تيران وصنافير.. أين الحقيقة؟
كتب- محمد قاسم:
في بيان رسمي أعلنت الحكومة المصرية قبل يومين ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وحل النزاع القائم بين البلدين حول تبعية جزيرتي تيران وصنافير، حيث أكد مجلس الوزراء المصري تبعية الجزيرتين للمملكة الأمر الذي قوبل بعاصفة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، بين مؤيد للقرار واخر يتهم النظام بالتنازل عن الجزيرتين تحت ضغط الحاجة الاقتصادية ومخالفة الدستور في التصرف في أمور سيادية لابد أن يكون الأمر فيها للشعب عبر البرلمان والاستفتاء.
اعتمد بيان الحكومة المصرية على مخاطبات تاريخية بين عاهل السعودية والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك حول الجزيرتين، وكذلك تقرير للجنة الفنية المختصة بترسيم الحدود، في حين تداول اساتذة علوم سياسية ومحللون الحديث عن وثائق تزعم تبعية الجزيرتين للقاهرة.
وأشار البيان إلى أن أعضاء اللجنة "استخدموا أحدث الاساليب العلمية لرسم الحدود البحرية".
وقال مجلس الوزراء إن الملك السعودي الراحل عبد العزيز آل سعود "كان قد طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين وهو ما استجابت له مصر وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ".
وتأتي الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين من وقوع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، الذي يبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم²، أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كم².
قال حسام القاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن لجنة لترسيم الحدود المؤلفة من جغرافيين ومؤرخين وقانونيين وجيولوجيين -شُكلت بناءً على القرار الجمهوري 27 لسنة 1990- انتهت بعد عمل 6 سنوات إلى تبعية الجزيرتين للسعودية، مؤكدا أن اللجنة استندت إلى الخطابات المتبادلة بين الدولتين عام 1990، وطلب الملك عبد العزيز آل سعود من مصر في يناير1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ.
وأضاف القاويش في تصريحات تليفزيونية إن اللجنة المكلفة برسم الحدود انتهت بعد 11 جولة، إلى رسم الحدود الذي انتهى بالاتفاقية التي وقُعت أول أمس بترسيم الحدود، مشيرا إلى أن منّ لديه وثائق عليه تثبت ملكية مصر للوثائق عليه أن يقدمها إلى السلطات لبحثها.
ولفت إلى أن الاتفاقية سيتم عرضها على مجلس النواب للتوافق عليها، على أن يتم بعدها التصديق على الاتفاقية رسميا.
واستند مؤيدو القرار الحكومي إلى مخاطبات بين الملك فاروق والملك عبد العزيز آل سعود في 1950 حين انتشرت على الجزيرتين قوات مصرية لحمايتها بتنسيق مصري سعودي، وإلى كتابات للعالم المصري جمال حمدان والأستاذ محمد حسنين هيكل.
تشكيك في الرواية الرسمية:
على الجانب الاخر، قالت المستشارة هايدي فاروق، خبيرة الخرائط الدولية والثروات العابرة للحدود، إن الجزيرتين مصريتين 100 في المئة استنادا إلى نتائج بحث أجرته "فاروق" رسميا لرئاسة الجمهورية عام 2006 لتحديد ملكية مصر للجزيرتين بالتزامن مع مزاعم سعودية بملكيتها لهم.
وأكدت أن الخطابات والوثائق التي تستند إليها السعودية أرسلت إلى مسئول سابق وليس إلى رئيس الجمهورية في التسعينات.
وأوضحت فاروق في تصريحات لمصراوي، مساء الأحد، أن بحثها -المعتمد رسميا- توصل إلى خرائط ووثائق من القرن الثاني الميلادي اثبتت ملكية مصر للجزيرتين، أولها خريطة "بوتنجر" المرسومة في القرن الثاني الميلادي ورد فيها ان كامل خليج العقبة بجزره مملوك لجزيرة سيناء، وبعدها خريطة مهندسو الحملة الفرنسية عام 1800 اثناء حملة نابليون بونابرت.
وشددت أن جميع الخرائط والوثائق سلمتها إلى الجهات الرسمية ما بين مايو 2006 - مارس 2008.
خبيرة خرائد تؤكد: الجزيرتان مصريتان 100 في المئة
وأضافت أن المياه الإقليمية السعودية يبدو أنها تغيرت خلال الـ 10 سنوات الماضية، مطالبة بالعودة إلى الخرائط والوثائق الصادرة خلال القرن الماضي، كاشفة أن "تيران وصنافير" متصلتان ببعضهما من أسفل البحر.
ولفتت فاروق، أن المسمى الأصلي للجزيرتين "ثيران" ومأخوذة من أن المصريين قديما كان يستخدمون الجزيرتين كطريق للحج المصري، وكان به عساكر مصريين، وكان هناك مربط "الثيران" للماشية المصرية، خريطة لشبه جزيرة سيناء في عام 1860 للعالم الجغرافي "ألبي"، خريطة أخرى تتبع موسوعة طبوغرافية هانس توضح تفصيلا تبعية الجزر إلى مصر، وخريطة مورجان 1904 تشفع وتوثق تبعية الجزر لمصر.
وألمحت إلى أن رئيس قلم التاريخ في وزارة الحربية المصرية عودة شقير، والذي كان ضمن اللجنة الثلاثية الحربية في محادثات طابا الأولى عام 1906 بين مصر والدولة العثمانية، جاء قوله "بوصفها الجزيرتين جزءً من حدود شبه جزيرة سيناء". وأنه في عام 1908 تم اصدار قرار من أحد وزراء الحكومة المصرية بوضع فنارة في جزيرة صنافير.
وانتهت إلى أنه في عام 1956 خرجت 14 مضبطة من مضابط الأمم المتحدة تؤكد أن مصر صاحبة سيادة مطلقة على الجزيرتين، لافتة إلى أن تتحدى أي شخص يخرج بوثيقة أو دليل يثبت أن السعودية أوكلت مصر لحماية الجزيرتين من العدوان الاسرائيلي.
واختتمت إلى أنها لم ترى حتى الآن أي وثيقة تثبت طلب الحكومة السعودية من مصر بالحماية على الجزيرتين عام 1950، مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء وحدة قضايا الحدود والسيادة الدولية والوثائق السيادية.
من ناحيته، قال الدكتور أحمد الزاملي، أستاذ الجغرافيا السياسية بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن اتفاقية 1906 التي وقّعت بين مصر والدولة العثمانية فيما عُرف بمشكلة "طابا" لم تذكر جزيرتي "تيران وصنافير" ولم تتطرق لها، وكذلك المصادر التاريخية والجغرافية لم تتطرق بشكل صريح إلى الجزيرتين.
وأضاف الزاملي، الذي أعُير فترة للعمل في إحدى جامعات السعودية، في تصريحات خاصة لمصراوي، أن أطلس المملكة السعودية الجغرافي المعتمد في المملكة -الذي يضم خرائط المملكة وترسيمات حدودها- لم يذكر مطلقا جزيرتي تيران وصنافير كتابعتين للمملكة العربية السعودية إلا خريطة طبوغرافية داخل الأطلس اقتطعت جزء من جزيرة صنافير واعتبرته من حق المملكة.
ويؤكد أستاذ الجغرافيا، أن الدول الاستعمارية الأوربية تركت البلاد العربية في مشكلات سياسية على حدودها ألقت بظلالها على جزيرتي "صنافير وتيران"، وأنه بالنظر إلى خريطة مصر نجد أن الجزيرتين منطقيا قريبة من المياه الإقليمية السعودية عن المصرية.
دعوى قضائية
أثار إعلان الحكومة عن الاتفاقية، المحامي خالد علي، للتقدم بدعوى قضائية حملت رقم 43866 لسنه 70 ق أمام محكمة القضاء الإداري لإلغاء قرار إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والإبقاء على جزيرتي تيران وصنافير بخليج العقبة خاضعتين للسيادة المصرية. مستعينا بأكثر من 10 قرارات جمهورية ومراسيم ووثائق تؤيد ملكية مصر للجزيرتين، بحسب ما جاء في عريضة الدعوى.
فيديو قد يعجبك: