من بيت النبوة (3): خديجة سيدة بيت النبوة الأولى
كتب – هاني ضوه :
تحت عنوان: (من بيت النّبوة)، يقدم مصراوي حلقات متفرقة سيراً لشخصيات طاهرة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا التقرير نرصد نبذة تاريخية عن أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد، خديجة القلب، أحب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .. فهي سيدة بيت النبوة الأولى، حيث كانت أولى زوجاته الكرام وأحبهم إليه حتى إنه لم يتزوج امرأة أخرى في حياتها، وبعد مماتها كان حريصًا أن يود كل من يحبها ويكرمهم، وكان صلوات الله وسلامه عليه وآله يظهر حبها حتى بعد موتها لدرجة أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تغار منها.
والسيدة خديحة رضي الله عنها من بيت كريم ونسب أصيل، فأبوها خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب يلتقي نسبها بنسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصي بن كلاب، كان والدها زعيم بني أسد يروى أنه وقف وواجه آخر التبابعة ملوك اليمن، وحال بينه وبين أخذه للحجر الأسود، وأمها هي فاطمة بنت زائدة بن الأحم القرشية التي تعتبر من أجمل سيدات مكة.
ولدت السيدة خديجة رضي الله عنها قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة تقريبًا في عام 556م، وعندما بلغت الخامسة عشرة من عمرها تزوجت أبا هالة بن زرارة الذي كان حكيم قومه، وأنجبت منه بنتين هالة وهند، لكنه توفي قبل أن تكبر البنتان، وترك لهما ثروة كبيرة وتجارة رابحة حسبما ذكر الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء".
عمل النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله معها في تجارتها، وأعجبت بشخصيته الفريدة فأسرّت إلى صديقتها نفيسة بنت منية رغبتها في أن تعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتزوجها، فهي تعلم كرم خلقه وأمانته وأنه لن يبذل ماء وجهه في طلب يدها، مزاحمًا أغنياء قريش وسادتها، على فقر يديه وقلة ماله.
وطلبت السيدة خديجة من صاحبتها أن تفاتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن يتزوجها، فآنست منه رغبة في زواجها، وخشية من رفض طلبه لضيق ذات يده، فطمأنته بنت منية قائلة: علىّ ذلك.
وعادت بعدها تزف إليه موافقة خديجة على طلبه، وتحديدها الساعة التي يأتي فيها بأهله ليطلبها من أهلها، وما كادت الساعات تمر حتى كان أبوطالب قد صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وطلب زواج خديجة -رضى الله عنها- لابن أخيه من عمها عمر بن أسد، فتم الزواج المبارك الميمون الذي نعمت خديجة في ظلاله بأفضل زوج هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكان ذلك في العاشر من ربيع الأوّل، وكانت في عمر الأربعين، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) خمس وعشرين سنة.
ولم يتزوج النبي ﷺ عليها غيرها حتى ماتت، وكل أولاده منها سوى إبراهيم، ولدت له أولاً القاسم، وبه يكنى، ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبدالله الملقب بالطيب والطاهر، وقد تزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره وقد كانت هي في الأربعين من عمرها.
من شدة حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة خديجة رضي الله عنها فقد كان يكثر من ذكرها حتى بعد وفاتها، حتى إن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وآله يُكثرُ ذكرها، وربّما ذبح الشاة، ثم يقطّعها أعضاء، ثم يبعثها إلى أصدقاء خديجة، فربما قلت له: كأنّه لم يكن في الدُنيا إلّا خديجة! فيقول: إنّها كانت، وكانت، وكان لي منها الأولاد".
توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها عن عمر بلغ خمساً وستين سنة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعشر سنين حسبما ذكر الإمام العسقلاني في كتابه "فتح الباري"، ودفنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجون ولم تكن صلاة الجنائز يومئذ قد شرعت، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها رضي الله عنها وأرضاها.
فيديو قد يعجبك: