بعد التجديد لمنصبه| "فقه النوازل": أبرز فتاوى شوقي علام في مواجهة جائحة كورونا

كتبت – آمال سامي:

تولى الدكتور شوقي علام منصب مفتي الجمهورية منذ الرابع من مارس عام 2013، وقبل ذلك كان قد تولى رئاسة المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم منذ الخامس عشر من ديسمبر عام 2015، وأمس، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قررًا بمد خدمة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، عام أخر في منصب الإفتاء، وفي السطور التالية يقدم مصراوي واحدة من أبرز الفتاوى والقضايا التي عالجها "علام" في فترة توليه الإفتاء وهي "جائحة كورونا"..

شهدت مرحلة تولي الدكتور شوقي علام دار الإفتاء المصرية، واحدة من أكبر القضايا التي مرت على مصر والمسلمين بشكل عام، وهي جائحة كورونا، وكانت دار الإفتاء المصرية مواكبة تمامًا للحدث، فأصدرت عدة فتاوى خاصة بجائحة كورونا، فكانت "فتاوى النوازل" التي قدمها الدكتور شوقي علام واحدة من أبرز اصدارات الإفتاء في العام الماضي، وكانت الفتاوى لا تخص فقط الجانب الفقهي، بل أيضًا الجانب العقائدي عن طريق الإقرار ببعض المفاهيم الشرعية التي كانت غائبة وتصحيح المفاهيم المغلوطة، مثل دفع الأسباب بالأسابب ورد القضاء بالدعاء، وايضًا ضرورة الأخذ بالأساليب الوقائية وأكدت على أن الأخذ بالأسباب لا يعني أنها مؤثرة بذاتها وأن ذلك امتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته القولية والفعلية مع التعلق في نفس الوقت بالله سبحانه وتعالى.

أبرز فتاوى "النوازل" التي أصدرها "علًام"

أصدرت دار الإفتاء المصرية العديد من الفتاوى الخاصة بمواجهة فيروس كورونا، وكذلك واجهت العديد من السلوكيات الخاطئة والمعتقدات غير السليمة والمخالفة للشرع في اللتعامل مع الفيروس، كظاهرة امتناع البعض عن دفن موتى كورونا خوفًا من العدوى، وتأخير دفن البيت للتطهير من الفيروس، وأيضًا طريقة تكفين موتى كورونا وما إن كانوا شهداء أم لا، ومن بين تلك الفتاوى أيضًا غلق المساجد وتعطيل صلاة الجماعة والجُمع وكذلك الحج والعمرة...وفيما يلى أبرز هذه الفتاوى:

من مات بكورونا "شهيد"

أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا رسميًا أكدت فيه ان موت المسلم بسبب كورونا يدخل تحت أسباب الشهادة الواردة في الشرع، فهو من الأوبئة التي يحكم بالشهادة على من مات من المسلمين بسببها، وذكرت الدار أن الشهداء على ثلاثة أقسام وهم، الأول: شهيد الدنيا والآخرة: الذي يقتل في قتال الحربيين أو البغاة أو قطاع الطريق، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.

أما القسم الثاني من الشهداء فأشارت الدار إلى أنه شهيد الدنيا: وهو من قتل كذلك، ولكنه غلَّ في الغنيمة، أو قُتل مدبرًا، أو قاتل رياءً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا.

والقسم الثالث بحسب دار الإفتاء شهيد الآخرة: وهو من له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام شهيد الجهاد في الدنيا من تغسيله والصلاة عليه؛ وذلك كالميت بداء البطن، أو بالطاعون، أو بالغرق.

حكم الامتناع عن دفن موتى كورونا

امتنع البعض عن دفن المتوفين من جراء كورونا، بل وصل الأمر إلى أن تجمهر أهالي بعض القرى رفضًا لدفن إحدى طبيبات القرية بمدفن أسرتها، ليؤكد الدكتور شوقي علام في فتوى رسمية للإفتاء أن التصدي بالتجمهر لمنع دفن المتوفيين بمرض كورونا فعل من الأفعال "المحرمة الشنيعة والمواقف المشينة والأساليب الغوغاء الخارجة عن مقتضى الإنسانية لأن فيها تعديًا على حقوق الآدمية"، وأكد علام أن هذا الأمر يفتح بابا للفتنة والشر، مؤكدًا أنه لا يجوز لأحد أن يحرم أحد من حق منحه الله له بأن يدفن في أرض الله، وأكد في فتواه أن الميت بالوباء شهيد، ويتضاعف حقه إن كان طبيبًا مات بسبب علاج المصابين بالوباء.

حرمة تخزين أدوية المناعة المستخدمة في علاج كورونا

بعد انتشار وباء كورونا لجأ البعض إلى تخزين الأدوية المناعية التي تستخدم في بروتوكولات كورونا، ليؤكد علام حرمة ذلك، ففي فتوى رسمية لدار الإفتاء أكد علام أن تخزين الأدوية وغيرها محرم لما يلحقه بالناس من التضييق والإضرار، فهو أشد في الحرمة لكونه مرتبط بصحة الناس وأغلظ في المنع، وأشار علام أنه من حق ولي الأمر أن يعزر المحتكر بما يراه رادعًا عن جريمته بغرامة مالية أو مصادرة ماله ونحوه.

جواز تأجيل الحج والعمرة بسبب الوباء

أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أنه يجوز شرعًا للسلطات السعودية الخاصة بتنظيم الحج والعمرة أن تتخذ كافة الإجراءات التي تضمن سلامة وآمان الحجيج والمعتمرين، وأنه يجوز إرجاء العمرة في زمن معين لمواجهة انتشار الوباء، مؤكدًا أن حفظ النفس من مقاصد الشرع الكلية، ذاكرًا قوله تعالى: " وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

وأيدت دار الإفتاء في بيان رسمي كذلك قرار السعودية بإقامة الحج للعام الهجري 1441هـ بأعداد محدودة وقصره على المقيمين داخل المملكة، فذكرت أن هذا القرار يتفق مع أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية، وقالت: "نؤيد وندعم بكل قوة مواقف المملكة وحرصها الشديد على أمن واستقرار المشاعر الدينية وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك...".

الإنفاق على الفقراء كبديل للحج والعمرة

"كفاية الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغيرها مقدم على نافلة الحج والعمرة بلا خلاف"، هكذا أكد الدكتور شوقي علام بأن هذه هي ضرورة اللحظة، إذ ذكر أن هذا الإنفاق أكثر قبولًا وثوابًا عند الله سبحانه وتعالى وأقرب قبولًا عند الله "باتفاق علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة"، مؤكدًا أنه لا يجوز إهمال المحتاجين تحت مبرر الإكثار من النوافل والطاعات، فلا يجوز ترك الواجبات لتحصيل المستحبات.

تغيير صيغة الآذان وقت الوباء

بعد تفشي وباء كورونا ومنع صلوات الجماعة، تغيرت صيغة الآذان من حي على الصلاة حي على الفلاح، لقول المؤذن "ألا صلوا في رحالكم"، وأكد الدكتور شوقي علام أن هذا أمر جائز عند جمهور الفقهاء لثبوت السنة فيهما.

فتاوى خاصة بلقاح كورونا: أخذه واجب شرعي..ولا يبطل الصوم

أكد الدكتور شوقي علام أن تناول اللقاح المضاد لفيروس كورونا عند توفره "واجب شرعي"، لمن استطاع أن يأخذه، وأوضح أن أساليب الوقاية واجراءات الاحتراز من الوباء مطلوبة شرعًا، وأكد كذلك أنه يجوز تلقي لقاح كورونا في نهار رمضان ولا يبطل الصوم، وذكر أن اللقاح كالحقن في الوريد أو العضل لا تفطر الصائم لأن شرط نقض الصوم أن يصل الداخل إلى الجوف من نفذ طبعي مفتوح ظاهر، مؤكدًا أن مادة المصل لا تصل للجوف، وإن وصلت عن طريق المسام لا تنقض الصوم.