"المنتحر مصيره النار".. خالد الجندي يفنّد أسباب انتحار الشباب: هذا الجيل لم يأخذ حظه من التوجيه
كتبت – آمال سامي:
يثير تكرار حوادث انتحار الشباب مخاوف الأسر من فقدان أبنائها بهذه الطريقة، ويثار الجدل حول الأسباب التي تدفع المنتحر لذلك، هل هو ضعف الإيمان ويأس من رحمة الله، أم قلة وعي وإيمان، وكيف يمكن للأسرة أن تحمي أبناءها من الانتحار، حاور مصراوي الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حول قضية الانتحار وأسباب شيوعها بين الشباب وحكمها الشرعي..وسؤال مهم.. هل أدى تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة، مثل كفر المنتحر، إلى تشجيع الشباب على الانتحار بدلا من أن يردعهم عنه؟
يقول الجندي إنه يجب علينا الاعتراف أن هذا الجيل لم يأخذ حظه في المتابعة والتوجيه الذي حصلت عليه الأجيال السابقة، "فأنا اعتبر نفسي آخر الأجيال التي تلقت توجيها وتعليمًا ونقلًا للخبرات من الآباء والأساتذة وأهل الخبرة السابقين الذين استفدنا منهم كثيرًا"، لكن الآن، يتساءل الجندي: "من يجلس مع أولاده أو مع تلاميذه ومريديه؟!"، ويرى الجندي سبب شيوع هذه الظاهرة غياب المؤثرات الأربعة في حياة الأبناء، وهي المسجد أو الكنيسة والبيت والمنزل والمدرسة والأصدقا، فلم تعد هناك تقريبا دروسًا في المساجد ولم يعد هناك وجود جهة تواصل تربوي مع الأبناء في المساجد ولم يعد هناك خطاب ديني نستطيع الاطمئنان إليه بشكل كامل.
وفي المدرسة لم يعد التواصل بين الأساتذة والتلاميذ كما كانت الأمور من قبل، ويرجع الجندي السبب في زيادة هذا الأمر أيضًا الأزمات الصحية الأخيرة، قاصدًا جائحة كورونا وتعطيل المدارس فترات طويلة، إذ عصفت في العلاقة بين التلاميذ ومعلميهم.
أما العنصر الثالث وهو المنزل، فيقول الجندي:"هل هناك أباء وأمهات يجلسون اليوم مع أبناءهم؟ لا اظن ذلك في ظل هذا التفكك الاجتماعي الموجود بين أفراد الأسرة الواحدة"، وأرجع الجندي ذلك بسبب وجود الآلات التي استحدثت من موبايلات وحواسب احتلت مكانة الأبوين في المتابعة والتربية، اما الاصدقاء فيقول الجندي "لا حول ولا قوة إلا بالله...لا تعليق".
ويرى الجندي أننا أمام مشكلة حقيقية، فنحن أمام جيل بلا توجيه ولا تعليم ولا تربية، "إلا من رحم ربي ولا أعمم...ففي نسبة كبيرة تحتاج لإشادة ونسبة كبيرة تحتاج إلى تحذير"، فيقول الجندي أن الأجيال الموجودة الآن هم شباب لم يأخذوا حظهم من خبرات السابقين أو تعليمات العلماء أو توجيه المدرسين أو رعاية الأبوين..يقول الجندي: "فماذا تنتظرون؟"
مع تزايد الحديث عن حوادث الانتحار صحح كثير من العلماء وعلى رأسهم دار الإفتاء خطأ الاعتقاد بأن المنتحر كافر، فهل أدت هذه المعرفة إلى التجرؤ على الانتحار فهل معرفتهم ان المنتحر كافر كانت أفضل؟
يجيب الجندي قائلًا: "لا أظن ذلك"، لأن المنتحر لا يفكر في عواقب الأمر هل هو كافر أم غير كافر، "لأنه بالبداهة لم يقل أحد أن المنتحر سيدخل الجنة...المنتحر سيدخل نار جهنم وبئس المصير ونحن نعلم ذلك"، ويرى الجندي أن الخطاب الديني واضح في ذلك، لكن استخدام كلمة الكفر في القضايا الاجتماعية أمر في منتهى الخطورة لأنه سينسحب على أمور كثيرة جدا سيفعلها الناس، "نحن لا نريد ان نتساهل في استخدام كلمة كفر وإخراج الناس من الملة"، ويؤكد الجندي أن الانتحار كان موجودا قبل هذه الأيام وكان موجودًا والناس تظن ان المنتحر كافر، ففكرة الكفر لم تمنع الانتحار، ومن يريد الانتحار لا تعنيه المسألة، مؤكدًا أن ضعف العقيدة يدفع الإنسان أن يقبل على إغضاب الله بصرف النظر عن عواقب الأمور.
وقال الجندي إننا نحتاج إلى غرس القيم الدينية فهي الأمل، "نحن نريد إعادة التربية الدينية كمادة أساسية في المدارس، نحن نريد إعادة الكتاتيب مرة ثانية، ونريد الرعاية الأسرية والأبوية مرة ثانية، ونريد برامج دينية أكثر، وقناة دينية للأزهر، وأعمال درامية دينية تقوم بتربية الأبناء بالمعلومات الدينية الصحيحة"، وأضاف الجندي أنه من العيب علينا التخلف عن عمل اعمال درامية تقوم بتوجيه الأبناء في الناحية الدينية، وكذلك غياب الخطاب الديني الوسطي الذي يقبل عليه الشباب، فهم يحتاجون إلى القدوة وإلى توجيه ديني ورعاية أسرية وتوجيه إعلامي وجدية في التمتع بالحياة، يقول الجندي: "هؤلاء الأبناء الذين يقبلون على الانتحار هانت عليهم الحياة لأنهم لم يروا في الحياة شيئًا جميلًا يحتفظون به وتلك هي المصيبة".
فيديو قد يعجبك: