آية ومعنى (2): {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}
كتب- محمد قادوس:
في حلقات يومية، يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا ميسرا لبعض آيات من القرآن الكريم على مدار الشهر الكريم، ومن ثانى الآيات قول الله تعالى..{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.. [النجم: 32].
وشرح مختصو المركز معنى الآية الكريمة بأنها تُحذِّر من مرضٍ من أمراض القلوب، وقع فيه العديد من الناس، وهو إعجاب المرء بنفسه وعمله، وحب الرياء والثناء من الآخرين، فنهى الله عز وجل المؤمنين عن تزكية أنفسهم بادعاء الكمال والطهر، فخرا وإعجابا، فلا تشهدوا بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي، فإن الله عز وجل أعلم بمن اتقى منكم ربه، فخاف عقابه، وأدَّى فرائضه، واجتنب نواهيه، ولا تمدحوا أنفسكم، فإنه أعلم بكم من أنفسكم، ولا عبرة بتزكيتكم أنفسكم، وإنما العبرة بتزكية اللّه لكم.
فالنهى عن تزكية النفس، هو نهى عن إخلاء النفس من مشاعر الاتهام لها بالتقصير في طاعة الله عز وجل، ونهي عن الاطمئنان إلى النفس، واعتبارها مزكّاة مطهرة، لا تحتاج إلى تزكية وتطهير، بل ينبغي النظر إليها نظرة لا ترفعها إلى درجة الكمال، وتفويض الحكم عليها إلى الله وحده يوم الحساب.
وليس مرادا بالنهي البعد عن السعي إلى كل ما يزكى النفس، ويطهرها من الذنوب والمعاصي ، وهو أمر مطلوب شرعا من كل إنسان يطلب الفوز والنجاة، كما قال عز وجل: * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.. [الشمس: 7 - 11].
وإعجاب المرء بنفسه مبطل لعمله كالرياء والشرك، ومهلِك له من حيث لا يدري، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ خَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ".. شعب الإيمان للبيهقي.
وفي الآية دلالة على شمول علم اللّه وإدراكه وإحاطته بأحوال الناس منذ بدء خلقتهم، و معرفته محسنهم و مسيئهم، و قدرته ـ وحده ـ على حسابهم ومجازاتهم، على قدر أعمالهم الصالحة والسيئة.
اقرأ أيضاً...
فيديو قد يعجبك: