إعلان

مصراوي يحاور شقيقة خاطف الطائرة المصرية: "سيف اتصل بي وهو في الطيارة"

10:38 م الخميس 31 مارس 2016

سيف الدين مصطفى

كتبت - دعاء الفولي:

الثلاثاء الماضي في التاسعة صباحًا، رنَ هاتف فكرية مصطفى، رقم غريب لا تعرفه يتصل، أجابت لتجد صوتًا مألوفًا يقول "أيوة يا أختي"، ردت السيدة الخمسينية سريعًا "أيوة يا سيف انت فين؟"، لحظة صمت، ثم وقعت عليها صاعقة "انا خطفت طيارة"، ظنت أنه يمزح، قبل أن يصرخ فيها "هي الحاجات دي فيها هزار؟". أغلق الخاطف السمّاعة، دارت الدنيا بالأخت، مرّ وقت وهي لا تتكلم، اتصل بها رقم آخر غير مصري، جاءها صوت سيف الدين يؤكد ما فعله "أنا في قبرص وخطفت الطيارة"، علت صرختها، انسابت دموعها، همّت أن تسأله لماذا فعل ذلك، غير أن قوة من الشرطة دلفت منزلها، أخذوا منها الهاتف عقب أن قالت لهم أنه كان على الهاتف، لكنهم لم يستطيعوا التحدث إليه.

سلسلة من محاولات لم تنقطع، خاضها سيف الدين مصطفى كي يعود مرة أخرى لقبرص، حيث تقبع زوجته وأبناؤه الأربعة "عنده ولد وبنت وبنتين توأم"، تروي أخته لمصراوي أنه ذهب لليونان في المرة الأولى حين كان عمره 19 عاما "كان مسافر بباسبور مزوّر"، كغيره من الشباب أراد العمل هناك، فلم تعارضه العائلة المكونة من أم وأب وسبعة إخوة، هو أكبرهم.

عام 1992 عاد سيف الدين عقب عشر سنوات من المكوث في قبرص، بصحبة زوجته وأولاده، كانوا في زيارة لمصر استمرت شهرين "بس لما جه يرجع المرة دي لليونان اتمسك في المطار" على حد قول فكرية؛ فاضطرت الزوجة للعودة مع الأولاد بمفردها.

لم تتواصل فكرية أو بقية الأخوة مع زوجة الخاطف أو أولاده "سيف نفسه مكنش عارف يروحلهم". عقب القبض عليه بالمطار، مكث بسجن وادي النطرون لسبع سنوات، بتهمة تزوير جواز السفر والتهرب من الجيش، لم تزره خلالهم الزوجة سوى مرة أو اثنتين، حسبما تحكي فكرية، أما الأخت نفسها فكانت تذهب له كلما استطاعت "كان يقولي اعمليلي صينية مسقعة المرة الجاية.. أو هاتي العيال ولادك أشوفهم".

يمتلأ قلب فكرية -التي تصغر سيف بعامين-بالشفقة تجاه ما فعله أخيها البالغ من العمر 59 عامًا، لم يقع الضرر عليه بمفرده أو إخوته "البلد كلها اتضرت بسببه"، كل ما جال بخاطرها منذ علمت بأمر الخطف أنه أراد رؤية زوجته وأولاده، وهذا ما أخبرت النيابة أثناء التحقيق، أما ما قيل عن كونه مضطرب فتنفيه الأخت، إذ تقول منزعجة "دة عاقل جدًا وكان بيتكلم في السياسة.. مجنون إزاي؟".

قبيل اختطاف الطائرة بيوم اتصل سيف الدين بفكرية طالبًا منها 100 جنيها "قاللي ابعتهملي بالبوسطة"، وحين سألته عن مكانه، أخبرها أنه بأحد فنادق منطقة المنشية بمحافظة الإسكندرية، حاولت معرفة سبب ذهابه إلى هناك، لكنه طمأنها أنه قادم للمنزل قريبًا، أثناء التحقيق سألها المحققون عما إذا كان خاطف الطائرة ممُولًا، فاستنكرت الأخت "قولتلهم إذا كان سالف مني امبارح 100 جنيه".

لم يستمر سيف الدين في عمل بعينه حين خرج من السجن عام 1999 "مرة يقول هيعمل مشروع.. ومرة لأ"، كانت جميع معاملاته الورقية تتوقف بسبب الفيش والتشبيه وشهادة التجنيد، سعى لكي يستخرج أوراقه الرسمية، لكنه اصطدم بمشكلة التزوير الأولى، والتجنيد "واتسجن مرتين بعد كدة بسبب تزوير الباسبور"، ولا تعرف فكرية شيئًا عن قضايا نصب تورط فيها سيف الدين سوى محاولاته المستمرة لتزوير أوراق السفر.

في شقتها الكائنة بمساكن حلوان، اعتاد سيف أن يعيش. كانت تلك الشقة لوالدتهما، فعاشا فيها سويًا عقب وفاتها، كانت حياة الأخ ضيقة، يُرسل له أحد إخوته بعض الأموال من الخارج، وتساعده فكرية أو الأخوة الآخرون بما يستطيعون.

المكالمة التي أجراها سيف مع فكرية صباح الثلاثاء، لم تكن الأخيرة، فعلى حد قولها، اتصل بها بالأمس من محبسه بقبرص "سألني حد عندك جراله حاجة.. انتو كويسين؟ طمّنته علينا والخط قطع"، لم تعاتب فكرية الأخ الخاطف "هقوله ايه.. ربنا يصبّره على اللي جاي"، بالتحقيقات كانت الأخت الأخرى "بريكسانة" وولداها موجودان، حالة من الغضب اعترت أبناء الأخت في البداية، بسبب ما تورطوا فيه، غير أنهم مع الوقت اعترتهم جميعًا حالة من السخرية مما حدث "بقى ابن اختي يقول شوفتوا يا جماعة خالي مش أي كلام لما جه يخطف خطف طيارة".

حين عادت الأسرة للمنزل أول أمس، انهالت عليهم الاتصالات، سواء للاطمئنان أو لمعرفة ما حدث، يحاولون تبرئة ذمتهم من الذنب الذي ارتكبه الأخ الأكبر، الأذى سيبقى أثره لمدة طويلة، غير أن ذلك لا يمنع فكرية من الحديث عن ذكريات كثيرة جمعتها بسيف الدين؛ قبل أن ينتقلوا للعيش بحلوان، كانوا يقطنون بمنطقة غمرة، ولهم جيران من فلسطين "كان سيف يحب أوي يقعد معاهم".

حينما سافر الخاطف وعاد لمصر فوجئت الأخت بوشم على يده لعلم فلسطين، ووشم آخر على شكل مفتاح الحياة، انزعجت وقتها وعاتبته على ما فعله بيده، لكنها تسامحت مع ذلك بعد فترة "لأنه بيحب فلسطين جدًا"، في جلساتهم الأسرية لم يكن حديثهم يخلو من سيرة أولاده الأربعة، الذين لم يرهم منذ عام 92، حذرته كثيرًا ألا يعود للتفكير في الأمر، فخروجه من البلد مُحال، كررت على مسامعه جملة "انسى بقى يا سيف"، ليكون رده بكل مرة "لما تنسي ولادك أبقى أنا أنسى ولادي".

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان