إعلان

معاذ بن جبل .. أعلم الأمة بالحلال والحرام

07:10 م الأحد 04 مايو 2014

Sahaba-23

بقلم – هاني ضوَّه :

كان أحد الثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتان اللذين جاءوا لمبايعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيعة العقبة الثانية، وكان في الثامنة عشر من عمره، ولكن حب الإسلام قد ملأ شغاف قلبه في ذلك العمر الفتي، فوقف هذا الشاب يبايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن يقوم للحق لا تأخذه فيه لومة لائم.

إنه معاذ بن جبل .. من علماء أمة الإسلام وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال فيه: "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل"، وهو وأحد الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وحسبه شهادة له قول الرسول فيه: "استقرئـوا القرآن من أربعـة: من ابن مسعـود، وسالم مولى أبي حذيفـة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل".

وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن قاضيًا، وقال له: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء"، قــال: أقضـي بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتاب الله"، قال: "فبسنة رسول الله"، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله، ولا في كتاب الله؟"، قال: اجتهد رأيي، فضرب رسول الله صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".

وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يجتمعون حوله ليتعلموا منه أمور الحلال والحرام، وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لو اسْتَخْلَفْتُ معاذ بن جبل، أيْ لو جعلهُ خليفةً من بعده، فسألني عنه ربي عز وجل: ما حَمَلَكَ على ذلك؟ لَقُلْتُ: سمِعْتُ نبِيَّك صلى الله عليه وآله وسلَّم يقول: إنَّ العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل كان مُعاذٌ بين أيْديهم. وقال عنه كذلك من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل.

ومدحه عبد الله بن مسعود فقال عنه: "إنَّ معاذ بن جبل كان أمَّةً قانتاً لله حنيفاً، فقيل له: إِنّ إبراهيم هو الذي كان أمةً قانتاً لله حنيفاً، فقال: ما نسيتُ ولكن هل تدري ما الأمة وما القانت؟ قُلتُ: الله أعلم، فقال: الأمة الذي يعلمُ الخير والقانت المُطيع لله عز وجل ولِرَسوله، وكان مُعاذ بن جبل يُعَلِّمُ الناس الخير وكانَ مُطيعاً لله عز وجل".

وقد أحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاذاً وأوصاه، فعن معاذ بن جبلٍ قال: أخذ بيدي رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وآله وسلم، فقال: "إِنِّي لَأُحِبُّكَ يا معاذ، فقلت: وأنا أُحِبُّكَ يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: فلا تَدَعْ أن تقول في كل صلاةٍ رَبِّ أَعِنِّي على ذكركَ وشكركَ وَحُسْنِ عبادتكَ".

ومن مواعِظِه رضي الله عنه أنه كان يقول: "إنَّ من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويُفْتح فيها القرآن، حتى يقْرأه المؤمن والمنافق، والصغير والكبير، والأحمر والأسود، فَيوشِكُ قائِلٌ أنْ يقول: ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه، فما أظنّ أنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيرَه، إياكم وإياكم وما ابْتُدِع، فإنَّ ما ابتُدِع ضلالة، وأُحَذِّركم من زَيْغَة الحكيم فإنَّ الشيطان يقول: عليَّ في الحكيم كلمة ضلالٍ واحدة".

وكان معاذ بن جبل كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام، وكان يقول في تهجده: اللهم نامت العيون وغارت النجوم، وأنت حي قيوم، اللهم طلبي للجنة بطىء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.

ولما حضر معاذ بن جبل الموت قال لأهله: هل أصبحنا؟ فقالوا: لا، ثم كرر ذلك، وهم يقولون: لا. حتى قيل له أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحبًا بالموت مرحبًا، زائر مغب، وحبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا، وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عن حلق الذكر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان