الصمود من أجل البقاء
03:58 م
السبت 21 أبريل 2012
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
من الرمال الذهبية للصحراء الإماراتية، حزمت ريم الجنيبي وميثاء الكعبي حقائبهما وانطلقتا في رحلة ليست كأي رحلة قطعتا خلالها نصف العالم وصولاً إلى القارة القطبية الجنوبية. وما أن وطأت أقدامهما أرض القارة المتجمدة، حتى اجتاحهما إحساس غامر بالذهول من سحر الطبيعة الأخاذ وجمالها المبهر في تلك البقعة من الأرض.“هذه التجربة كفيلة بأن تغير حياة من يخوضها” تقول ريم ، بينما تؤكد مثياء أنها أصبحت “شخصاً مختلفاً تماماً الآن”.لقد أثارت هذه الرحلة إلى القطب الجنوبي مشاعر قوية لدى كل من ريم وميثاء على حد سواء، وجعلتهما تدركان الحاجة إلى ضرورة اعتماد أساليب حياة مستدامة. ولكن ما هو أكثر أهمية من ذلك، أنها جعلت منهما نموذجاً لكل إنسان على وجه الأرض كي يدرك أن الاستدامة هي مسألةٌ مصيرية تصب في المصلحة العامة للمجتمع ككل.وتعتبر ميثاء الكعبي وريم الجنيبي نموذجاً للإلتزام الذي يمكن أن نراه لدى الطلاب في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، المؤسسة الأكاديمية البحثية للدراسات العليا التي تركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة. وجاءت رحلتهما أيضاً في إطار أنشطة برنامج القادة الشباب لطاقة المستقبل، مبادرة التوعية من معهد مصدر.وقد شاركت كلتاهما في البعثة العالمية إلى القطب الجنوبي 2012 بقيادة المستكشف الشهير السير روبرت سوان، والتي استمرت 16 يوماً في رحاب القارة المتجمدة. وقد عادتا إلى دولة الامارات بتاريخ 16 مارس بعد انقضاء البعثة التي انطلقت من أوشوايا في الأرجنتين يوم 27 فبراير، حيث عاد الفريق بتاريخ 12 مارس بعد زيارة العديد من الأماكن، بما في ذلك قاعدة إي بيس 2041 التعليمية في القارة القطبية الجنوبية.لقد شكلت هذه الرحلة تجربة في غاية المتعة والفائدة لجميع المشاركين، انطلاقاً من حيث بدأت رحلتهم في أوشوايا، وما تلى ذلك من أنشطة كتسلق الجبل الجليدي (مارتيال غلاسييه) الذي علمهم معنى العمل الجماعي، ثم التوجه عبر ممر دريك المخيف بأمواجه العاتية التي ترتفع إلى أكثر من 10 أمتار، وصولاً إلى الرحلات الشاطئية، والهبوط لفترات قصيرة في منطقة البروج (زودياك) في القطب الجنوبي.وقد شاركت كلتا الطالبتان في 11 رحلة شاطئية (8 على البر و3 في البحر) على قوارب زودياك المطاطية القابلة للنفخ بدءاً من 3 مارس – بمعدل رحلة في الصباح وأخرى بعد الغداء. كما تعين عليهما أن يمضيا ليلة صعبة لا تنسى في الهواء الطلق، وذلك بعد بناء جدار ثلجي بارتفاع متر واحد للوقاية من عناصر الطبيعة. ولكن مع بزوغ الفجر، لم يستغرق الأمر منهم سوى 10 دقائق تقريباً لهدم الجدار الثلجي، وحزم حقائب النوم، والانطلاق نحو مناطة البروج (زودياك).تقول ريم: “أكياس النوم كانت مزودة بطبقة حرارية لتبقي أجسادنا دافئة، أو كما يفترص بها أن تفعل على الأقل. لقد ملأت حقيبتي النوم خاصتي بثمانية أزواج من قفازات اليد استعداداً للتخييم في القارة القطبية الجنوبية، لكنها لم تنفع، فما زال الجو بارداً جداً. في الليل، أمطرت قليلاً، وكنت أسمع قطرات المطر تتساقط على كيس النوم الخاص بي. ولكن في نهاية المطاف، فعلناها ونجحنا.. لقد نجونا من ’ليلة البقاء على قيد الحياة‘.كثيرون قد يكونوا سافروا إلى القطب الجنوبي لأسباب عديدة، إلا أن هدف طالبتي معهد مصدر كان مختلفاً وواضحاً– وهو الأبحاث.تضيف ريم: “تتمتع القارة القطبية الجنوبية بطقس فريدة من نوعه، مثل ’ريح الكتبات‘، وهي ريح سفحية هابطة وعالية الكثافة. إن هذه الرياح قد تجعل من توليد طاقة الرياح في القارة القطبية الجنوبية تحدياً كبيراً، إذ قد تتسبب في كسر التوربينات أو جعل النظام غير مستقراً”.وتابعت قائلة: “لذلك، فإن إدارة مصادر الطاقة المتعددة، أو الطاقة المتجددة ، بشكل أفضل يتطلب كذلك إدارة أفضل تكاد تكون فورية للمعلومات، مع فهم أفضل للظروف المناخية الفريدة في أي مكان مستهدف لتوليد الطاقة”.ميثاء من جهتها، خاضت تجربة من نوع مختلف، وتصفها قائلة: “رغم أنني لم أتمكن من رؤية عملية توليد الحرارة من ترسيب الملح في بيئة طبيعية في القارة القطبية الجنوبية، إلا أنها كان فرصة رائعة أن أعمل مع رؤساء تنفيذين لعدد من الشركات وغيرهم ممن يعملون في مجال اهتمامي – كيفية الحفاظ على موارد المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة”.وأضافـت ميثاء: “إن الإمارات بلد صحراوي وأكثر من 85٪ من مياها العذبة تأتي من تحلية مياه البحر. ومن خلال أطروحتي مع الدكتور رائد حشايكه من برنامج علوم وهندسة المواد، قمنا بتطوير السليلوز لاستخدامه كحل بديل للطاقة والمواد الكيميائية التي نحصل عليها من خارج دولة الإمارات”.إن أياً من الطالبتين لم ينحرف عن هدفه الرئيسي؛ “لقد كان الطقس صعباً وشكل تحدياً كبيراً لنا، لكنه لم يمنعني وميثاء من القيام بما جئنا من أجله. إن مهمتنا تمثلت في معرفة المزيد عن تغير المناخ، وانتهاز كل فرصة ممكنة خلال البعثة لاكتساب خبرات ومعارف جديدة. لقد شكلت البعثة تحدياً جسدياً وذهنياً كبيراً، لكنها لم تكن مستحيلة”.وشملت البعثة أيضاً زيارة جزيرة كورفيل حيث حضرتا فيها محاضرة دراسية في الهواء الطلق، وميناء نيكوهاربور، وهو أول مكان قامتا بزيارته في هذه القارة، حيث أتيحت لهما رؤية الحيتان والأنهار الجليدية الرائعة، وكذلك ميناء بارادايس هاربور، وقناة لومير- حيث شاهدتا الحيتان الحدباء.ورغم أنهما خاضتا تجارب متشابهة إلى حد ما، إلا أنهما تختلفان في اللحظة التي تعتبرها كل منهما الأثمن والأكثر تميزاً خلال البعثة بأكملها إلى القطب الجنوبي.عن ذلك تقول ميثاء: “أروع لحظة كانت عندما نظرت من أعلى قمة التلة في ميناء نيكوهاربر؛ لقد كان مشهداً ساحراً للطبيعة. لقد نسيت نفسي في تلك اللحظة. فعلى يميني كان جبل مغطى بالجليد، وعلى يساري جبل جليدي ضخم، والبحر كان في الوسط يفصل بينهما”.وفي هذا الصدد، تقول ريم: “المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى أحد أبراج الزودياك وشاهد الحوت الأحدب. لقد كانت هذه المرة الأولى على الإطلاق التي أرى فيها حوتاً وجبالاً جليدية على هذه المقربة. لقد أثر هذ المشهد في نفسي كثيراً لدرجة أنني لم أستطع النوم ذاك اليوم”.ورغم تباين تجاربهما، إلا أن كلتاهما اتفقتا على أمر واحد وهو أنهما لن يترددا في الذهاب مرة أخرى إلى القطب الجنوبي في حال أتيحت لهما الفرصة – ليس فقط بغرض المغامرة، ولكن للتعرف على المزيد من الأسباب التي تجعل العالم بحاجة إلى تبني نمط حياة مستدام.يذكر أن معهد مصدر، الذي تم تأسيسه بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يوفر لطلابه فرصاً مميزة في شتى ميادين البحوث العلمية، بدءاً بالبحوث النظرية ثم التطبيقية وانتهاءً بمرحلة التسويق التجاري. ويهدف المعهد، عبر ما يوفره من مرافق حديثة للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا النظيفة، إلى الإسهام في دعم التنوع الاقتصادي في الدولة من خلال تطوير الابتكارات التقنية وإعداد الموارد البشرية اللازمة. كما يلتزم المعهد عبر كادره التدريسي المتخصص وطلابه المتميزين، بإيجاد حلول لتحديات الطاقة النظيفة والتغير المناخي.
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى:
احتسي الشاي التونسي واسترخي بمدينة المهدية