"الخميسة والرشتة والتدريجة".. تعرف على تقاليد الاحتفال بالمولد النبوي في ليببا

كتبت - سارة عبد الخالق:

أيام قليلة تفصلنا عن يوم مولد أفضل خلق الله وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلوات الله عليه -، هذا اليوم العظيم الذي أنار الكون فيه بميلاد المصطفى (ص)، وفي مثل هذا اليوم من كل عام تحيي كل بلد من البلاد العربية ذكرى ميلاد النبي بطريقة تختلف عن الأخرى، فلكل بلد موروثات وعادات وتقاليد توارثتها عبر الأجيال احتفالا بالمولد النبوي الشريف.

وفي هذا التقرير يرصد مصراوي جانباً من الاحتفال الرسمي والشعبي في دولة ليبيا، وفقاً لما ذكره الكاتب إسماعيل سامعي‎ في مؤلفه (تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي) من بعض المراسم والعادات والتقاليد التي تحرص عائلات وأفراد الشعب الليبي على القيام بها مع ذكرى ميلاد المصطفى - صلوات الله عليه -، والتي تبدأ قبل بدء المولد بأسبوع.

همزية البوصيري على وزن المألوف التونسي:

يشهد يوم المولد النبوي حركة غير معتادة في جميع أنحاء البلاد، حيث يتوافد الرجال والأطفال على المساجد أين تتلى المدائح والأذكار وخاصة قصيدة الهمزية في مدح خير البرية للإمام البوصيري: (كيف يرقى رقيك الأنبياء.. يا سماء ما طاولتها سماء) ، ويتم إنشادها على وزن المألوف التونسي بطريقة بطيئة في أولها، ثم يتسارع النسق في آخرها، وعادة ما يأخذ الاحتفال في ليبيا الطابع الشعبي أكثر فينطلق الناس إلى المساجد بعض صلاة المغرب، وتبدأ مراسم الاحتفال بقراءة القرآن الكريم وإلقاء الدروس الوعظية، التي تتحدث عن سيرة النبي – صلوات الله عليه – بالإضافة إلى حلقات الذكر والمدائح النبوية حيث يبدأ الاحتفال قبل يوم المولد الشريف بأسبوع.

الخمسية وشموع للنبي

وهي إحدى مراسم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ليبيا، فيقوم الآباء والأمهات والأهالي بشراء الهدايا للأطفال والألعاب، ومن ضمن هذه الهدايا ما يعرف بـ "الخميسة "، و"هي عبارة عن شجرة ميلاد تصنع يدويا من الخشب تأتي على هيئة شجرة يتم تزيينها بالورود البيضاء والحمراء والوردية، ويتم وضع الخميسة في قمة الشجرة، وهي شمعدان على هيئة يد مفتوحة توضع فيها الشموع، إلى جانب الألعاب النارية ومنها النجوم"، ويبدأ كل فرد في العائلة بإشعال شمعة للرسول الكريم - صلوات الله عليه- وتشعل الشموع في جميع أنحاء المنزل، ويقف الصبيان أمام البيوت ممسكين بالقناديل المصنوعة من الخيش، فيما تحمل البنات الشموع أمام المنازل، وعادة ما يردد الأطفال أغاني المولد.

المدائح الصوفية والحضرة

وللمدائح الصوفية والأناشيد و"الحضرة" دور هام ومظهر من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تنشد الأناشيد والمدائح في مجالس الزوايا الصوفية الموجودة في ليبيا، ويجتمع الناس للاحتفال، حيث تقام "الحضرة" مستخدمين الطبول والدفوف، وتردد المدائح وتوزع الحلوى والشاي، بالإضافة إلى إشعال البخور والتطييب، وفقا للمصدر السابق ذكره.

· يظهر في الفيديو التالي جانب من الاحتفالات الليبية في عامها السابق احتفالا بالمولد النبوي الشريف (الحضرة وترديد المدائح والتطيب وإشعال البخورواستخدام الطبول والدفوف)

الرشتة والعصيدة والبازين

وعادة ما تقام الولائم والعزائم خلال هذا الموسم احتفالا بميلاد أفضل خلق الله سيدنا محمد – صلوات الله عليه - ، حيث يجتمع أفراد الأسرة على المائدة، ويتم إعداد الأطعمة لهذه المناسبة، ويأتي على رأسها ما يعرف بـ "الرشتة" أو "رشتة الكسكس بلحم الخروف" وهو طبق رئيسي شهير في المطبخ الليبي، بالإضافة إلى المشروبات والفواكه.

أما في يوم المولد، فتقوم ربات البيوت بإعداد ما يعرف بـ "العصيدة" التي تعصد بالماء والدقيق، وبعد النضج يتم تشكيلها على هيئة قبة في وسط الصحن ويسكب عليها زيت الزيتون والسمن والعسل الطبيعي، وهذه الأكلة هي أكلة شهيرة تعمل للاحتفال بأي مولود جديد احتفالا به.

وعادة ما تذبح الذبائح صبيحة يوم المولد النبوي الشريف، وتوزع اللحوم بالإضافة إلى الأكلات الشعبية الليبية الحارة مثل" البازين" في وقت الظهيرة.

التدريجة والفلكلور الشعبي وحفلات الخطوبة والحناء

وبعدها يتم البدء فيما يعرف بـ "التدريجة"، وهي عبارة عن خروج كافة المحتفلين بهذه المناسبة من الزوايا الصوفية الصغيرة، والسير رويدا رويدا بالشوارع حتى يجتمعوا سويا في الزوايا الكبيرة القريبة للمنطقة.

كما تقام عروض للخيل وفلكلور شعبي بالزي الليبي، وعادة ما تكثر حفلات ومناسبات الخطوبة في ليبيا خلال الأعياد والمناسبات الدينية، مثل: المولد النبوي الشريف، ويذهب العريس لعروسته ويقدم لها الهدايا مثل: الخميسة وفستان وقطعة ذهب.

وتقوم البنات والنساء بخضب أياديهن بالحناء احتفالا بذكرى المولد النبوي الشريف.
يظهر في الفيديو التالي علي موقع يوتيوب فيلم وثائقي قصير لجانب من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عام 1929 م.