هل الله سبحانه وتعالى يحب؟.. القرآن الكريم يجيب (6)
كتب - إيهاب زكريا:
هل الله عز وجل يحب ويكره؟ سؤال يتبادر إلى ذهن الكثيرين، وقد أجاب عنه القرآن الكريم في آياته الحكيمة، التي إذا تتبعناها لوقر في يقيننا أن الله يحب ولا يحب، وهذا ما نجده في آيات كثيرة من كتاب الله العزير.. وفي حلقات متواصلة يرصد مصراوي كيف أجاب القرآن الكريم عن السؤال: هل الله عز وجل يحب ويكره؟
(6)
إن الله يحب المقسطين
قال تعالى: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42].
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].
قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
تفسير كلمة (المقسطين) في القرآن الكريم:
سورة المائدة آية 42:
جاء في أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري: "أمر الله تعالى المؤمنين أن يكونوا قوامين لله تعالى بسائر حقوقه عليهم من الطَّاعات، وأن يكونوا شهداء بالعدل، لا يحيفون ولا يجورون في شـيء، سواء كان المُشهدُ عليه وليًّا أو عدوًّا، ونهاهم أن يحملهم بغض قوم أو عداوتهم على ترك العدل وقد أمروا به، ثم أمرهم بالعدل وأعلمهم أن أهل العدل هم أقرب الناس إلى التقوى".
سورة الحجرات آية 9:
جاء في التفسير الميسر: وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا -أيها المؤمنون- بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكمهما، فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت الإجابة إلى ذلك، فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله، فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالإنصاف، واعدلوا في حكمكم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله، إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط. وفي الآية إثبات صفة المحبة لله على الحقيقة، كما يليق بجلاله سبحانه.
سورة الممتحنة آية 8:
جاء في تفسير الطبري:
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين): إن الله يحبّ المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.
جزاء المقسطين:
مقام المقسطين بين الناس عظيمًا يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)). رواه مسلم.
معنى القسط:
جاء في تاج العروس للزبيدي: "وقولُه تعَالى: ﴿ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 282]؛ أَي: أَقْوَمُ وأَعْدَلُ، كالإِقسَاطِ، يُقال: قَسَطَ في حُكْمِهِ، وأَقْسَطَ؛ أَي: عَدَلَ، فهو مُقْسِطٌ، وفي أَسْمَائِه تَعَالَى الحُسْنَى: المُقْسِطُ: هو العادِلُ، ويُقَال: الإِقْسَاطُ: العَدْلُ في القِسْمَة فقط"
كما جاء القسط في القرآن العظيم - أيضًا - في توثيق الدَّيْنِ بكتابته، وإن كان مبلغًا صغيرًا، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾ [البقرة: 282]، وفي ذلك ربط بين توثيق الأمور بكتابتها مع القسط الذي يحبُّ الله جل جلاله أهلَه.
والمقسطون هم الذين يؤدون أمر الله جل جلاله بين الناس؛ لذلك فإنَّ من يقتل المقسطين فإنه يستحق العذاب؛ لأنه يقتل أحبابَ الله جل جلاله، والله جل جلاله يغار على أحبابه، ويدافع عنهم، ومقابل ذلك فإن الله جل جلاله سيعذب من يقتل المقسطين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21].
فيديو قد يعجبك: