باب الاستخارة والمشاورة
قال الله تعالى: ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ))- سورة آل عمران آية من الآية 159
وقال تعالى وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ - سورة الشورى من الآية 38
الاستخارة أي سؤال خير الأمرين والتوفيق له، أما المشاورة فهي للغير عند إرادة شيء ما.
عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به قال: ويسمي حاجته رواه البخاري.
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة) أي طلب الخيرة: أي يعلمهم كيفيته من صلاة ودعاء
(في الأمور كلها) التي يريد الإقدام عليها بشرط أن تكون مباحة
(كالسورة من القرآن) أي تعليمها كتعليم السورة، وهذا فيه بيان إتقانه للذكر وعدم اشتباهه عليه
(يقول: إذا هم أحدكم بالأمر) الجائز فعلاً أو تركًا
(فليركع) ندبًا
(ركعتين) بيان لأقل ما تحصل به
(من غير الفريضة) بيان للأكمل وإلا فيحصل فضلها بما إذا صلى فريضة أو راتبة ونوى بها الاستخارة
(ثم ليقل) أي عقب فراغه من الصلاة مستقبل القبلة رافعًا يديه بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ هما سنتان في كل دعاء
(اللهم إني أستخيرك بعلمك) أي أسألك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها
(وأستقدرك بقدرتك) أي أسأل منك أن تقدرني على خير الأمرين
(وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر) على كل ممكن تعلقت به إرادتك
(ولا أقدر وتعلم) كل شيء كلي وجزئي وممكن وغيره
(ولا أعلم) أي شيء من ذلك إلا ما علمتني
(وأنت علام الغيوب) لا يشذ عن علمك منها شيء ولا يحيط أحد من خلقك منها بشيء إلا ما علمته باطلاع على جزئياتها
(اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر) أي الذي عزمت عليه
(خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري) بأن لا يترتب عليه نقص ديني ولا دنيوي
(أو) شك من الراوي
(قال: عاجل أمري وآجله) هذا إطناب لشمول ديني ومعاشي لذلك
(فاقدره لي) أي اقض به وهيئه لي
(ويسره لي) عطف تفسير أو أخص؛ إذ الإقدار قد يكون نوع مشقة
(ثم) إذا حصل لي
(بارك لي فيه) بنموه ونمو آثاره وسلامتها من جميع القواطع
(وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه) صرح به للمبالغة والتأكيد لأنه يلزم من صرفه عنك صرفك عنه وعكسه، ويصح كونه تأسيسًا بأن يراد بإصرفه عني: لا تقدرني عليه، وبإصرفني عنه: لا تبق في باطني اشتغالاً به
(واقدر لي الخير) أي ما فيه ثواب ورضا منك على فاعله
(حيث كان) أي قدرني على فعله في أي مكان وأي زمان حصل
(ثم أرضني به) حتى لا أزدري شيئًا من نعمك ولا أحسد أحدًا من خلقك، وحتى أندرج في سلك الراضين الممدوحين بقولك رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
(ويسمي حاجته) عطف على فليقل، أي فليقل ذلك مسميًا حاجته فيقول: اللهم إن كنت تعلم أن حجي هذا العام مثلاً.
فيديو قد يعجبك: