فتاوى جدلية جعلت الأزهر يتبرأ من بعض أبنائه
كتبت – آمال سامي:
"بعض ممن ينتسبون إلى الأزهر الشريف يحيدون عن منهجه العلمي المنضبط" هكذا وصف الإمام الطيب شيخ الأزهر الشريف بعض الفتاوى والآراء الشاذة التي يثار بسببها الجدل من آن لآخر، والتي أحيانا تخرج من بين الأزهر ذاته وعلمائه، ليؤكد الأزهر الشريف في أكثر من موضع أنه ليس كل من انتسب للأزهر كانت فتواه ورأيه تمثل منهجه، وفي كل مرة كان الأزهر يرد على هذه الفتاوى في بيانات رسمية مبينًا شذوذها ومواطن الضعف فيها بشكل علمي، وفي بعض الأحيان كانت الجامعة تتخذ قرارًا بالتحقيق والفصل أحيانًا لمن يتجاوز فيها...وفي السطور التالية يستعرض مصراوي بعض الفتاوى التي خرجت من ثنايا الأزهر لتتبرأ منها مؤسسته وشيخه وتعلن ذلك بوضوح..
فتوى إرضاع الكبير
أفتى أحد أساتذة الأزهر، وهو الدكتور عزت عطية، الذي كان يتولى رئاسة قسم الحديث، في مايو عام 2007 بجواز إرضاع الكبير شرعًا، إذ قال أنه يجوز للموظفة أن ترضع زميلها في العمل لمنع وجودهما في خلوة شرعية معًا، وحينها أصدر الأزهر بيانًا أكد فيه أن ما جاء في هذه الفتوى يتنافى مع مباديء الدين الإسلامي الحنيف ويخالف مباديء التربية والأخلاق ويسيء إلى الأزهر كمؤسسة إسلامية مرموقة، وقرر المجلس الأعلى للأزهر حينها إحالة الدكتور عزت عطية إلى التحقيق مع لجنة مشكلة من علماء الأزهر وأنتهى التحقيق بفصله عن العمل بعد إصداره لهذه الفتوى بحوالي أربعة أشهر.
وفي مايو 2009 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا نهائيًا بعودة الدكتور عزت عطية إلى عمله بالجامعة، وقالت أن فتوى إرضاع الكبير مجرد رأي واجتهاد.
إباحة نكاح المتوفاة ومعاشرة البهائم!
في سبتمبر 2017 أثارت فتوى جواز نكاح الزوج لزوجته المتوفاة التي أصدرها الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الجدل، قائلًا أن معاشرة الزوج للزوجة المتوفاة حلال ولا يعد زنا ولا يقام عليه أي حد أو عقوبة، فهي زوجته وما فعله غير محرم.
وفي نفس التوقيت خرجت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بفتوى صادمة أخرى قالت فيها أن بعض الفقهاء أباحوا معاشرة الرجل للبهائم والحيوانات جنسيًا مثل الحمير والمعيز وغيرها على أساس أن ليس لديها عقل، وكان ذلك في تعليق لها على فتوى جواز معاشرة الرجل لزوجته بعد وفاتها وذلك عبر حوار تلفزيوني على فضائية ETC
وكان رد فعل جامعة الأزهر سريعًا، إذ أحالت الجامعة الأستاذين، صبري عبد الرؤوف وسعاد صالح للتحقيق، وصرح شيخ الأزهر في مقال نشرته جريدة صوت الأزهر وتناقلته وسائل الإعلام حينها، أن الأزهر يتبرأ من مثل هذه الفتاوى، وشدد على أنه لا يصح الترويج للأقوال الضعيفة والشاذة والمرجوحة المبثوثة في كتب التراث وطرحها على الجمهور، مؤكدًا أن هذا منهج يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة، مؤكدًا أنه يجب الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة وإبعادهم عن المنابر الإعلامية، وقال الطيب: "ليس كل منتسب للأزهر يعبر عن صوته، فبعض ممن ينتسبون إلى الأزهر الشريف يحيدون عن منهجه العلمي المنضبط".
فتوى المساواة في الميراث
كان الدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في نوفمبر 2018 قد أكد أن قرار تونس بمساواة الابن والابنة في الإرث صحيح شرعًا، لتتبرا منه جامعة الأزهر في تصريحات إعلامية وتؤكد "الدكتور الهلالي لا يمثل جامعة الأزهر في قريب أو كثير بل يمثل شخصه وما قاله يخالف نص القرآن ومنهج الأزهر".
المسلم ليس من نطق الشهادتين
وعقد مجمع البحوث الإسلامية حينها جلسة طارئة برئاسة الدكتور "أحمد الطيب" شيخ الأزهر الشريف، للرد على مثل هذه الفتاوى التي وصفها بالضالة والمنحرفة، وشدد البيان الصادر عن الأزهر أن هذا الزعم ينبئ عن فكر منحرف فيه مخالفة جريئة للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل صراحة علي أن الشهادتين هما "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" هما ركنُ الإسلام الأوَّل، الذي هو رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبدون الإقرار بهاتين الشهادتين معًا لا يكون الإنسان مسلمًا مؤمنًا بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم – ورسالته، ورد المجمع في البيان بشكل تفصيلي على كل ما أورده الهلالي في تصريحاته.
الأزهر يرد على مبروك عطية
كان الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قد علق على حادثة مقتل الطالبة "نيرة أشرف" قائلًا أن عدم ارتداء النساء الحجاب سبب في زيادة معدلات التحرش والجريمة، ليرد الأزهر في بيان رسمي له أن الانتقاص من أخلاق المحجبة أو غير المحجبة أمر محرم دينًا، ويرفضه أصحاب الفطرة السليمة، كما أن اتخاذه ذريعة للإعتداء عليها جريمة كبرى ومنكرة، وأشار إلى أن الخوض في أعراض المسلمين خاصة من أسلم روحه لله سلوك محرم وإيذاء مذموم للأحياء والأموات ذم الله صاحبه، مشددًا على تكريم الإسلام للمرأة وعلى أنه لا يوجد أي مبرر مطلقًا لجريمة قتل النفس.
وأيضًا أصدرت جامعة الأزهر بيانًا ذكرت فيه متابعتها للتصريحات التي "صدرت عن أحد الأساتذة" مؤكدة أنها لا تتناسب مع تقدير المؤسسة الأزهرية للمرأة، وان هذه التصريحات شخصية لا تعبر إلا عن رأي صاحبها، ودعت الجامعة المنتسبين إليها إلى التمسك بالمنهج الأزهري في طرح الموضوعات ومناقشتها ومخاطبة الجماهير ، ونوهت الجامعة أيضًا إلى ضرورة التفرقة بين رأي المؤسسة الأزهرية والتي تمثله هيئاتها العلمية والفقهية المعتبرة وهي هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر ومركز الأزهر العالمي للفتوى، وبين الفتاوى والآراء التي تصدر بشكل شخصي من البعض ولا تعبر إلا عن رأي صاحبها.
الحجاب ليس فرضًا
أُثار الدكتور سعد الدين الهلالي الجدل حول فرضية الحجاب إذ قال أنها من الأمور المختلف فيها بين الفقهاء، وشكك في أن الحجاب ليس من الفروض والواجبة والثابتة يقينًا، ليرد مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية على ذلك مؤكدًا في بيان رسمي له أن الحجاب فريضة ثابتة بنصِّ القرآن الكريم، والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة، وإجماع الأمة الإسلامية من لدن سيدنا رسول الله ﷺ إلى يومنا هذا، وحكم فرضيته ثابت لا يقبل الاجتهاد أو التّغيير، واستغلال الأحداث والجرائم المأساوية المُنكرة، في الهجوم على ثوابت الدّين، والطّعن في مسلماته وتوجيه طاقة رفضها الشّعبي إلى إحدى شرائع الإسلام وتعاليمه؛ أمر غير مقبول، عظيم الخطر والضرر على الفرد والمجتمع.
فيديو قد يعجبك: