لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفسير الشعراوي لمصير من يتمنئ ما ليس له

02:57 م الثلاثاء 22 نوفمبر 2016

تفسير الشعراوي لمصير من يتمنئ ما ليس له

قال تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.. [النساء : 32].

الحق سبحانه وتعالى خلق الكون وفيه أجناس، وكل جنس يشمل أنواعاً أو نوعين، وتحت كل نوع أفراد. فإذا ما رأيت جنساً من الأجناس انقسم إلى نوعين، فاعلم أنهما يشتركان في مطلوب الجنس، ثم يختلفان في مطلوب النوع، ولو كانا متحدين لما انقسما إلى نوعين. كذلك في الأفراد. وإذا نظرنا إلى الجماد وجدنا الجماد جنسا عاما ولكنه انقسم إلى عناصر مختلفة، لكل عنصر من هذه العناصر مهمة مختلفة، فمثلاً إذا أردنا إقامة بناء، فهذا البناء يتطلب رملاً، ويتطلب أسمنتاً، ويتطلب آجُراً، ويتطلب حديداً، فجنس الجماد كله مشترك في إقامة البناء، ولكن للأسمنت مهمة، وللجبس مهمة، وللرمل مهمة، وللمرو- وهو الزلط- مهمة، فلا تأخذ شيئا في مهمة شيء آخر. وكذلك انقسم الإنسان إلى نوعين، إلى ذكورة تتمثل في الرجال، وإلى أنوثة تتمثل في النساء، وبينهما قدر مشترك يجمعهما كجنس، ثم بينهما اختلاف باختلاف نوعيهما. فلو أردت أن تضع نوعاً مكان نوع لما استطعت.

إذن فمن العبث أن يخلق الله من جنس نوعين، ثم تأتي لتقول: إن هذا النوع يجب أن يكون مثل هذا النوع. وأيضاً نعرف ذلك عن الزمن، فالزمن ظرف للأحداث، أي أن كل حدث لابد له من زمن، لكن لكل زمن حدث يناسبه. فالزمن وهو النهار ظرف للحدث في زمنه، والليل أيضاً ظرف للحدث في زمنه. ولكن الليل حدثه السكون والراحة، والنهار حدثه الحركة والنشاط. فإن أردت أن تعكس هذا مكان هذا أحلت وجمعت بين المتناقضين.

لقد أوضحنا أن الله يلفتنا إلى شيء قد نختلف فيه نختلف فيه بشيء قد اتفقنا عليه، فيبين لك: هذا الذي تختلف فيه ردّه إلى المتفق عليه. فالزمن لا خلاف في أنك تجعل الليل سكناً ولباساً وراحة وهدوءاً، والنهار للحركة. وكل الناس يصنعون ذلك. فالحق سبحانه وتعالى يوضح: كما جعل الزمن ظرفاً لحركة إلا أن حركة هذا تختلف عن حركة هذا، وهل معنى ذلك أن الليل والنهار نقيضان أو ضدان أو متكاملان؟

إنهما متكاملان؛ لأن راحة الليل إنما جُعلت لتصح حركة النهار. فأنت تنام وترتاح لتستأنف نشاطاً جديداً. إذن فالليل هو الذي يعين النهار على مهمته.. ولو أن إنساناً استيقظ ليلة ثم جاء صباحاً لما استطاع أن يفعل شيئاً. إذن فما الذي أعان حركة النهار؟.. إنه سكون الليل، فالحق سبحانه وتعالى بيّن: أن ذلك أمر متفق عليه بين الناس جميعاً متدينين وغير متدينين.. فإذا اختلفتم في أن الذكورة والأنوثة يجب أن يتحدا في العمل والحركة والنوع نقول لكم: لا، هذا أمر متفق عليه في يجب أن يتحدا في العمل والحركة والنوع نقول لكم: لا، هذا أمر متفق عليه في الزمن، فخذوا ما اتفقتم عليه دليلاً على صحة ما اختلفتم فيه.

ولذلك ضرب الله المثل فقال: {والليل إِذَا يغشى} .. [الليل: 1].

فعندما يغشي الليل يأتي السكون، وقال الحق بعد ذلك: {والنهار إِذَا تجلى} .. [الليل: 2] {وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى}.. [الليل: 3-4].

أي أن لكل جنس مهمة.

وهكذا نعرف أن الإنسان ينقسم إلى نوعين: الذكورة والأنوثة وفيهما عمل مشترك وخاصية مشتركة. وأن كلا منهما إنسان له كرامة الإنسان وله حرية العقيدة فلا يوجد رجل يرغم امرأة على عقيدة، وضربنا المثل بامرأة نوح وامرأة لوط وامرأة فرعون.

إذن فالقدر المشترك هو حرية الاعتقاد، فلا سلطان لنوع على نوع، وكذلك حرية التعقل في المهمات، وعرفنا كيف أن أم سلمة- رضي الله عنها- أشارت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية إشارة أنقذت المسلمين من انقسام فظيع أمام حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفنا قصة بلقيس- ملكة سبأ- التي استطاعت أن تبرم أمراً تخلى عنه الرجال، إذن فمن الممكن أن يكون للمرأة تعقل وأن يكون للمرأة فكر، وحتى قبل أن يوجد الإسلام كانت هناك نساء لهن أصالة الرأي، وحكمة المشورة في نوع مهمتها.

فمثلاً يحدثنا التاريخ أن ملك (كندة) سمع عن جمال امرأة اسمها (أم إياس) بنت عوف بن محل الشيباني، فأراد أن يتزوجها، فدعا امرأة من (كِندة) يقال لها: (عصام) وكانت ذات أدب وبيان وعقل لسان، وقال لها: اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف. أي أرسلها خاطبة. فلما ذهبت إلى والدة (أم إياس) واسمها (أمامة بنت الحارث) وأعلمتها بما جاءت له. وأرسلت الأم تستدعي الابنة من خيمتها، وقالت لها: هذه خالتك جاءت لتنظر إلى بعض شأنك فلا تستري عنها شيئاً أرادت النظر إليه من وجه وخلق ونَاطقِيها فيما استنطقتك به. فلما اختلت (عصام) بالبنت فعلت مثل ما أمرتها أمها. وكشفت للخاطبة (عصام) عن كل ما تريد من محاسنها، فقالت الخاطبة كلمتها المشهورة: (ترك الخداع ما انكشف القناع). وصار هذا القول مثلاً، أي أن القناع عندما يزول يرى الإنسان الحقيقة، وعادت الخاطبة (عصام) إلى الملك فسألها: (ما وراءك يا عصام) إنه يسأل: أي خبر جئت به من عند (أم إياس)؟ فقالت: (أبدي المخض عن الزبد). والمخض هو: هزّ الحليب في القربة ليفصل الزبد عن اللبن. وذلك يعني أن رحلتها قد جاءت بنتيجة. فقال لها: أخبريني. قالت: أخبرك حقاً وصدقاً. ووصفتها من شعرها إلى قدمها وصفاً أغرى الملك. فأرسل إلى أبيها وخطبها وزفت إليه. وفي ليلة الزفاف نرى الأم العاقلة توصي ابنتها في ميدان عملها، في ميدان أمومتها، في ميدان أنوثتها، قالت الأم لابنتها: (أي بنية، إن النصيحة لو تركت لفضل أدب لتركت لذلك منك- أي أنها كأم تثق في أدب ابنتها ولا تحتاج في هذا الأمر لنصيحة- ولكنها معونة للغافل وتذكرة للعاقل. إنك غداً ستذهبين إلى بيت لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه. فكوني له أمةً يكن لك عبداً. واحفظي عني عشر خصال تك لك ذخراً) .

وانظروا إلى الخصال التي استنبطتها المرأة من ميدان رسالتها، تستمر كلمات الأم:(أما الأولى والثانية: فالمعاشرة له بالسمع والطاعة والرضا بالقناعة، وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموقع عينه وموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح. والخامسة والسادسة: التفقد لوقت طعامه والهدوء عند منامه فإن تنغيص النوم مغضبة، وحرارة الجوع ملهبة. أما السابعة والثامنة: فالتدبير لماله والإرعاء على حشمه وعلى عياله. وأما التاسعة والعاشرة: فألا تفشي له سرّاً ولا تعصي له أمراً؛ فإنك إن أفشيت سرّه لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره، وإياك بعد ذلك والفرح إن كان ترحاً والحزن إن كان فرحاً).

فذهبت أم إياس بهذه النصائح إلى زوجها وأنجبت له البنين والبنات وسعدت معه وسعد معها.

تلك نصيحة من أم تدل على منتهى التعقل، ولكن في أي شيء؟. في ميدان مهمتها. إذن فالمرأة يمنحها الله ويعطيها أن تتعقل ولها ميدان ولا يأتي هذا التعقل غالباً إلا في ميدانها. ولأن ميدان الرجل له حركة تتطلب الحزم، وتتطلب الشدة، والمرأة حركتها تتطلب العطف والحنان؛ والأمثال في حياتنا اليومية تؤكد ذلك، إن الرجل عندما يدخل بيته ويحب أن ينام، قد يأتي له طفله صارخاً باكياً، فيثور الأب على زوجته ويسب الولد ويسب أمه، وقد يقول ألفاظاً مثل:(اكتمي أنفاسه إني أريد أن أستريح). وتأخذ الأم طفلها وتذهب تربت على كتفه وتسكته، ويستجيب لها الطفل، فهذه مهمة الأم، ولذلك نجد أن الأحداث التاريخية العصيبة تبرز الرجل في مكانه والمرأة في مكانها.

فمثلاً: سيدنا إبراهيم عليه السلام أسكن هاجر وابنها إسماعيل بوادٍ غير ذي زرع، قالت له: أتتركنا في مكان ليس فيه حتى الماء، أهذا نزلته برأيك أم الله أنزلك فيه؟. قال لها: أنزلني الله هذا المكان. فقالت له: ساذهب كما شئت فإنه لا يضيعنا. هذه المهمة للمرأة. هاجر مع طفل في مكان ليس فيه مقوم الحياة الأول وهو الماء. فانظروا عطفها وحنانها، ماذا فعلت؟ لقد سعت بين الصفا والمروة، صعدت الجبل إلى أن أنهكت قواها.

إن الذي يذهب إلى الحج أو العمرة ويجرب الأشواط السبعة هذه يعرف أقصى ما يمكن أن تتحمله المرأة في سبيل ابنها؛ لأن هذا موقف عطف وحنان، ابنها يريد أن يشرب.

وكأن الله قال لها: إنك قد سعيت ولكني سأجعل رزقك من حيث لا تحتسبين، أنت سعيت بين الصفا والمروة، والماء ينبع تحت قدمي ولدك. إذن فصدقت في قولها: إنه لا يضيعنا، ولو أن سعيها جاء بالماء لظننا جميعاً أن السعي هو الذي يأتي بالماء، ولكن اسع ولا تعتقد في السعي، بل اعتقد في الرزّاق الأعلى، تلك مسألة ظاهرة في أمنا هاجر.

وحينما جاء موقف الابتلاء بالذبح، اختفت هاجر من المسرح، وجاء دور سيدنا إبراهيم بحزمه وعزمه ونبوته. ورأي في الرؤيا أنه يذبح ابنه، أين أمه في هذا؟ اختفت من المسرح؛ لأن هذا موقف لا يتفق مع عواطفها وحنانها. إذن فكل واحد منهما له مهمة. والنجاح يكون على قدر هذه المهمة. ولذلك يقول الحق: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} فساعة ترى جنساً أخذ شيئاً وجنساً آخر أخذ شيئاً، إياك تشغل بالك وتتمنى وتقول: (أريد هذه)، ولكن اسأل الله من فضله؛ لأن كلمة (ولا تتمنوا) هي نهي عن أن تتمنى ما فضل الله به بعضا على بعض، ولذلك يقول: {واسألوا الله مِن فَضْلِهِ}. وما دمت تسأل الله من فضله؛ فهنا أمل أن يعطيك.

وقد يرى البعض هنا مشكلة فيتساءل: كيف ينهانا الله عن أن نتمنى ما فضل الله به بعضنا على بعض فقال: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} مع أن فضل الله من شأنه أن يفضل بعضنا على بعض بدليل قوله: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} فضلاً على أنني أطمع في أن أسأل الله ليعطيني؛ لأنه سبحانه ما أمرنا بالسؤال إلاّ ليعطينا.

ونقول: لا، التمني عادة أن تطلب شيئاً يستحيل أو لم تجر به العادة، إنما السؤال والدعاء هو مجال أن تأتي إلى شيء تستطيع الحصول عليه، فأوضح: لا تذهب إلى منطقة التمني، ولذلك ضربوا المثل للتمني ببيت الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يوماً *** فأخبره بما فعل المشيب

تمنىّ الشاعر أن يعود الشباب يوماً فهل هذا يتأتى؟ إنه لا يتأتى. أو أن يقول قائل: ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ لا. ولكن هذا القول يدل على أن هذا الشيء محبوب وإن كان لم تجر به العادة، أو هو مستحيل، إذن فالسؤال يجب أن يكون في حدود الممكن بالنسبة لك. والحق يوضح: لا تنظروا إلى ما فضل الله به بعضكم على بعض. وما دام الله قد فضل بعضاً على بعض فليسأل الإنسان لا في منطقة ما فضل الله غيره عليه ويطلبه لنفسه ويسلبه من سواه، ولكن في منطقة أن توفق في إبراز ما فضلك الله به؛ ولذلك نجد الحق في آيات التفضيل يقول: {والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ فِي الرزق}.. [النحل: 71].

وما هو الرزق؟ هل هو نقود فقط. لا. بل الرزق هو كل ما ينتفع به، فالحلم رزق، والعلم رزق، والشجاعة رزق، كل هذا رزق، وقوله الحق: {مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} يجعلنا نتساءل: من هو المفضل ومن هو المفضل عليه؟ لأنه قال: (بعضكم). لم يبينها لنا، إذن فبعض مفضل وبعض مفضل عليه.

وسؤال آخر: وأي بعض مفضل وأي بعض مفضل عليه؟ إن كل إنسان هو فاضل في شيء ومفضول عليه في شيء آخر، فإنسان يأخذ درجة الكمال في ناحية، وإنسان يفتقد أدنى درجة في تلك الناحية، لكنه يملك موهبة أخرى قد تكون كامنة ومكتومة. وهذا يعني التكامل في المواهب، وهذا التكامل هو أسنان الحركة في المجتمع.

لننتبه إلى التروس، نحن نجد الترس الزائد يدخل في الترس الأقل، فتدور الحركة، لكن إذا وضعنا ترساً زائدا مقابل ترس زائد مثله فلن تحدث الحركة. إذن فلابد أن يكون متميزا في شيء والآخر متميزاً في شيء آخر فيحدث التكامل بينهما، ومثل ذلك قلنا: الليل والنهار، الليل يعينني على حركة النهار، وقلنا: إن السيف في يد الفارس يضرب به ويقتل، ولو لم يسنّه خبير في الحدادة ويشحذه ويصقله لما أدى السيف مهمته، وقد لا يستطيع هذا الخبير في صقل السيوف الذهاب للمعركة، وقد يخاف أن يضرب بالسيف، لكن له فضل مثل فضل المحارب بالسيف.

إن كل واحد له مهمة يؤديها، والأقدار تعطي الناس مواهبهم المتكاملة وليست المتكررة المتعاندة، وما دامت المواهب متكاملة فلا أحسد من تفوّق عليّ في مجال ما؛ لأنني أحتاج إليه، وهو لا يحسدني إن تفوقت عليه في موهبة أو عمل لأنه يحتاج إلى، إذن فأنا أريده أن يتفوق، وهو يريدني أن أتفوق، وذلك مما يحبب الناس في نعم ومواهب الناس، فأنا أحب النعمة التي وهبها الله للآخر، وهو يحب النعمة والموهبة التي عندي.

مثال ذلك عندما نجد رجلا موهوبا في تفصيل الملابس ويحيك أجود الجلابيب فالكل يفرح به، وهذا الرجل يحتاج إلى نجار موهوب ليصنع له باباً جيداً لدكانه، ومن مصلحة الاثنين أن تكون كل نعمة عند واحد محمودة، ولذلك سمانا الله (بعضا) و(بعضا) ويتكون الكل من بعض وبعض، فأنت موهوب في بعض الأمور ولا تؤدي كل الأمور أبداً، ولكن بضميمة البعض الآخر نملك جميعاً مواهب بعضنا بعضا.

ويتابع الحق: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبوا وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبن} فمهمة النجاح للرجل أو المرأة هو أن يكون كل منهما صالحاً ومؤديا للمهمة التي خُلق من أجلها، بعد ذلك يكون حساب الثواب والعقاب وكل واحد على قدر تكليفه.

فالثواب والعقاب يأتي على مقدار ما يقوم كل مخلوق مما كلف به.

والمثال على اختلاف مهمة الرجل عن مهمة المرأة، يتجلى في أننا نجد الرجل عندما تغضب امرأته أو تمرض، ويكون عنده ولد رضيع، فهل يستطيع هو أن يرضع الطفل؟ طبعاً لا؛ لأن لكل واحد مهمة؛ فالعاقل هو من يحترم قدر الله في خلقه، ويحترم مواهب الله حين أعطاها، وهو يسأل الله من فضله، أي مما فضله به ليعطي له البركة في مقامه. وحين يقول الحق: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبوا وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبن} نلحظ أن هذه تساوي تلك تماماً.

{واسألوا الله مِن فَضْلِهِ إِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} ومن واسع علمه سبحانه أنه وزع المواهب في خلقه حتى يتكامل المجتمع ولا يتكرر؛ لأن تكرار المجتمع هو الذي يولد الشقاق، أما تكامله فيولد الوفاق، وسبب نزول الآية {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} أن النساء قلن: إننا لم يكتب علينا الجهاد وأعطانا ربنا نصف الرجل من الميراث، وقد أوضح الحق من قبل للمرأة أنها أخذت نصف الرجل لأنها محسوبة على غيرها ولن تصرف وتنفق من دخلها على نفسها، بل سيصرف الرجل وينفق عليها، والمسألة بذلك تكون عادلة. وكذلك قال الرجال: ما دام الله قد فضلنا في الميراث، وأعطانا ضعف نصيب المرأة فلعله يفضلنا في الآخرة ويعطينا ضعف ثوابها، فيصنع الرجل العمل الواحد ويريد الضِّعف!.

وانظر لذكاء المرأة، حينما قالت: ما دام ربنا أعطانا نصف ميراثكم فلماذا لا يعطينا نصف العقوبة إذن؟ فأوضح لهم الله: اهدأوا {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} أي أن على كل واحد أن يرضي بما قسمه الله له.

وبعد ذلك يقول الحق: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ...}.

المصدر: موقع نداء الإيمان


خواطر متعلقة:

خواطر الشعراوي لجزاء التغلب على الشهوات

خواطر الشعراوي حول الحكم اللإلهى للعدوان والتعدى

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان