هل صام الرسول عاشوراء ولم يمهله القدر لصيام تاسوعاء؟.. إشكالان يوضحهما باحث شرعي
كـتب- علي شبل:
رصد الباحث الشرعي الدكتور عبدالرحمن الفخراني إشكالين في مسألة صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ويوم تاسوعاء، حيث أورد أدلة شرعية موثقة تبين موعد صيام النبي ليوم عاشوراء.
طرح الفخراني أولا السؤال : هل صام الرسول ﷺ عاشوراء ، ولم يمهله القدر لصيام تاسوعاء؟، ليجيب: بنص الحديث نعم. وبالواقع : لا .
ويوضح الباحث الشرعي، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك: أما الحديث، فهو ما روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه ، في صحيح مسلم (حديث رقم: 1134) : حين صام رسولُ اللهِ ﷺ يومَ عاشوراءَ (وأمرَ بصيامِه) قالوا : يا رسولَ الله ! إنه يومٌ تُعظِمُه اليهودُ والنصارى
فقال رسولُ ﷺ : فإذا كان العامُ المُقبلُ إن شاءَ اللهُ ، صُمْنا اليومَ التاسعَ . قال : فلمْ يأتِ العامُ المُقبلُ حتى تُوفِّيَ رسولُ اللهِ ﷺ."
والواقع- يقول الفخراني- أن النبي ﷺ أمر بصيام عاشوراء وأوجبه قبل فرض صيام رمضان، وكان ذلك في العام الأول من الهجرة ، ومن غير المعقول أن النبي ﷺ لم يدركه العام الثاني من الهجرة.
وخروجا من هذا الإشكال فقد تأول بعض العلماء هذا الحديث بأن النبي ﷺ قد عزم في العام التاسع أن يصوم تاسوعاء.
ويوضح الفخراني أن هذا التأويل مردود بـ:
1- لفظ الحديث (حين صام وأمر) ولم يكن ذلك إلا في العام الأول. ما حدا بالذهبي رحمه الله أن يقول في المهذب (4/1662 ) في هذا الحديث : هذا " من غرائب صحيح مسلم".
2- أن علة صيام تاسوعاء كانت مخالفة اليهود ، وهذا يعني أن النبي ﷺ ظل يوافق اليهود تسعة أعوام ، وانتوى مخالفتهم في العام العاشر . وهذا غير معقول .
الإشكال الثاني- يقول الفخراني : في عدم إمكان الجمع أو الترجيح بين أحاديث صحاح ، بعضها يثبت أن النبي ﷺ كان يتحرى صيام عاشوراء كل عام ، وأخرى تثبت أنه ﷺ ترك صيامه بعد فرض صيام رمضان .
ومن الأولى (التي تثبت تحريه صيام عاشوراء) : الحديث 1923 في صحيح البخاري :"َ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َيَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ "
ومن الأخرى (التي تثبت تركه ﷺ صيام عاشوراء بعد فرض صيام رمضان :
1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
لما قدم النبي ﷺ المدينة صام) عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك عاشوراء. {صحيح البخاري / 2002}
2- وفي صحيح مسلم ( 1127) : دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود . وهو يأكل ، يوم عاشوراء . فقال : يا أبا عبدالرحمن ! إن اليوم يوم عاشوراء . فقال : قد كان قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان.فلما نزل رمضان ، ترك . فإن كنت مفطرا فاطعم."
3- وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ﴿كان يومُ عاشوراءَ تصومُه قريشٌ في الجاهليةِ، وكان رسولُ اللهِ ﷺ يصومُه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء ، (فمن شاء صامه ومن شاء تركه) صحيح البخاري - صحيح الترمذي 753
تأسيسا على ما سبق، يقول الفخراني: اليقيني في المسألة أن النبي ﷺ صام يوم عاشوراء، واحتسب صيامه تكفير ذنوب عام، وأنه لم يصم تاسوعاء.
فيكون الراجح في المسألة صيام عاشوراء بلا تحرٍ.
فيديو قد يعجبك: