إعلان

7 وصايا نبوية في حديث الرسول "من نفّسَ عن مؤمن كُربة".. يوضحها علي جمعة

01:00 ص الجمعة 13 مايو 2022

الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق

كـتب- علي شبل:

ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:‏ (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة‏,‏ ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة‏,‏ ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة‏,‏ والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‏,‏ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة‏,‏ وما اجتمع قوم في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده‏,‏ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) ‏(صحيح مسلم‏).

وحول الوصايا النبوية التي وردت في الحديث السابق، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن في هذا الحديث الكريم‏، جمع لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعا من الوصايا الثمينة‏، والتي تعد من الأعمدة الرئيسية لبناء المجتمع الإسلامي‏، المعينة له في أزماته‏، والمحفزة على توثيق مشاعر الرحمة والمودة فيما بين أفراده‏.

‏ورصد جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، 7 وصايا نبوية، وهي:

1- تحث الوصية الأولي على تنفيس الكرب عن الناس‏,‏ وجعلها صلى الله عليه وآله وسلم في صيغة المفرد النكرة لتعظيم الثواب‏,‏ فالحساب على مستوي الكربة الواحدة مع الفارق العظيم بين كرب الدنيا وكرب يوم القيامة‏,‏ وجعلها غير مرتبطة بزمن للحث على فعلها طوال الوقت‏,‏ واختار الفعل نفس لتأكيد الراحة النفسية المصاحبة لزوال الكرب‏,‏ وجعل الثواب من الله مباشرة حيث لا توجد واسطة أو حائل‏,‏ جميع هذه الأمور اجتمعت في الوصية الأولى وهي وصية جامعة مطلقة تصلح لكل زمان ومكان‏.

‏2- وفي الوصية الثانية‏،‏ تناول شكلا آخر من أشكال تنفيس الكرب‏,‏ وقد أفردها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في وصية بمفردها لتأكيدها والحث عليها وبيان عظم أجرها‏,‏ فالمعسر في كرب مستمر ومن دعائه صلى الله عليه وآله وسلم اليومي (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر)‏,‏ فاستعاذ عليه الصلاة والسلام من الفقر كأنه بلاء‏,‏ وقرنه بالكفر وعذاب القبر لشدته على المؤمن‏,‏ وقد جعل الإسلام سهما من اسم الزكاة للغارمين تأكيدا لأهمية التنفيس عن المسلمين في أزماتهم‏,‏ والتيسير على المعسر‏:‏ منه فرض ومنه مندوب‏,‏ أما الفرض فهو الإنظار أي تأجيل الدين لحين ميسرة كما قال تعالى‏:‏ (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) ‏[البقرة‏:280],‏ والمندوب هو إسقاط الدين عن المعسر‏,‏ ومن عجائب هذا الفرع أن المندوب هنا له أجر أكبر عند الله من فرضه‏,‏ وهو خلاف ما عليه أغلب الفروع الفقهية من كون الفرض أكثر ثوابا من المندوب إلا في أربعة فروع هذا منها‏,‏ والفرع الثاني هو البدء بالسلام الذي هو سنة وهو أثوب من رد السلام الذي هو فرض‏,‏ والفرع الثالث التطهر قبل الوقت‏, والرابع ختان الذكور قبل بلوغهم‏.

3- والوصية الثالثة تأمر بالستر‏,‏ وهو ضد الفضيحة وعليه مبنى الدين‏,‏ وفي عصرنا يدعو كثير من الناس إلى ما سماه الشفافية ولها معنى صحيح ومعنى قبيح‏,‏ والمعنى القبيح هو الدعوة إلى الاستهانة بالفاحشة وسيء القول والأخلاق بدعوى الشفافية‏, والشفافية بالمعنى الصحيح هي الصدق وليس الفضيحة‏,‏ قال تعالى‏:‏ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ‏[‏ النور‏:19].

‏4- والحقيقة الكونية الشرعية هي أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه‏,‏ وهي وصية تدل على أن قلب المسلم يتسع للعالمين‏,‏ وأنه دائما على استعداد أن يتعاون على البر والتقوى‏,‏ لا على الإثم والعدوان‏,‏ وأنه كلما تعاون مع أخيه يشعر بأن الله معه‏.

5- والوصية الخامسة تجعل السعي إلى طلب العلم بكل أشكاله هو سعي في طريق الجنة‏,‏ وهي بلاغة لا نجدها إلا في كلام أفصح العرب وسيد المرسلين‏,‏ فشراء الكتاب وحضور المحاضرة والبحث العلمي من موجبات الجنة‏,‏ قال تعالى‏:‏ (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ‏[الزمر‏:9],‏ وبين أن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة فقال‏:‏ (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ‏[طه‏:114],‏ وأنه لابد للباحث والعالم أن يتعلم أبدا‏,‏ قال تعالى‏:‏ (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ‏[يوسف‏:76],‏ وهذا نهايته الخوف من الله‏:‏ (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) ‏[فاطر‏:28].

‏6- والوصية السادسة توصي بجعل المسجد مؤسسة من مؤسسات المجتمع فيها بناء الإنسان قبل البنيان‏,‏ وفيها الاهتمام بالساجد قبل المساجد‏,‏ وفيها مفاتيح الخير من علم وذكر وفكر‏.

‏7- أما الوصية السابعة‏,‏ فهي تبين المعيار الذي يجب علينا أن نتخذه لقبول الأشياء وردها وتقويم الناس‏,‏ والذي يبنى على المساواة لا على الأحساب والأنساب.

‏‏ويؤكد فضيلة المفتي السابق أن هذه هي صورة المجتمع الذي أراده لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏,‏ وهناك قصور شديد في مجتمعنا المعاصر يشكو منه الكل ويطالبون بالعودة إلى الأزمان التي رأيناها‏، فقوة الأمم بقوة المجتمعات‏..‏ والله من وراء القصد‏.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان