صُدَيّ بن عجلان
صُدَيّ بن عجلان بن وهب البَاهليّ السُّلَميّ كنيته أبو أمامة، من قيـس غيلان صحابي فاضل زاهد روى علماً كثيراً، أرسله الرسول -صلى الله عليه وسلم إلى قومه فأسلموا.
قومه
بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو أمامة إلى قومه، فأتاهم وهم على الطعام، فرحّبوا به وقالوا: (تعال فَكُلْ). فقال: (إني جِئْتُ لأنهاكم عن هذا الطعام، وأنا رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتيتكم لتُؤمنوا به). فكذّبوه وزَبَروه وهو جائع ظمآن، فنام من الجهد الشديد، فأتِيَ في منامه بشربة لبن، فشَرِبَ ورويَ وعَظُمَ بطنه.
فقال القوم: (أتاكم رجل من أشرافكم وسراتكم فرددتموه، اذهبوا إليه، وأطعموه من الطعام والشراب ما يشتهي). يقول أبو أمامة: (فأتوني بالطعام والشراب فقلت: (لا حاجة لي في طعامكم وشرابكم، فإن الله عزّ وجلّ أطعمني وسقاني، فانظروا إلى الحال التي أنا عليها). فنظروا فآمنوا بي وبما جئتُ به من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).
الشهادة
أنشأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أي غزواً) فأتاه أبو أمامة فقال: (يا رسول الله ! ادْعُ الله لي بالشهادة). فقال: (اللهم سلّمْهُم). وفي رواية أخرى: (ثَبِّتْهُم وغَنِّمْهم). فغزوا وسَلِموا و غَنِموا، ثم أنشأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزواً ثانياً، فأتاه أبو أمامة فقال: (يا رسول الله ! ادْعُ الله لي بالشهادة). فقال: (اللهم ثَبّتْهُم). وفي رواية أخرى: (سَلّمهم و غَنِّمْهم). فغزوا فسلموا وغنِموا.
ثم أنشأ رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- غَزْواً ثالثاً، فأتاه أبو أمامة فقال: (يا رسـول الله! إنّي قد أتيتُكَ مرّتين أسألك أن تدعوَ لي بالشهادة، فقلت: (اللهم سلّمهم وغنّمهم)!! يا رسول الله فادعُ لي بالشهادة!). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم سلّمهم وغنّمهم). فغزوا وسلموا وغنموا، فأتاه بعد ذلك فقال: (يا رسول الله ! مُرْني بعملٍ آخُذُهُ عنك، فينفعني الله به؟!). فقال: (عليك بالصَّوْم، فإنّه لا مثْلَ له).
أنفع الأعمال
أتى أبو أمامة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله! أمرتني بأمر أرجو أن يكون الله قد نفعني به، فمُرْنِي بأمرٍ آخر عسى الله أن ينفعني به). قال: (اعلمْ أنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفع الله لك بها درجة). أو قال حطّ عنك بها خطيئة.
فضله
قال أبو أمامة: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم قال لي: (يا أبا أمامة، إنّ مِنَ المؤمنين مَنْ يَلينُ له قلبي).
كان -رضي الله عنه- كثير الصيام هو وامرأته وخادمه، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عليكَ بالصوم، فإنه لا مِثْلَ له).
جاء رجل إلى أبي أمامة وقال: (يا أبا أمامة! إني رأيت في منامي الملائكة تصلي عليك، كلّما دخلتَ وكلّما خرجت، وكلّما قمت وكلّما جلست!!). قال أبو أمامة: (اللهم غفراً دَعُونا عنكم، وأنتم لو شئتم صلّت عليكم الملائكة). ثم قرأ.
قوله تعإلى: {يا أيُّها الذين آمنوا اذكُروا اللّهَ ذِكْراً كثيراً وسبِّحوهُ بُكْرَةً وأصيلاً، هو الذي يُصلّي عليكم وملائكتُهُ ليُخرجَكم مِنَ الظلماتِ إلى النُّورِ وكان بالمؤمنينَ رَحيماً}.
الوصية
قال سُلَيم بن عامر: (كنّا نجلس إلى أبي أمامة، فيُحدّثنا كثيراً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يقول: (اعقِلوا، وبَلّغوا عنّا ما تسمعون). وقد قال سليمان بن حبيب: (أنّ أبا أمامة الباهليّ قال لهم: (إنّ هذه المجالس من بلاغ الله إيّاكم، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بلّغ ما أرسل به إلينا، فبلّغوا عنّا أحسنَ ما تسمعون).
وقد دخل سليمان بن حبيب مسجد حمص، فإذا مكحول وابن أبي زكريا جالسان فقال: (لو قمنا إلى أبي أمامة صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأدّينا من حقّه وسمعنا منه). فقاموا جميعاً وأتوه وسلّموا عليه.
فردّ السلام وقال: (إنّ دخولكم عليّ رحمةٌ لكم وحجّة عليكم، ولم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شيءٍ أشدَّ خوفاً من هذه الأمة من الكذب والمعصية، ألا وإنه أمرنا أن نبلّغكم ذلك عنه، ألا قد فعلنا، فأبْلِغوا عنّا ما قد بلّغناكم).
العِظَة
وعَظَ أبو أمامة الباهليّ فقال: (عليكم بالصبر فيما أحببتُم وكرهتم، فنعم الخصلة الصبر، ولقد أعجبتكم الدنيا وجرّت لكم أذيالها، ولبست ثيابها وزينتها إنّ أصحاب نبيّكم كانوا يجلسون بفناءِ بيوتهم يقولون: (نجلس فنُسَلّمُ ويُسَلّمُ علينا).
وقال أبو أمامة: (المؤمنُ في الدنيا بينَ أربعةٍ: بين مؤمن يحسده، ومنافق يُبغضه، وكافر يُقاتله، وشيطان قد يُوكَلُ به). وقال: (حبّبوا الله إلى الناس، يُحْبِبْكُم الله).
وفاته
عُمِّر أبو أمامة طويلاً وتوفي سنة (81 أو 86 هـ) في خلافة عبد الملك بن مروان، وقد كان آخر من توفى من الصحابة بالشام.
فيديو قد يعجبك: