عمرة بنت عبد الرحمن.. التابعية التي نبأت الحسين بمصرعه
كتبت- آمال سامي:
كانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده في عهد التابعين وتابعي التابعين يشغلن مكانة كبيرة في الفقه الإسلامي وفي العلم الشرعي، فكانت منهن الفقيهات والمحدثات والعالمات، وشاركن كذلك في الحياة السياسية منذ صدر الإسلام، فكن يشاركن في المعارك ويذدن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مشورة ام سلمة رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا على ذلك، ومن بين تلك الفقيهات المسلمات كانت عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة رضي الله عنها..
ولدت عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29 هـ، وتزوجت من عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان، وأنجبت منه محمد، الذي كني فيما بعد بأبي الرجال، وجدها هو سعد بن زرارة من أوائل الأنصار الذين آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أخو أسعد بن زرارة رضي الله عنه.
لعبت عمرة دورا كبيرا في التاريخ الإسلامي، حيث كانت عمرة من أهم تلاميذ السيدة عائشة رضي الله عنها، تربت عمرة في بيت السيدة عائشة وتعلمت على يديها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والفقه وأحكام الشريعة، فحدثت عن عائشة ، وأم سلمة ، ورافع بن خديج ، وأختها أم هشام بنت حارثة، وحدث عنها ابنها أبو الرجال وابناه حارثة ومالك، وابن اختها القاضي أبو بكر بن حزم ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون، وروي عنها أصحاب كتب الحديث الستة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. يقول عنها الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: "كانت عالمة فقيهة، حجة، كثيرة العلم".
كان لعمرة موقف معارض لخروج الحسين رضي الله عنه إلى العراق، فعندما علمت بخروج الحسين كتبت إليه تعظم عليه ما يريد أن يصنع وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه. وفي تاريخ دمشق، أورد ابن عساكر أن عمرة رضي الله عنها قالت عندما علمت بخروج الحسين: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقتل حسين بأرض بابل"، ولما قرأ الحسين كتابها قال لابد لي إذا من مصرعي، ومضى.
ومما يدل على مكانة عمرة رضي الله عنها أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين عزم على جمع الحديث، كتب إلى أبي بكر بن حزم عامله على المدينة كتابًا قال فيه: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة، فاكتبه، فإني خفت على دروس العلم وذهاب أهله"، فكانت عمرة تنفرد وحدها بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومن المعروف أن عائشة كانت أعلم الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وبحياته. وأورد الذهبي عن أيوب بن سويد ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن القاسم بن محمد أنه قال لي : يا غلام ، أراك تحرص على طلب العلم ، أفلا أدلك على وعائه ؟ قلت : بلى . قال : عليك بعمرة ; فإنها كانت في حجر عائشة . قال : فأتيتها فوجدتها بحرا لا ينزف .
وشهد لها سفيان بن عيينة أيضًا بأنها أعلم الناس بحديث عائشة حيث قال: "أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم، وعروة، وعَمْرَة".
اختلف العلماء في تحديد وفاة عمرة رضي الله عنها، فقيل توفيت سنة 98 هـ ، وقيل سنة 106 هـ.
فيديو قد يعجبك: