"حلف الفضول" مفوضية حقوق الإنسان في الجزيرة العربية التي أشاد بها النبي
04:16 م
الأربعاء 03 أكتوبر 2018
كتب - أحمد الجندي:
ربما لم يمتدح النبي صلى الله عليه وسلم من الجاهلية سوى أشخاص ومناسبات قليلة، خاصة مع ما انتشر في الجاهلية من بغي وظلم وعبادة الأصنام، وكافة أنواع الرذائل، إلا أن النبي الذي عاش في مكة المكرمة طفولته وشبابه، وله فيها ذكريات عزيزة، امتدح حِلْف الفضول وما يتضمنه من مكارم الشيم وعظيم الأخلاق من هذه الذكريات التي ملكت عليه قلبه، حتى أنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قال بعد أن أكرمه الله بالنبوة والرسالة: ( لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان، ما أحبّ أن لي به حمر النعم ) رواه أحمد والألباني.
وحِلْف الفضول هو أحد الأحلاف التي وجدت قبل البعثة النبوية بعشرين سنة تقريباً، ويعتبر أكرم أحلاف العرب، وأشرفها، ويُشار إلى أن الزبير بن عبد المطلب هو بادرة الخير لتأسيس هذا الحِلْف، وقد كان هذا الحِلْف في دار عبد الله بن جُدعان، واتفق جماعة الحِلْف أن يقوموا بنصرة المظلوم، والدفاع عنه، وأخذ حقه ممن ظلمه، ويتميز حِلْف الفضول بمكارم الأخلاق والقيم، فقد كان حلف الفضول تجمعاً على التعاضد والتساند والاتفاق الإنساني؛ بغية نصرة المظلومين، والدفاع عن حقوقهم، ويعد أعظم مفاخر العرب في فترة ما قبل الإسلام.
يعود السبب وراء نشأة حِلْف الفضول -طبقًا لما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية- أن رجلاً من زبيد أتى إلى مكة المكرمة ومعه بضاعة له، وباعها للعاص بن وائل، ولكنه لم يعطه حقه، فاستعدى الزبيدي كلاً من عبد الدار، ومخزوم، وجمح، وسهم، وعدي بن كعب، ولكنهم رفضوا أن يأخذوا له حقه، وعندما أدرك الزبيدي الشر لجأ إلى أبي قبيس، وقد كان حينها رجال قريش في أنديتهم حول الكعبة، ونادى بصوت عالي: (يا آلَ فِهر لمظلومٍ بضاعتُه ببطنِ مكة نائي الدار والنفرِ ومُحرِمٍ أشعثٍ لم يَقضِ عمرتَه يا لَلرجالِ وبين الحِجر والحَجرِ إن الحرام لمن تمَّتْ كرامتُه ولا حرام لثوب الفاجر الغُدَرِ).
عندما سمع الزبير بن عبد المطلب ذلك تولى أمر الرجل، واجتمع كل من هاشم، وزهرة، وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان، وقد أحضر لهم طعاماً، واتفقوا، وتحالفوا، وتعاهدوا بالله على أن يكونوا يداً واحدة على عون المظلوم على الظالم، وبناء على ما سبق قامت قريش بتسمية حلفها بحلف الفضول، ثم ذهب الرجال إلى العاص بن وائل، وأعادوا حق الزبيدي له
اتفقت القبائل العربية الموقعة على حلف الفضول على الدفاع عن حقوق الإنسان. ويشكل هذا الحلف الوثيقة الأولى في حفظ وحماية الحقوق العامة للإنسان. وقد جاء الإسلام ليقرر ذلك، فحرم قتل النفس ودعا لحفظ المال والعرض، ونصرة المظلوم، وحماية الكعبة الشريفة ممن يريدون بها شرا، وكذلك نشر قيم الأخوة والتآزر والتعاون على فعل الخير.
تشير الأدلة المذكورة في فقه السيرة النبوية للإمام البوطي إلى أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام حضر هذا الحلف قبل البعثة النبوية، وبارك هذا الحلف وأثنى عليه بعد البعثة، هذا رغماً عن أن الرجال الذين كانوا في الحلف ليسوا على ما يجب أن يكونوا عليه، ولكن رسولنا الكريم يدعم ويساند الخير أينما يكون وكيفما يكون، أما القطيعة، والتقوقع على الذات فهو ليس من منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن هذا الحِلْف كان محبباً للرسول الكريم
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى:
تزوّجها رسول الله وكان وكيله النجاشي.. فمن هي؟