إعلان

"وأنذر عشيرتك الأقربين".. علي جمعة يضع روشة قرآنية لعلاج مشكلات الأسر والمجتمع

01:01 ص الأربعاء 22 يونيو 2022

د.-على-جمعة-المفتى-الإسبق

كـتب- علي شبل:

قدم الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، روشة قرآنية لعلاج مشكلات الأبناء والشباب والأسر وسائر المجتمع، في عصر زادت فيه الحوادث والفتن، والبعد عن نهج الله المستقيم، قائلًا: "إننا في عصر قد كثرت فيه الفتن، ظهرت وبطنت، ونحن في عصر نحتاج فيه إلى دعوة صادقة، ونحتاج من الأمة أن تستجيب للنصح في الله ورسوله، سواء في ذلك أئمة المسلمين وعامتهم، نحتاج إلى ذلك كله ويجب أن ندري من أين نبدأ".

وأضاف جمعة: "في ختام سورة الشعراء برنامج لمن أراد أن يبدأ التربية من جديد، بعد أن عاد الإسلام غريبًا كما بدأ غريبًا، وبعد أن بشرنا رسول الله ﷺ أن لا نيأس، وأنه طوبى للغرباء، وأنه (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةٌ بِأمْرِ الله. لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أو خَالَفَهُمْ. حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاس).

يقول ربنا سبحانه وتعالى وكأنه يضع لنا دستور ذلك: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 213 - 222]

وأكد فضيلة المفتي السابق، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن سبحانه وتعالى يذكر لنا أولاً أنه لابد من عنوان لتربيتنا، هيا بنا نعلم أبناءنا الإيمان بالله وتوحيده، ونعلمهم أنهم مكلفون في هذه الحياة الدنيا بأمر من الله ونهي، ونعلمهم أن هناك توفيقًا من الله سبحانه وتعالى وأنه هناك خذلانًا، وأن هناك آخرة فيها حساب: فيها ثواب وفيها عقاب، فيها جنة وفيها نار..

هيا بنا نعلم أبناءنا كيف يحبون الله ورسوله، وكيف يوحدون ربهم ، وكيف يترجمون ذلك سلوكًا في حياتهم، ولنبدأ من جديد وكأننا لم نسمع عن هذا من قبل، فنخرج الناس من الظلمات إلى النور ولا نيأس من كثرة الفساد الذي حولنا، وإنما نعلي كلام الله ورسوله ﷺ ، حتى يحكم الله سبحانه وتعالى بيننا وبين القوم الظالمين {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} لخص فيها توحيد الله والإيمان به، وتكليف المكلفين في الدنيا والحساب في الآخرة، وأرشدنا كيف نبني هذه الجامعة التربوية التي نربى فيها أبناءنا.

ونصح عضو هيئة كبار العلماء، قائلًا: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول.. ابدأ بنفسك ثم بمن يليك {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} كيف تكون العلاقة؟ علاقة هيمنة وتسلط أم (إنما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ للوَلَدِ)، فتكون علاقة رحمة (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ في اْلأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ في السَّماءِ)، { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، وهل ستتتم الاستجابة دائمًا لتلك التربية؟ أبدًا... ؛ فإن عصوك فلا تتخذ رضاهم دافعا لك ولا مانعا.. بـل اصبر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ودُمْ في طريقك وأنت تربي أبناءك والجيل الذي بعدك..

دُمْ على ذلك، وبعد أن تخفض جناحك للمؤمنين فإنك لابد عليك من قول الحق والاستمرار فيه فـ (أحَبُّ الأعمَالِ إلى اللهِ أدومُها وإنْ قَلَّ)..

{فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } ، (ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعاً، وَهَوًى مُتَّبَعاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ)، وخاصة نفسك: يعني نفسك أولا ثم من يخصك ممن يليك الأقرب فالأقرب(لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ اسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا).

ويؤكد جمعة، مضيفا: نعم هكذا يكون شأن التربية، ولكن لابد عليكم من الاستعانة بالله والتعلق به سبحانه وتعالى؛ فهو الهادي وهو الموفق؛ فاجعل قلبك دائمًا معلقًّا بالله.. اتخذ الأسباب ولا تعتمد عليها، سر في الطريق، ضع المنهج، ثم بعد ذلك علِّق قلبك.. وقبل ذلك علق قلبك.. ومع ذلك علق قلبك بالله {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ} في نشاطك وتقلبك في الحياة {حِينَ تَقُومُ} والذي يراك في إخلاصك وعبادتك حتى ولو كان بالليل {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} .

ثم بعد ذلك يعالج البيئة الخارجية التي لن تدعك تسير في تربية الناس وقلوب الناس بالتعلق برب الناس، بل إن هناك من المفسدين من سوف يشوش عليك دينك وأمرك {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } لابد علينا أن نعلم أنه كذاب لأنه لا يريد وجه الله، وأنه آثم مؤثَّم عند الله فعبر بصيغة (فعيل) { أَثِيمٍ } ؛ لأنه يفعل الإثم ويرتكب الإثم عند ربه سبحانه وتعالى.

{ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} وقد يكون هذا حال الإعلام إذا انحرف عن شرع الله، أنهم يسمعون من هنا وهناك، والنبي ﷺ يقول: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه باعتباره حديثاً ضابطًا للتوثيق، ولكن شاع القيل والقال وشاع الكذب في الناس، حتى بنيت عقلية هشة تقبل كل ما يقـال لهـا صـوابًا كـان أو خطئًـا { يُلْقُونَ السَّمْعَ } لا يتثبتـون مـن شيء { وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} و(كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)..!

كلام لا يصدر إلا من العزيز الرحيم سبحانه وتعالى ، وموقف تربوي باقٍ إلى يوم القيامة يرشدنا إليه ربنا في كتابه العزيز.

فلنبدأ مرة أخرى بعد أن قد سقطنا في هذه الفوضى التي نعيش فيها إعلاميًّا وتربويًّا ؛ هيا بنا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل الدنيا في أيدينا وألا يجعلها في قلوبنا..

ودعا جمعة إلى التعلق بالخالق تعالى في سائر أحوالنا، قائلًا: هيا بنا يتعلق قلبنا بعرش الرحمن ناظرين إلى لقاه سبحانه وتعالى ولا ننظر إلى دنيا نتغياها أو إلى مال نتأثله ونكنزه ونضمه إلى خزائننا..

هيا بنا ننظر إلى أولادنا وأحفادنا نربيهم على حب الله ورسوله فليس لنا في الدنيا سوى هذا، وليس لنا في الآخرة سوى هذا..

هيا بنا وقد مَنَّ الله علينا بالإسلام نشكر ربنا فعليًّا وعمليًّا بألسنتنا وقلوبنا وأفعالنا..

هيا بنا ندعو الله سبحانه وتعالى إلى أن يوحد قلوبنا وأن يؤلف بينها فإنه لا يؤلف بينها إلا هو..

هيا بنا نعود إلى ختام سورة الشعراء فنجعلها عنوانًا على تربية للأجيال، ونجعل قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ } ديدننا وشعارنا نضعه فوق رؤوسنا وفى قلوبنا وفى سلوكنا، حتى نخرج مما نحن فيه من غير يأس أو إحباط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان