فى حديث الهجرة.. دروسٌ من الدّعوة المُحمدية يوضحها مستشار شيخ الأزهر
كتب - أحمد الجندي:
قال الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف والمشرف على الرواق الأزهرى، إن أكثر المسلمين لا يكادون يذكرون التاريخ الهجري، ولا يدرون أي أعوامه يعيشون، فضلاً عن شهوره أو أيامه، في الوقت الذي نحيا فيه تاريخ غيرنا، "قديمه وحديثه، حقه وباطله، صراعاته ومؤامراته، أنظمته وسياساته، لحظة بلحظة ويومًا بيوم وشهرًا بشهر وعامًا بعام وقرنًا بقرن وألفا بألف".
وأوضح "مهنا"، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن الحقيقة التى لا يستطيع أن يماري فيها أحد أن التاريخ الإسلامي قد توقف عن سيره الطبيعي، وانحرفت الأمة عن مسارها الحضاري، وتخلت عن رسالتها السماوية، وتغربت عن أصولها الحضارية، وتناءت عن تراثها الأصيل، وباتت تعيش منذ قرون وهي تتنفس هواء الآخرين وتنظر بعيون الآخرين وتسمع بآذان الآخرين وتتكلم بلسان الآخرين وتفكر بعقول الآخرين، وتحيا بقلوب الآخرين، ويالها من غربة!
وعن سر الهجرة النبوية كشف مستشار شيخ الأزهر أنه يكمن في تأسيس دولة الإسلام، وحضارة الإسلام وأمة الإسلام، من هنا بدأ التاريخ الإسلامي، يوم أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ليقيم أول دولة من نوعها في التاريخ، فتشرق شموسها على الأكوان وتنحسر جحافل الظلام وتنهزم جيوش الباطل، وتتقهقر جحافل الشر على كثرة عددها وعتادها أمام حقائق الإيمان، ويدخل الناس فى دين الله أفواجًا، وتشرق أنوار التوحيد على البشرية جمعاء، ويعم الخير والعدل والبركة فى كل مكان، وتسمو الإنسانية إلى علياء السماء.
مضيفًا: "لم يكن بناء هذه الدولة باستيراد أنظمة اقتصادية وسياسية واجتماعية مما كان سائدًا في ذلك الزمان، ولا بمحاولة بناء قاعدة تكنولوجية يملك مفاتيحها الغير، ولا باعتماد ثقافات وعقول الآخرين لبناء القواعد الفكرية والثقافية للدول الجديدة، ولا بقبول الاندماج والذوبان دون ضوابط أو قيود".
وكتب "مهنا" أن الفرد المؤمن الصالح هو أساس البناء، شرط إيثار لآخرته على دنياه، وان يكون مستعلي بروحه على سلطان المادة وبريق الفناء، المؤمن بأن الدنيا خلقت له ولم يُخلق هو إلا لله، وإنها سُخرت له ولم يستعبد هو لغير مولاه، فكان راضيًا كل حال .
متابعًا: "فإن كان فقيرًا فهو الفقير القانع، وإن كان غنيًا فهو الغني الشاكر لمولاه، وإن كان تاجرًا فهو التاجر الأمين المتوكل على مولاه، وإن كان سيدًا فهو الرفيق المتواضع في جميع الأحوال، وإن كان عاملاً فهو العامل المخلص المجد، وإن كان صاحب عمل فهو الرفيق السخي الكريم، وإن كان أجيرًا فهو القوي الأمين، وإن كان قاضيًا فهو القاضي العادل الخائف الوجل من قضاء قاضي القضاة، وإن كان وزيرًا فهو الوزير الناصح المخلص، وإن كان رئيسًا فهو النقي الخادم البر الأمين الرحيم".
وأكد "مهنا" أن المعاني التى تراءت له فى مناسبة العام الهجري الجديد، هي العودة إلى الروحانية الإسلامية: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}.. [آل عمران: 79]، والسر الإلهي الذي سخر الله له الأكوان والعوالم، هي الأرواح الصافية النقية، وآثارها الطبيعية في عالم الخير والجمال والرحمة والنور والحب والسلام والتقدم والإنتاج والحكمة والتسامي والإيمان والعلم والمعرفة واليقين.
اقرأ أيضاً:
فيديو قد يعجبك: