إعلان

تأملات في حادثتي شق صدر النبي

04:11 م الأحد 12 يناير 2014

بقلم – هاني ضوَّه:

في حياة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم ومنذ صغر سنه من المعجزات والإرهاصات الكثير، جائت لتدل على أنه خاتم النبيين بحق، وأنه سيد ولد آدم، وأنه إنسان الكمال الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق وليكون للناس فيه أسوة حسنة، لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.

 

ومن هذه الإرهاصات التي وقعت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حادث شق صدره الشريف، ودلل عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}، والذي حدث مرتين الأولى في حال الطفولة وهو ابن أربع سنوات وكان لتنقية القلب الشريف من مغمز الشيطان، وليُطهر ويُقدس من كل خلق ذميم، حتى لا يتلبس بشئ مما يُعاب على الرجال، وحتى لا يكون فى قلبه شئ إلا التوحيد من الصِغر.

 

وكان شق الصدر في المرة الأولى كما في بعض الروايات: بماء زمزم، وقيل: بالثلج؛ وذلك ليناسب ثلج اليقين وبَرْده على الفؤاد.

 

وبعدها صارت أفضل أوقات الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم تمضي في التأمل والصمت، وعرف وجهه لون الجد العذب والحكمة التي تميز وجوه كبار الرجال.

 

أما المرة الثانية فجاءت بعد ما نُبئ صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله، قبل الإسراء والمعراج، وذلك عندما أراد الله تعالى القدوس أن يرفعه إلى الحضرة المقدسة التي لا يصعد إليها إلا كل مقدسٍ طاهر، فكان شق الصدر وتقديسه أي تطهيره ليناسب ما هو مقبل عليه صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله.

 

وفي هذا أيضاً من التطهير والتقديس ما يناسب ما هو مقدم عليه من الصلاة بملائكة السماء والنبيين، فمن شأن الصلاة التطهير أي التقديس قبلها.

 

وفي حادثة شق الصدر الشريف الثانية كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم موقناً منبئاً فطُهِّرَ لمعنى آخر كما تقدم من الصعود إلى الحضرة المقدسة والصلاة بالملائكة والنبيين عليهم سلام الله تعالى وصلواته.

 

حادثة شق الصدر الأولى:

رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني سعد وفي السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقعت حادثة شق صدره الأولى كما روى الإمام مسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله فى طِسْتْ من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَهُ -أي جمعه- وضم بعضه ٳلى بعض ثم أعاده فى مكانه.

 

وجاء أخوه من الرضاعة إلى السيدة حليمة السعدية فقال: ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه، فخرجت السيدة حليمة وزوجها نحوه فوجدناه منتقعًا لونه، فاحتضناه وقالا له: مالك يا بني؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فقال أحدهما لصاحبه أهو هو؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدراني فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا فيه شيئا فأخذاه وطرحاه ولا أدري ما هو.

 

وبعد هذه الواقعة خَشِيَتْ السيدة حليمة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحملته وزوجها إلى أمه السيدة آمنة فاستغربت لهذه العودة المفاجئة، فلم تزل السيدة آمنة تلح على حليمة حتى أخبرتها ما وقع له، فقالت السيدة آمنة: أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، واخبرتهما ما رأت حين حملت به وحين ولد ثم قالت لحليمة دعيه وانطلقي راشدة، فظل عند السيدة آمنة حتى بلغ ست سنين وتوفت السيدة آمنة فكفله جده.

 

حادثة شق الصدر الثانية:

جاءت واقعة شق الصدر الثانية قبيل الإسراء والمعراج لتكون بمثابة الإعداد الإلهي لهذه الرحلة المباركة، فقد صحت الروايات في قيام جبريل عليه السلام بشق صدر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغسله بماء زمزم وإفراغ الحكمة والايمان في صدره.

 

ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه؟ ثم أخذ بيدي فعرج بي الى السماء الدنيا.

 

إن هذه الإرهاصات والمعجزات التي وقعت دليل واضح على أن الله سبحانه قد هيأ الكون كله منذ آلاف السنين ليستقبل بعثة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم الذى تختم به الرسالة وتتم النعمة ويكمل الدين، وتظهر مدى قدر وعظمة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما منّ الله به عليه من الرعاية الكاملة والرسالة الشاملة.

 

موضوعات ذات صلة:
- لمحات من طفولة سيد السادات
- مولدة صلى الله عليه وسلم
- رضاعة صلى الله عليه وسلم
- المعجزة الكبرى القرآن الكريم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان