحياة تطول بك ولعل الأبناء يكونوا عاقين...فانتظر إلى تقسيم الله تبارك وتعالى وإلى الأجل الذي قدره الله عز وجل".
فيديو قد يعجبك: