بعد رفض أردوغان إعادة فتحه للصلاة.. آيا صوفيا من كنيسة فريدة إلى مسجد ثم متحف
كتب – هاني ضوه :
يعد مسجد آيا صوفيا واحدًا من أعرق المساجد في تركيا، لما له من أهمية وتاريخ فريد، قلما يوجد لمسجد من المساجد، كما أن له حكاية تروى.. كيف تحول آيا صوفيا من كاتدرائية من أعرق الكنائس إلى مسجد مميز وفريد.
تبدأ حكاية آيا صوفيا في عهد الإمبراطور "جستنيان" عام 532م، حيث أمر ببناء كنيسة كبيرة تكون فريدة في طرازها وخارجة عن المألوف، فكلف المهندسين المعماريين «إيسودور الميليسي» و«أنثيميوس التراليني» ببناء هذا الصرح الدينى الضخم وكلاهما من آسيا الصغرى واستغرق بناؤها حوالي خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام 537م.
ويصف المؤرخ بروكوبيوس، وهو أحد مؤرخى عصر جستنيان، أنه من شدة إعجاب جستنيان بالمبنى لم يطلق عليه اسم أي من القديسين بل أطلق عليه اسم الحكمة الإلهية أو المقدسة «سان صوفيا» ونقل أيضا عن جستنيان إنه قال "يا سليمان الحكيم لقد تفوقت عليك" ويقصد بذلك أنه تفوق ببنائه على النبي سليمان الحكيم الذي كان يسخر الجن لبناء الأبنية العظيمة.
وبعد حوالي عشر سنوات فقط من إقامة المبنى تصدع الجزء الشرقي منه نتيجة حدوث هزة ارضية في إسطنبول، وسقط جزء كبير من القبة الضخمة فأمر جستنيان بإعادة بنائها مرة أخرى بحيث أصبحت أكثر أرتفاعا من السابقة، وقام بتدعيم الأساسات التي ترسو عليها القبة وهذه هي القبة التي ما زالت قائمة حتى الآن، والتي استطاعت أن تصمد لكافة الأحداث منذ بنائها.
تحولها إلى مسجد
وجاء الفتح الإسلامي للقسطنطينية، حيث فتحها السلطان محمد الفاتح ابن السلطان مراد الثاني عام 1453م وكان لا يوجد للمسلمين في المدينة "جامع" ليصلوا فيه "الجمعة" التي تلت الفتح، فلم يسعف الوقت من تشييد جامع جديد في هذه المدة الزمنية الضئيلة، فأمر السلطان بتحويل "آيا صوفيا" إلى جامع، ثم بعد ذلك قام بشرائها بالمال، وأمر كذلك بتغطية رسومات الموزائيك الموجودة بداخلها ولم يأمر بإزالتها، حفاظًا على مشاعر المسيحين، وما زالت الرسومات موجودة بداخلها إلى الآن.
وقام السلطان محمد الفاتح بأداء أول صلاة فيها وهي ركعتين شكرا لله على هذا الفتح العظيم ثم أضاف لها المأذن الأربعة حولها، والتي تعتبر مآذن إسطوانية الشكل ذات قمة مخروطية والتي أضافت إلى هذا المكان وزادته رونقاً وجمالاً ولم تؤثر على عمارته البيزنطية.
تحول المسجد إلى متحف
بعد أن ظل آيا صوفيا مسجدًا على مدار 481 عام تقام فيه الصلوات والعبادات بشكل دائم ومستمر، ومع سقوط الدولة العثمانية أمر مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى حكم الدولة العثمانية وأعلن قيام جمهورية علمانية في تركيا بإغلاق المسجد وأعلن حظر إقامة الشعائر الدينية في مسجد آيا صوفيا عام 1931، ثم أعقبه بقرار تحويله إلى متحف عام 1935م يضم آثارًا إسلامية ومسيحية.
ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط. وظلت أيا صوفيا مسجداً حتى بداية القرن العشرين حيث قام أتاتورك بتحويل المبنى إلى متحف حتى الآن، حيث يخشى العلمانيون الأتراك أي تحركات لأسلمة المبنى أو إعادة استخدامه مسجدًا مرة أخرى، وذلك بعد أن كان آيا صوفيا كاتدرائية للمسيحيين على مدى 900 عام، ثم أحد أعظم مساجد المسلمين على مر 500 سنة.
أردوغان ورفضه فتح المسجد للصلاة
وفي تصريحات اعتبرها البعض استفزاية رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل يومين إعادة فتح مسجد آيا صوفيا للصلاة مرة أخرى، معتبرًا أن هذا الأمر له العديد من التداعيات الخطيرة بحسب تعبيره.
وقال أردوغان، في مقابلة مع القناة السابعة التركية : "تقام الصلاة الآن في ساحة خاصة تابعة لآيا صوفيا، ويمكن توسيعها، هذا ليس مشكلة. لكن ماذا سيعطي ذلك"؟
وأضاف أردوغان: "هناك تداعيات قد تنجم عن تحويل أيا صوفيا إلى مسجد، قد تكون خطيرة. دعونا لا ننسى أن هناك الآلاف من مساجدنا في بلدان مختلفة. وهل يفكر هؤلاء الذين يطالبون بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد في ما يمكن أن يحدث لتلك المساجد"؟
ليس هذه المرة الأولى التي يعود مسجد آيا صوفيا إلى الأضواء وتبدأ مطالبات بإعادة فتحه للصلاة مرة أخرى، ففي يناير الماضي أثارت صورة لشابة ترقص الباليه داخل المتحف الملحق به غضبًا شديدًا في وسائل الإعلام التركية المحافظة على وجه الخصوص، حيث ظلّ المكان يُستخدم كمسجد على مدى قرون طويلة.
وقالت صحيفة جمهوريت العلمانية التركية وقتها إن مجموعة من الرجال نظموا احتجاجًا على الواقعة أمام آيا صوفيا، وأقاموا الصلاة ورددوا هتافات تقول "اكسروا السلاسل، افتحوا آيا صوفيا للصلاة".
فيديو قد يعجبك: