جعفر الطيار .. أبو المساكين الذي يطير بجناحين من ياقوت في الجنة
كتب – هاني ضوه :
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمتازون بالشجاعة والإقدام، ولكن منهم من كان هذه الصفات جزءا أساسيا من شخصيته حتى إنه أصبح يوصف به، ومن هؤلاء الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب، الذي لقب بـ "جعفر الطيار"، ولذلك قصة يعرضها مصراوي عبر التقرير التالي:
هو جعفر بن أبي طالب، أخو الإمام علي بن أبي طالب لأبويه، وابن عم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويُقال إنه كان أشبه الناس بالرسولِ محمدٍ خَلقاً وخُلُقاً، وهو ما روي في الطبقات الكبرى عن الإمام علي بن أبي طالب أن النبيَّ محمداً قال: "وأما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي".
كان جعفر الطيار عليه السلام من السابقين الأولين والمهاجرين الصادقين، فقد أسلم ثم هاجر مع جماعة من المسلمين إلى الحبشة، ومكثوا فيها عند ملكها النجاشي. ثم هاجر جعفر إلى المدينة المنورة يوم فتح خيبر، فكانت له هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة، وآخى الرسولُ بينه وبين معاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري.
لقب كذلك جعفر رضي الله عنه بـ "أبو المساكين" فقد ذكر الإمام ابن حجر في كتابه "الإصابة" أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه كان يحب المساكين ويُحسن إليهم ويخدمهم، حتى سُمي أبا المساكين، فعن أبي هريرة أنه قال: «إن كنت لألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية وهي معي، كي ينقلب بي فيطعمني، وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا، فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء، فنشقها، فنلعق ما فيها». وقال أبو هريرة أيضاً: «كان جعفر يحبّ المساكين، ويجلس إليهم، ويخدمهم ويخدمونه، فكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يُكنيه أبا المساكين».
وفي العام الثامن للهجرة بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة مؤتة، وعهد إليه بالإمارة إذا أصيب زيد بن حارثة رضي الله عنهم جميعًا، وقد أبلى أحسن البلاء في تلك الغزوة المباركة المشهودة، وأبرز من الشجاعة ما أبهر العدو والصديق؟
وما حدث أنه بعد استشهاد أميره زيد بن حارثة أخذ الراية، كما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أخذها بيمينه، ولكنه أصيب وقطعت يده اليمين، فأمسك راية المسلمين بشماله، فقطعت هي الأخرى، فأمسكها بعضديه، ولا زال كذلك يجول بين الصفوف وهو ممسك راية المسلمين بعضديه يحثهم على الجهاد والقتال حتى استشهد في سبيل الله.
وذكر العلماء من أهل السيرة أنه بعد أن استشهد وانتهت المعركة وجدوا في جسده من الأمام بضع وتسعون ضربة ما بين طعنة ورمية بسهم، وقد اقتحم عن فرس له شقراء في ذلك اليوم، فعقرها ثم قاتل حتى قتل.
وقد صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال للصحابة حينها: "اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْجَنَّةِ».
ومن حينها سمي بـ "جعفر الطيار"، وقد ذكر الإمام البخاري في صحيحه عن الشعبي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال: "السلام عليك يا ابن ذي الجناحين".
ودُفن سيدنا جعفر الطيار رضي الله عنه في منطقة مؤتة في بلاد الشام، وله مقام يقع في بلدة المزار الجنوبي في الأردن جنوب مدينة الكرك.
فيديو قد يعجبك: