إعلان

5 دروس من فقه التخطيط والإدارة في الهجرة النبوية.. يكشف عنها عالم بالأزهر

09:48 م الأربعاء 10 يوليو 2024

الدكتور محمد إبراهيم العشماوي

كـتب- علي شبل:

كشف الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف، جانبا من فقه التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات في السنة النبوية، متخذا من قصة الهجرة النبوية الشريفة أنموذجاً.

يقول العشماوي إنه في ظل التطورات التنموية التي يشهدها العالم الكبير، في مجال التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات؛ تأتي قصة الهجرة النبوية الشريفة على الطريق؛ لتضع لنا المعالم الهادية، التي يسترشد بها قادة التخطيط والإدارة، في صورة هي أقرب إلى التدريب العملي من القواعد النظرية!

وأضاف العشماوي، في منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: إذا أردنا أن نضع أيدينا على تلك المعالم؛ فإن أول ما يطالعنا منها:

1- الوعي بالأزمة، والبحث عن حل مناسب للخروج منها:

فقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعوة الإسلامية باتت مهددة في مكة، وأصبح من الممكن القضاء عليها في مهدها؛ لهذا كان لزاما عليه - بوصفه القائد الأعلى - أن يبحث عن حل عاجل لهذه الأزمة، فكانت الهجرة بالدعوة إلى أرض جديدة، والتي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بوحي إلهي؛ هي الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة، لا سيما مع تعذر الحل العسكري، نظرا لقلة الإمكانات والموارد!

2- اختيار الأرض الجديدة:

لم يكن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم أرض الهجرة اختيارا عشوائيا، بل كان مبنيا على دراسة للواقع وخبرة به، فقد قام صلى الله عليه وسلم بالتمهيد للهجرة إلى المدينة قبل ذلك بسنوات، عن طريق ملاقاة القبائل القادمة من المدينة إلى مكة للحج أو للتجارة، فيما سمي ببيعتي العقبة الأولى والثانية، ووجدها فرصة مناسبة لشرح معالم الدعوة الجديدة لهم، فصادف ذلك منهم هوى وقبولا، وتواعدوا معه على أن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وذراريهم، فضلا عن أن أخواله صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة، ولهم فيها أنساب وأصهار، وكذلك هي أرض أهل كتاب، عندهم علم بتاريخ الأنبياء والكتب السماوية، وعندهم علم أيضا بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قد آن أوانه، وأظل زمانه، وقد أكد الوحي هذا الاختيار الموفق، المبني على دراسة الواقع، والخبرة بمعطياته!

3- حسن الاختيار، وتوزيع الأدوار:

والتخطيط الجيد لإدارة الأزمات يقتضي أن يحسن القائد اختيار من يعاونه، بناء على صفات قياسية، بعيدا عن العشوائية التي تفسد عملية التخطيط!

وقد وجد القائد هذه الصفات القياسية في صديق عمره، وموضع سره، شيخ قريش وتاجرها وأعلمها بأنساب العرب، أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فاختصه بالصحبة من بين سائر الناس، واختص أهل بيته رجالا ونساء وشبابا وشيوخا وأحرارا وموالي؛ ليضعهم في مواقع استراتيجية حسب استعداداتهم الشخصية ومواهبهم الفطرية، واستغل طاقاتهم الاستغلال الأمثل، فهذه أسماء بنت أبي بكر تصنع الزاد وتجهزه (الإمداد والتموين)، وهذا ابنه يرصد الأخبار (المخابرات)، وهذا مولاه يعفِّي على الآثار (التمويه)!

ومن حسن الاختيار في التخطيط لإدارة الأزمات؛ اختياره صلى الله عليه وسلم ابن عمه، علي بن أبي طالب؛ لينام في فراشه ويؤدي الأمانات إلى أهلها، وهو لم يزل صبيا صغيرا، وهذا الاختيار مبني على ما بني عليه اختيار أبي بكر وأفراد أسرته، وهو الوشيجة القوية التي تحمل أصحابها على التضحية والنصرة والفداء، فالأول صديقه الصدوق الذي بذل ماله وأهله فداء له، لقناعته بصحة نبوته وصدق رسالته، والثاني ابن عمه الذي رباه على عينه، فكان مثلا أعلى له في الشجاعة والمروءة والنبل ومكارم الأخلاق، فضلا عن رابطة الدم التي تربطهما، وهي من أقوى الروابط التي تحمل على المناصرة والمؤازرة!

وقد اجتمعت في هذه العناصر البشرية المختارة بعناية؛ صفات الثقة والكفاءة والقوة والأمانة والحفظ والعلم، وهي الصفات التي تؤهل صاحبها لتولي المهام الثقيلة، في إدارة الأزمات!

4- الخطة البديلة:

ولا بد للمخطط أن يضع في حسابه؛ احتمال فشل الخطة الأصلية، فعليه أن يضع من أجل هذا الاحتمال خطة بديلة، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين استأجر رجلا جغرافيا خبيرا ماهرا بطرق الصحراء يسمى عبد الله بن أرقط؛ ليكون دليله في الطريق، وكان الرجل مشركا، غير أنه مأمون!

وقد قامت الخطة البديلة على أن يسلك الرجل بهم طريقا غير معهود، وهو طريق الساحل، ونجحت الخطة البديلة في تحقيق أهدافها؛ إذ سلكت قريش الطريق المعهود، بينما سلك النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الطريق الآخر، فأفلتا بالتخطيط المحكم، الذي هو من أمارات التوفيق الإلهي!

وكون الدليل مشركا غير أنه مأمون، فضلا عن كونه خبيرا في تخصصه؛ يعطينا درسا عظيما من دروس هذا الدين؛ ذلك أنه دين يراعي المشترك الإنساني، بعيدا عن فكرة صراع الأديان، فهو يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لغته!

5- النتائج:

لا ينبغي أن يكون في حساب المخطط لإدارة الأزمة؛ ضمان النتائج بنسبة مئة بالمئة، لكن من الممكن توقع بعضها في ضوء المقدمات، وإنجاز البعض خير من ضياع الكل، ولكن الأمر في الهجرة كان مختلفا تماما، لقد تحققت نتائج الهجرة بنسبة فاقت جميع التوقعات!

فقد نجا المسلمون بدينهم وأنفسهم وأموالهم، وصارت لهم دولة ذات نظم، وأصبح لهم جيش يحميهم ويحمي دولتهم، وهابهم العرب، وعقدوا معهم المعاهدات والتحالفات، ودخل الناس في دين الله أفواجا!

وأنهى العالم الأزهري بطرح السؤال: فلماذا حققت الهجرة النبوية أهدافها كاملة غير منقوصة؟! ليختم قائلاً: لأنها كانت باسم الله، ولله، وفي الله، ولأنها قامت على التخطيط المحكم، والتنظيم الدقيق، لقد كانت حبلا ممتدا موصولا بين السماء والأرض، طرفه بيد الله، وطرفه الآخر بيد النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله!

اقرأ أيضًا:

بالفيديو| علي جمعة: لا يشترط أن تعلم المرأة بالطلاق الأول حتى يقع الطلاق الثاني

أمين الفتوى: السحر موجود ولكن هذه السور تبطله (فيديو)

بالفيديو| داعية يوضح أفضل الطرق للتخلص من أوراق المصاحف القديمة والممزقة

البحوث الإسلامية يوضح حكم نية ترك أكثر من ثمن السلعة للباعة الفقراء

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان