في ذكرى مولد النبي.. علي جمعة يعدّد مظاهر التأييد الرباني للرسول الأعظم
كـتب- عـلي شـبل:
{ورفعنا لك ذكرك}، حول هذه الآية الكريمة تحدث الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، موضحا كيف أعز الله نبيه خاتم المرسلين سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، حيث جعل الله تعالى اسمه مع لفظ الجلالة عنوانًا على الإيمان، فلا يكفي أن يقول أحد من البشر (أشهد أن لا إله إلا الله) ولا يُقبل عند ربه حتى يُثني (وأشهد أن محمدًا رسول الله) فقرن اسمه- سبحانه وتعالى - باسمه صلى الله عليه وسلم تكريمًا وإعزازًا له.
وقال فضيلة المفتي السابق إن سيدنا رسول الله ﷺ سيد الثقلين، وسيد الكونين المشاهد والغائب، هو خير خلق الله كلهم، سيدنا رسول الله ﷺ هو باب البشر إلى ربهم؛ من لزم الباب فُتح عليه، ومن أغلقه على نفسه فقد أغلق على نفسه خيرًا كثيرا.
وأضاف جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: ولد سيدنا رسول الله ﷺ في العشرين من شهر إبريل سنة 571 من ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وسمّاه جده لأنه ولد يتيما باسمٍ فريد (محمد)، ولم يكن قد تسمّى به أحد من قبله، وقيل: إن العرب قد سمّت أربعًا بعده بقليل.
والنبي ﷺ وهو فرد في نفسه وعده الله تعالى بأن يرفع ذكره فرفع ذكره؛ ومِن رَفْعِ ذكره ﷺ أن جعل اسمه مع لفظ الجلالة عنوانًا على الإيمان، ولا يكفي أن يقول أحد من البشر (أشهد أن لا إله إلا الله) ولا يُقبل عند ربه حتى يُثني (وأشهد أن محمدًا رسول الله) فقرن اسمه- سبحانه وتعالى - باسمه ﷺ تكريمًا وإعزازًا له.
واضاف عضو هيئة كبار العلماء أنه مما رفع الله ذكره أن جعل اسمه يتردد على المنابر إلى يوم الدين، وعلى المنائر في الأذان خمس مراتٍ في اليوم والليلة في كل أركان الأرض، وأصبح هذا الاسم طبقًا للإحصاء العددي أكثر الناس تسميةً به في الأرض فتسمى به حتى عام 1990 سبعون مليون مولود من البشر ، فإذا ضُم إلى ذلك (أحمد) و(محمود) و(حامد) و(مصطفى)، وإذا ضُم إلى ذلك ما ارتئاه المسلمون اسمًا للنبي ﷺ فسموا أبناءهم به تبركًا به كـ(طه) و(ياسين) ،فإن اسم النبي ﷺ يفوق كل ما يتصوره البشر إلى يوم القيامة، وليس لاسمٍ من أسماء أحدٍ من البشر هذه الخاصية سواه.. فصدق الله، وصدقت يا حبيبي يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم.
وتابع فضيلة المفتي السابق أنه مما رفع الله به ذكره أن جعل الناس يتبعونه، فكانوا أكثر أهل الديانات عددا حتى بلغ المسلمون ربع سكان الأرض، ومما رفع الله به ذكره أن أبرز قبره ؛ولم يبرز قبر نبيٍ قط سوى النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ ، وكل قبور الأنبياء في الأرض محل شكٍ ونزاعٍ وتكرارٍ، وكل مؤمنٍ وكل كافر يعرف أن هذا الموضع الطيب الطاهر في المدينة المنورة تحت القبة الخضراء إنما هو للنبي المصطفى ﷺ ، لا يختلف فيها مؤمن ولا كافر { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } فأبرز قبره، وحفظ له ذكره؛ حتى ننفذ ما أمرنا الله به، ونجد لأنفسنا مخرجًا من ذنوبنا، وهو ﷺ يقول: (حياتي خير لكم تحدثون وأحدث لكم، ومماتي خير لكم؛ تعرض عليّ أعمالكم؛ فإن وجدت خيرًا حمدت الله، وإن وجدت غير ذلك استغفرت لكم).
سيدنا رسول الله ﷺ بلّغ فصدق، ولم يصدق في نفسه هكذا كشأن البشر، بل الذي صدّقه هو رب السماوات والأرض، من فوق سبعة أرقع، من فوق العرش العظيم ﷻ.
يقول سيدنا رسول الله ﷺ : (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) [أخرجه الترمذي] ، وروى مالك في القدر، والبيهقي في آداب القاضي : (إِنِّي قد خَلَّفْتُ فِيْكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا، أو عَمِلْتُمْ بِهِمَا: كتابَ الله وسُنَّتِي، ولَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ)، فترك لنا هذه الثلاثة: كتاب الله، وعترة أهل البيت الكرام، وسنة المصطفى ﷺ ، وإذ بالله -سبحانه- يحفظ الثلاثة كما وعد، ولم يكن بيد سيدنا محمد ﷺ سيد البشر أن يحفظ شيئًا من هذا؛ فإنه كبشر لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة في يده { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} فالمؤيِّد هو الله، والمصدِّق هو الله، والمؤكِّد هو الله ﷻ.
وكتب جمعة، مضيفا: ترك أمته وقد تلاعبت سائر الأمم بتراث أنبيائها ورجالها، ولم يكن بيده أن يحفظ الكتاب؛ قال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } فحُفظ، وإذ بنا من الشرق والغرب بيدنا كتاب واحد، لا نعرف سواه ولا يضرب بعضنا رقاب بعض من أجل أنه يُنكر جزءًا منه، أو يثبت جزءًا آخر. والنبي ﷺ رأى بعينيه كيف مات أبناؤه أمامه. فما الذي دعاه بتلك المخاطرة إن لم يكن مؤيدًا من رب السماوات والأرض لِلَّهِ ويقول: (تركت فيكم عترة أهل بيتي) من أدراك يا سيد الخلق أنه سوف يكون لك عترة ونسل من (الحسن) و(الحسين) نسل يملأ الأرض جميعًا في مشرقها ومغربها، من الذي أخبرك بذلك؟ إن الذي أخبره هو العزيز الحكيم الذي يقول للشيء كن فيكون، الذي يأمر في كونه - سبحانه وتعالى - ؛ فلا يتأخر الكون عن أمره وكيف ذاك وهو خالقنا وبيده نواصينا.
ما كان النبي المصطفى ﷺ والحالة هكذا في وفاة أهله أن يقول ذلك من عند نفسه، فلما قالها أيّده الله الذي أخبره بها؛ وحفظ كتابه، وحفظ أهل بيته.. (الحسن) و(الحسين) تعرضا للقتل فسُمَّ هذا، وقتل هذا، وأبناؤهما أُبيدوا جميعًا عن بكرة أبيهم، فنجى الله ﷻ (علي زين العابدين) و(الحسن المثنى) و(زيد الأبلج) ومن الثلاثة الصغار أبناء (الحسن) و(الحسين) جاء النسل الشريف... ما هذا الذي نراه؟!
إنه التأييد الرباني.
فيديو قد يعجبك: