تفسير قوله تعالى "كلّا إن كتابَ الأبرار لَفي علِّيين"

كتب- محمد قادوس:

يقدم لنا الدكتور عصام الروبي- أحد علماء الأزهر الشريف- تفسيراً ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والأسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير الآية القرآنية {كلا إن كتاب الأبرار لفي علِّيين، وما أدراك ما علِّيون، كتاب مرقوم}. [المطففين: 18،19]

كلا، أي: ليس الأمر كما يزعمه هؤلاء الفجرة من إنكار البعث ومن أن القرآن الكريم خرافات وأكاذيب الأولين.

كتاب الأبرار، ما كتب من أعمالهم.

عِلِّيين، جمع عِلِّيّ- بكسر العين وتشديد اللام المكسورة- من العلو.

ويرى بعضهم أن هذا اللفظ مفرد، وأنه اسم للديوان الذي تكتب فيه أعمال الأبرار.

وما أدراك، والمعنى: ما الذي أعلمك يا محمد أي شيء عليون؟ والاستفهام عنه استفهام تفخيم لشأن هذا الديوان، وتنويه لعظيم بشرفه.

كتاب مرقوم، أي: إن علِّيين كتاب قد رقم وسطر فيه ما أعده الله لهم من الثواب ومما يوجب سرورهم وبهجتهم.

وفي هذا تشويق من الله للعباد في الدنيا لينالوا هذه المكانة، وينزلوا هذه المنزلة، وهذا بالحسن من الأعمال ومفارقة قبيحها.

خلاصه المعنى في الآية الأولى: أن الحق تبارك وتعالى يخبر بأن ما يفعله الأبرار من أعمال الخير والطاعة مسطور ومكتوب في ديوان الخير الذي يُكتب فيه كل ما عملته الملائكة وصالحو المؤمنين من الإنس والجن، وسمي بذلك لأنه سبب الارتفاع إلى الجنات؛ إذ يرقى الأبرار ويرتفعون من درجة إلى أخرى حيث يشاء الله من رضوانه وقربه.

وخلاصة المعنى في الآية الثانية: يخبر الحق تبارك وتعالى نبيه عن حقيقة الكتاب الذي تُسجل فيه أعمال الأبرار المتقين وصحائف أعمالهم فهو مرقوم مكتوب لا يتغير ولا يتبدل في أسمى مكان وأعلاه، وهو كتاب واضح بيِّن، يقرؤه أصحابه بسهولة ويسر، فتنشرح صدورهم، وتقر عيونهم