إعلان

رواق الصعايدة.. من أشهر أروقة الأزهر الشريف

03:12 م الثلاثاء 26 مارس 2019

صورة أرشيفية لأروقة الأزهر تعود إلى عام 1901م

كتبت – سارة عبد الخالق:

"رواق الصعايدة".. لا يمكن أن تذكر أروقة الأزهر الشريف إلا ولابد أن يذكر اسمه، فهو يعتبر من أشهر وأكبر أروقة جامع الأزهر، حيث كان يتمتع بمكانة مميزة كما وجهت إليه أوقاف كثيرة خاصة له وبالطلاب الوافدين الدراسين به.

بداية، "ظهرت الأروقة بالمعنى العلمي مع ازدهار الأزهر، وكان ذلك في العصر العثماني وليس قبل ذلك، حيث كان الطالب يدرس بالأزهر ويقيم بالرواق، وكانت الإقامة بالمجان، ومن يقيم بالرواق يحصل على جراية، تمثل غذاءه، وكان الإنفاق على الأروقة من الأوقاف المخصصة للأزهر وأحيانا كانت هناك أوقاف لبعض الأروقة، وكان لكل رواق ميزانيته الخاصة، وكان لكل رواق ناظر خاص به يتولى تسجيل أسماء المجاورين المقيمين به ويصرف لهم الجراية، وكان لكل رواق مكتبة خاصة به تضم المراجع والمخطوطات التي يعتمد عليها الدارسون"، وفقا لما جاء في كتاب (الأزهر.. الشيخ والمشيخة) لحلمي النمنم.

كما كان "لكل رواق شيخ مسئول عنه، هو أحد فقهاء وعلماء الأزهر، حيث يتم اختياره بناءا على عدة اعتبارات منها أن يكون من المنطقة الجغرافية التي جاء منها المجاورون بالرواق، ويكون الشيخ من علماء المذهب الذي يدرس عليه طلاب الرواق".

- الصعايدة.. أشهر أروقة الأزهر

ولعل "رواق الصعايدة" يعتبر من أشهر أروقة الأزهر الشريف وأكبرها، وسمي بالصعايدة؛ لأن الطلاب الصعايدة كانوا يقطنون بالرواق - وفقا لما جاء في(رحلة المنى والمنة) الطالب أحمد المصطفى الحاجي، ابن طوير الجنة‎ -، حيث كان الطلاب الوافدون من صعيد مصر يقبلون على هذا الرواق ويدرسون به، وعادة ما يضم رواق الصعايدة المجاورين من الجيزة حتى أسوان.

ويعتبر الأمير "عبد الرحمن كتخدا" شيخ البنائين في العصر العثماني؛ هو صاحب الفضل في إنشاء هذا الرواق، حيث تعتبر أكبر عمارة أجريت للجامع الأزهر بعد العصر الفاطمي، تلك التي أقام بها "كتخدا" في عام (1167 هـ - 1753 م)، فقد زاد على مساحة الأزهر بإضافة مجموعة من الأروقة خلف المحراب القديم، وعادة عندما يذكر "رواق الصعايدة" يذكر مقرونا باسم "الأمير كتخدا".

وقد علق عبد الرحمن الجبرتي على ما قام به "كتخدا" من إنشاءات وتوسعات بالأزهر الشريف – وذكر من ضمنها باب الصعايدة الخاص برواقهم - قائلا: " ولو لم يكن له من المآثر إلا ما أنشأه بالجامع الأزهر من الزيادة والعمارة التي تقصر عنها همم الملوك لكفاه ذلك، فقد زاد عبدالرحمن كتخدا من مساحة الجامع، وأضاف باب المزينين وباب الصعايدة، وباب الشوربة و قبة ضريحية، وسبيل وثلاث مآذن ذات قمة مدببة علي الطراز العثماني".

وعن مكان هذا الرواق تحديدا داخل جامع الأزهر، فهو يقع عن يمين الداخل إلى الجامع من باب الصعايدة، ويصعد إليه بنحو 20 درجة سلم، ويوجد تحت السلم الغرفة التي توزع منها الجراية على المستحقين المقيمين في الرواق، وكان للرواق مكتبة خاصة به كانت تضم 1190 كتابا، وقد ضمنت تلك المكتبة إلى مكتبة الأزهر العامة عام (1355هـ - 1936م).

- رعاية خاصة وأوقاف كثيرة من قبل الأمير "كتخدا"

وقد أولى الأمير "كتخدا" اهتماما كبيرا برواق الصعايدة، فقد أنفق كثيرا على إنشائه وأوقف عليه أوقافا كثيرة بعد أن انتهى من إنشائه من أجل رعاية هذا الرواق والدراسين به، فقد زاد عدد من كانوا به عن ألف عالم ومجاور.

ومن ضمن الأوقاف التي أوقفها "كتخدا" لرواق الصعايدة المرتبات العينية التي قررها والتي كانت معروفة باسم "الجراية الكبرى" والتي كانت عبارة عن رغيفين يتم تقديمهما يوميا للمدرسين والطلبة المقيمين بالرواق، والمكتوبة أسماؤهم في سجل الرواق، بالإضافة إلى تقديم نوع من الحلوى "الهريسة" في يومي الاثنين والخميس أسبوعيا على مدار العام لطلبة الرواق، وفي شهر رمضان كانت تقدم وجبات مطهية، وفقا لما جاء على موقع ذاكرة الأزهر.

يشار إلى أن "عمر مكرم" نقيب الأشراف كان قد وجه في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي جزءًا من إيراد بعض أوقاف الأشراف إلى طلبة رواق الصعايدة.

ويعتبر كل من الشيخ أحمد الدردير والشيخ حسن الهواري العدوي، والشيخ حسن داود العدوي، والشيخ أحمد كبوه العدوي، والشيخ إسماعيل الحامدي، والشيخ أحمد نصر العدوي، من أشهر المشايخ الذين تولوا مشيخة رواق الصعايدة.

جدير بالذكر أن هذا الرواق ظل كما غيره من الأروقة مكانا سكنيا وعلميا للطلاب الدراسين إلى أن تم إنشاء مدينة البعوث الإسلامية لتكون مدينة سكنية للطلاب الوافدين، والتي تم افتتاحها في عام ( 1379هـ - 1959م).

صورة أرشيفية لطلبة الأزهر قديما

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان