إعلان

احتسي الشاي التونسي واسترخي بمدينة المهدية

06:04 ص الخميس 26 أبريل 2012
 كانت تونس، إلى أن اندلعت ثورة الياسمين، كلمة ترادف أشعة الشمس والبحر ومستلزمات قضاء العطلات، غير أنه منذ خلع التونسيون الرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011 عزف معظم السياح عن القدوم إلى تونس، ومع ذلك فإن السياح الذين يفضلون قضاء عطلتهم في أماكن غير مزدحمة بالزوار يجدون سببا مثاليا لحزم حقائبهم والتوجه إلى هذه الدولة الواقعة في الشمال الأفريقي.وعلى أية حال فإن قدوم السياح إلى تونس سيساعدها على تدعيم الديموقراطية كما يحرص على الإشارة إلى ذلك إرنست بيرجباشر المبعوث السياحي للحكومة الألمانية، وتعد تونس بدون ازدحام الزوار مكانا يمنح مزيدا من الاستمتاع بالتأكيد خاصة في بلدة المهدية الساحلية حيث يمكنك أن تحتسي الشاي بالنعناع على شاطىء المحيط وتتفكر في ماضي هذا الشريط الساحلي الساحر.ويصب النادل الشاي بالنعناع الساخن المعد بطريقة شرقية ويكون مذاقه مرا ولكنه شديد الحلاوة بعد ذلك، في الوقت الذي تتجول فيه الأعين عبر البحر الأزرق العميق بينما تهب نسمة قوية لتنعش الهواء. ويحتل مقهى سيدي سليم موقعا بارزا فوق الأجراف على الساحل التي تطل عاليا على المهدية، ويرتدي العاملون بالمقهى زيا أنيقا باللونين الأبيض والأسود ويتحركون بنشاط بين الطاولات ويحملون صواني الشاي بتوازن وهم يتنقلون بين الموائد التي تجلس قبالتها سيدات تونسيات مسنات يرتدين ملابس على أتم وجه، بينما يستمتع الجميع بمناظر البحر الخلابة.وكانت المهدية ينظر إليها في وقت من الأوقات في الماضي كنقطة إنطلاق للسيطرة على العالم الإسلامي بأكمله، على الأقل كانت هذه هي الخطة التي وضعها عبيد الله المهدي أول خليفة فاطمي والذي أسس هذه المدينة عام 916 وجعلها أول عاصمة للدولة الفاطمية، ثم تقدم ليغزو مصر لتصبح القاهرة المدينة الأولى الجديدة.واحتفظت المدينة التي كانت المعقل السابق للفاطميين باسم المهدية وهو مشتق من كلمة المهدي التي أطلقها عبيد الله على نفسه.وجاء الغزاة وذهبوا مثلما فعل العثمانيون، ثم حاصر جيش فرنسي غازي المدينة غير أنه فشل في فتحها وفي النهاية استولى عليها الأسبان، أما اليوم فقد استولى عليها السياح حتى على الرغم من تراجع أعدادهم كثيرا خلال الأشهر الأخيرة مما جعل الزوار يجدون المكان خالصا لأنفسهم.ويمتد الطريق يمين مقهى سيدي سليم على طول شبه الجزيرة وهو يرمز أيضا إلى تاريخ المدينة الحافل بالإضطرابات.كما يمتد طريق صغير عبر أطلال قصور كانت مزدهرة تنتمي للخلافتين الفاطمية والعثمانية ليصل إلى النهاية الشرقية لشبه الجزيرة التي توجد بها منطقة مدافن كبيرة للمسلمين. وتم بناء هذه المقابر بطريقة معينة بحيث يطل كل قبر على البحر، وتشوب لمسة سماوية الوميض الأبيض المنبعث من شواهد القبور التي أثرت فيها عوامل التعرية تحت ضوء الشمس، وفي فصل الربيع تكسو أبسطة من الزهور الصفراء اليانعة مساحات المدافن.وتعد منطقة ” رأس أفريقيا ” علامة على نهاية شبه الجزيرة وهي منطقة من أهم معالمها فنار وبقايا حصون حجرية عالية منهارة ترجع للعصر الفاطمي، وتقف هذه البقايا مثل بوابة مقوسة تفضي إلى البحر، وتمتد ورائها الكتلة المتلألأة من مياه المحيط حتى الأفق. وخلال قرون عديدة لا بد أن أعدادا لا تحصى من الناس قد وقفوا في هذا المكان واستمعوا إلى صوت الأمواج المتكسرة وهي تضرب الأحجار، ويعود الزائر إلى الراحة التي يوفرها المقهى وهو مشغول بمثل هذه الأفكار،فقد حان الوقت لطرد أشباح الماضي بتناول كوب آخر من الشاي بالنعناع.(د ب أ) ض ح/ ب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان