طريقة منكرة شرعًا.. عالم أزهري يحذر من فتنة التغني بالقرآن والإعجاب بالقارئ دون القراءة
كـتب- علي شبل:
أطلق الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف، صرخة تحذير من طريقة منكرة شرعًا في قراءة القرآن تعتمد على جمال الصوت والتغني بالآيات خروجا عن قواعد القراءة الصحيحة، دون الاهتمام بالتدبر والخشوع لكلام الله عز وجل.
وقال العالم الأزهري إنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا إلى التغني بالقرآن، وتزيين الصوت بقراءته، وأخبر أن الله تعالى يستمع إلى نبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاستماع إلى الصوت الحسن، ويثني على صاحبه بأنه أوتي مزمارا من مزامير آل داوود، وكان الصحابة رضي الله عنهم يتنافسون في تحبيره له؛ فقد كان ذلك كله لأجل الإعانة على تدبر القرآن، والانتفاع به!
ولفت العشماوي، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، إلى أنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، كما رواه البخاري من حديث البراء بن عازب، في صلاته المغرب خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وسماعه يقرأ سورة التين!
وتابع: ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم رجَّع يوم الفتح في قراءته قول الله تعالى: "إنا فتحنا لك فتحا مبينا"، يعني: كررها وردَّدها وأعادها ومَدَّها، مُزَيِّنًا بها صوته، مستشعرا نعمة الله تعالى عليه، كما رواه الترمذي في الشمائل وغيره من حديث عبد الله بن مُغَفَّل!
وفي رواية للبخاري في صحيحه: "فسَأَلَ شُعبةُ مُعاوِيةَ: فكيفَ كان تَرْجيعُهُ؟ - يعني هذه الآية من صدر سورة الفتح - قال: آ آآ ثَلاثَ مرَّاتٍ".
وهو مَحْمولٌ على الإشْباعِ في مَحِلِّهِ، ولا يكونُ ذلِكَ من بابِ الزِّيادةِ في الحَرفِ، بل هو مُغتَفَرٌ للحاجةِ.
والقِراءةُ بالتَّرجيعِ والألْحانِ تَجمَعُ نُفوسَ النَّاسِ إلى الإصْغاءِ والتَّفهُّمِ، ويَستَميلُها ذلِكَ.
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ قِراءَةِ القِراءةِ بالتَّرجيعِ والألْحانِ المُلذِّذةِ للقُلوبِ بحُسنِ الصَّوتِ.
وفيهِ: استِمالةُ القُلوبِ للقُرآنِ بالصَّوتِ الحَسَنِ.
وأشار العشماوي إلى أن أقرب القراء المعاصرين إلى هذه الطريقة الشرعية؛ مولانا الشيخ المنشاوي، عليه رحمات الله تترى إلى يوم القيامة!.. وقريبٌ منه بقية القراء الخمسة الكبار رحمهم الله تعالى.
وأضاف أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر: ولا شك أن تحسين الصوت بالقراءة، على وفق المعاني؛ مُعِينٌ على التدبر، ومُعِينٌ على التأثر، فهذا هو التغني المحمود المندوب إليه شرعا، وهو تحسين الصوت وتزيينه على طريقة العرب في الألحان، لإيضاح المعاني المتضمَّنة في الآيات، من حزن وشجن وخوف وغير ذلك من أنواع التأثر الوجداني، الذي يبرزه الأداء الصوتي، مع مراعاة قواعد التلاوة، فلا يزيد في قدر المد ولا ينقص ولا يمط ولا يرعِّد صوته، ولا يقف ولا يبتدئ في غير موضع الوقف والابتداء من أجل النغم، فيصير كأنه يغني، غافلا عن معاني الآيات، وهذه لحون أهل الفسق، ولحون أهل الكتاب عند قراءة كتبهم، ولحون الأعاجم، وترجيع الغناء والنَّوْح!
وأكد الأستاذ بالأزهر أن هذا النوع من التغني هو النوع المذموم، وقد نهت عنه الشريعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أحمد وغيره أن هذا النوع من التغني بالقرآن من علامات الساعة، وهي مجيء نشء من القراء، يتخذون القرآن مزامير، ويقدِّمون الرجل، ليس بأفقههم ولا بأعلمهم، ما يقدِّمونه إلا ليُغَنِّيَهُم!
واستشهد: عندما سئل الإمام مالك عن الألحان، فقال: "لا تعجبني، وإنما هو غناء يتغنَّوْن به؛ ليأخذوا عليه الدراهم".
وكرهها الإمام الشافعي كراهة تحريم، وقال الإمام أحمد: "بدعةٌ لا تُسمع!".
واليوم- يقول العشماوي- قد صار أكثر من يسمون أنفسهم بالقراء؛ يتبعون هذه الطريقة المنكرة شرعا في قراءة القرآن، وإنما هو ضرب من الغناء، يجمعون به الناس عليهم، ابتغاء المال، ونيل الإعجاب والشهرة والجاه، يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، فبئسما يشترون!
وتابع: صار الناس يجتمعون على القارئ، ويتداولون مقاطع الفيديو للقراء على وسائل التواصل الاجتماعي، إعجابا باللحن والغناء، لا تدبرا لكلام الله، ولا انتفاعا بما يُتلى عليهم، حتى إنهم ليتمايلون عند الاستماع إلى القراء؛ تمايل الناس عند استماع الغناء، وصار كل كلامهم فلان أحسن صوتا من فلان، وفلان أطرب من فلان، وفلان أجمل نغمة من فلان، وفلان أعلى أجرا من فلان، وفلان أكثر جمهورا من فلان، وهذه إهانة للقرآن، يُخشى بسببها أن ينزل علينا غضب الديان!
وقد كان السلف إذا قرئ عليهم القرآن يخرُّون للأذقان يبكون، ويزيدهم خشوعا!
وختم العشماوي: لا بد من وقفة جادة لهذه المهزلة التي ترتكب باسم القرآن، وهذه صرخة نبثها إلى جميع الجهات التشريعية والتنفيذية والرقابية، المسؤولة عن شؤون القرآن الكريم في بلادنا العزيزة، صيانة لكلام الله عز وجل من عبث العابثين!
اقرأ أيضًا:
فيديو قد يعجبك: