في ذكرى وفاته.. من هو ابن سمعون الواعظ البغدادي الشهير؟
كتبت – آمال سامي:
"لا ينتمي لأستاذ".. يصف السلمي ابن سمعون الواعظ قائلًا إنه من أبرز وأشهر مشايخ البغداديين، وهو من كبار الوعاظ وهومرجع كبير في آداب المعاملات، ويقول عنه الخطيب "كان أوحد دهره وفرد عصره في الكلام على علم الخواطر"، وقد دون الناس كلمات ابن سمعون وجمعوا كلامه ونقل عنه العلماء فيما بعد، فكانوا إذا نقلوا عنه قالوا: حدثنا شيخنا الجليل المنطق بالحكمة...توفي ابن سمعون في ذي القعدة قيل في الخامس عشر منه وقيل في الرابع عشر، فمن هو ابن سمعون؟
هو الشيخ الإمام الواعظ أبو الحسين محمد بن اسماعيل بن عنبس البغدادي، ولد سنة ثلاثمائة من الهجرة، ويقول الذهبي إن سمعون هو لقب جده "إسماعيل" الذي غيره إلى سمعون. كان من مشايخه أبو بكر بن أبي داوود ومحمد بن عمرو بن البختري، ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة وغيرهم، ومن تلامذته، أبو عبد الرحمن السلمي وعلي بن طلحة المقريء وخديجة بنت محمد الشاهجانية، وغيرهم. كانت قصة حج بن سمعون نقطة تحول في حياته، إذ كان في بداية عمره ينسخ بالأجرة وينفق على نفسه وأمه من هذا العمل، فذات يوم أخبرها أنه يرغب في الحج، فقالت: وكيف يمكنك؟ فغلبها النوم فنامت وانتبهت بعد ساعة، وقالت له: يا ولدي حج . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم يقول : دعيه يحج فإن الخير له في حجه ، ففرح وباع دفاتره ، ودفع إليها من ثمنها ، وخرج مع الوفد ، فأخذت العرب الوفد . قال : فبقيت عريانا ، فجعلت إذا غلب علي الجوع ووجدت قوما من الحجاج يأكلون ، فيدفعون إلي كسرة فأقتنع بها ، ووجدت مع رجل عباءة ، فقلت : هبها لي أستتر بها ، فأعطانيها وأحرمت فيه ، ورجعت ، وكان الخليفة قد حرم جارية وأراد إخراجها من الدار . قال السني : فقال الخليفة : اطلبوا رجلا مستورا يصلح أن تزوج هذه الجارية به ، فقيل : قد جاء ابن سمعون ، فاستصوب الخليفة ذلك ، وزوجه بها . فكان يعظ ويقول : خرجت حاجا ، ويشرح حاله ويقول : ها أنا اليوم علي من الثياب ما ترون .
فعلى الرغم من دعوته للزهد، كان يلبس ابن سمعون أفضل الثياب، فلما سئل عن ذلك قال: كل ما يصلحك لله فافعله إذا صلح حالك مع الله تعالى.
وروى ابن كثير في البداية والنهاية كرامات لابن سمعون، منها أن أحدهم قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وإلى جانبه عيسى بن مريم عليه السلام، وهو يقول: أليس من أمتي الأحبار، أليس من أمتي أصحاب الصوامع، فبينما هو يقول ذلك إذ دخل ابن سمعون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيسى: أفي أمتك مثل هذا؟ فسكت عيسى.
"كانت له يد طولى في الوعظ والتدقيق في المعاملات وكانت له كرامات ومكاشفات" هكذا يصف ابن كثير سمعون، فيروي أيضًا أنه ذات يوم كان يعظ على المنبر وكان في المسجد أبو الفتح بن القواس، وهو من الصالحين المشهورين، فنعس قليلًا، فصمت ابن سمعون ولم يكمل وعظه حتى استيقظ، فقال له ابن سمعون حين استيقظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامك هذا؟ فقال: نعم، قال: فلهذا أمسكت عن الوعظ حتى لا أزعجك عما كنت فيه.
من أقوال ابن سمعون:
· قال أبو الفتح القواس: لحقتني إضاقة ، فأخذت قوسا وخفين لأبيعهما ، فقلت : أحضر مجلس ابن سمعون ثم أبيع ، فحضرت ، فلما فرغ ناداني : يا أبا الفتح لا تبع الخفين والقوس ، فإن الله سيأتيك برزق من عنده.
· سئل ابن سمعون عن التصوف، فقال : أما الاسم ، فترك الدنيا وأهلها ، وأما حقيقته ، فنسيان الدنيا ونسيان أهلها . وسمعته يقول : أحق الناس بالخسارة يوم القيامة أهل الدعاوي والإشارة . قال أبو الحسن العتيقي : توفي ابن سمعون وكان ثقة مأمونا في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة .
توفي ابن سمعون يوم الخميس الرابع عشر من ذي القعدة حسبما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، ودفن في داره، وقال ابن الجوزي أنه قد أخرج بعد سنتين إلى مقبرة أحمد بن حنبل وأكفانه لم تبل.
فيديو قد يعجبك: