إعلان

لماذا ينتحر الأطفال في مصر؟.. (تحقيق)

12:47 م الأحد 01 مايو 2016

لماذا ينتحر الأطفال في مصر

تحقيق- علياء أبوشهبة:
في أحد أيام شهر يوليو الحاره خرج "عمرو" المقيم في قرية أوسيم، التابعة لمحافظة الجيزة لمعرفة نتيجة إمتحانات الدور الثاني، تعلق الطفل الذي أكمل للتو عامه الرابع عشر بأمل النجاح وتعويض رسوبه السابق الذي أغضب والديه وخاصة والده، ومرت ساعة ليدخل المنزل مسرعا ويغلق عليه باب غرفته؛ وهو ما أثار الفزع في نفس والدته وأخوته الأربعة الذين تشاركوا الطرق على الباب أكثر من مره ولكن بدون إجابة.

مرت الدقائق وكأنها دهرا؛ لم تتحمل الأم كثيرا فطلبت من أحد الجيران كسر الباب لترى أبشع وضع يمكن لأي أم أن ترى فلذة كبدها فيه، تقول الأم "كنت أنظر إلى الأسفل فوجدت خيالا لشيء معلق في سقف الغرفة ويتأرجح، لم أستوعب في البداية وعندما ارتفع بصري للأعلى وجدت "عمرو" معلقا بحبل في مروحة السقف، صرخت وبكيت بصورة هيستيريه".

حاولت الأسرة إسعاف "عمرو".. وتم نقله إلى مستشفى أوسيم المركزي، لكنه كان فقد حياته قبل وصوله إلى المستشفى وتبين أنه مصاب بحاله اختناق من جراء محاولة الانتحار.
أسرة "عمرو" وجدت في الغرفة التي انتحر فيها شهادة من مدرسته تفيد برسوبه في الإمتحان، بقيت الشهادة ومات عمرو.

مازالت الأم المكلومه تحلم بنجاح ابنها وحصوله على مجموع كبير يؤهله للإلتحاق "بكلية محترمه" على حد وصفها، لتفيق وتتذكر المشهد البشع لجثة ابنها، "كنت أتصور أن الانتحار أمر نشاهده في الأفلام والمسلسلات فقط، لم أتخيل يوما أن يحدث لإبني، لو عاد بي الزمن إلى الوراء لن أعاقبه، وسوف أحتضنه بقوة، لكنه مات".

"عمرو" هو واحد من 48 طفلا أقدموا على الانتحار في عام 2015، وفقا للدراسة التي أعدتها المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، وأعلن عنها في نهاية عام 2015، وبحسب تقرير صدر عام 2010 للمركز المصري لحقوق الإنسان، قام 6 أطفال بالانتحار خلال الشهر الأول من العام الدراسي 2010- 2011، وهو ضعف العدد الذي تم رصده عام 2005 وفق تقارير حقوقية؛ وهو ما يعني أننا أمام مشكلة تتزايد مع الوقت وتحتاج إلى الالتفات إليها والتعامل معها بجدية تتناسب مع كارثية إقدام أطفال على التخلص من حياتهم.

ووفقا للأرقام التي أعلنتها منظمة اليونيسيف فإن ثلث سكان مصر في مرحلة الطفولة، لكنهم يعيشون واقع ملبد بالغيوم وفق الإحصائيات المعلنه؛ وهو ما يؤكد على أهمية وضع ملف الطفل على أولويات اهتمام الدولة.

أهم ما رصدته دراسة مؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة التي أعلن عنها في نهاية عام 2015 أن نسبة 46% من الأطفال المنتحرين من الإناث وأن النسبة الأعلى بين الذكور هي 54%، وأن الفئات العمرية الأكثر انتحارا من 16 إلى 18، وبصفة عامة الضغط النفسي الذي يتعرض له الأطفال في سن المراهقة يجعل الأكثر انتحارا وذلك في الفئة العمرية من 11 وحتى 15 عاما.

انتحار الأطفال

أسباب الانتحار
"مصراوي" التقى نسمة عبدالمنعم، مسؤولة التقارير الإعلامية في المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، وأوضحت أن الدراسة رصدت أن العامل الاقتصادي هو الأكثر تأثيرا ضمن مسببات الانتحار، يليه العامل النفسي ثم تقليد أفلام الرسوم المتحركة، وفي المرتبة الأخيرة من يعانون من إعاقات وأمراض مزمنه، وإن كان ذلك لا يقلل من خطورة معاناة الأطفال المرضى.

وتقول نسمة عبدالمنعم إن انتحار طفلة بسبب المرض ويأسها من وجود علاج أمر يلفت النظر إلى قضية هامة وهي الدعاوى القضائية التي رفعها أسر 10 أطفال حياتهم معرضه للخطر أمام محكمة القضاء الإداري من أجل المطالبة بالعلاج على نفقة الدولة، وإنتهت الدعاوى برفض طلبهم.

الدراسة والامتحانات
صعوبة المناهج الدراسية والخوف من الامتحان والضغوط النفسية التي يعانيها الأطفال بسبب الدراسة هي أيضا من أهم الأسباب التي دفعت أطفال إلى التخلص من حياتهم، وتقول نسمة عبدالمنعم، إن المشاكل الأسرية وبالأخص ضغط الأسر على أطفالهم قبل وأثناء الامتحانات وبعد ظهور النتيجة له تأثير سلبي على الأطفال؛ وهو ما ترجعه إلى السياسة التعليمية الخاطئة المتمثله في التركيز على الحفظ والتلقين.

عمالة الأطفال
كما لفتت مسؤولة التقارير الإعلامية في المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة إلى أن الضغط النفسي على الأطفال الناتج عن عمالة الأطفال وعدم قدرة الأسرة على توفير احتياجاتهم المادية فضلا عن تعرضهم إلى الاستغلال الجنسي، كلها من العوامل المرصودة من مسببات انتحار الأطفال، هذا بالإضافة إلى الأخطاء التربوية المتمثلة في تعنيف الأطفال أمام الأخرين فيضطر الطفل إلى إنهاء حياته لعدم قدرته على تحمل النقد.

وفقا للدراسة الطريقة التي يستخدمها غالبية الأطفال في الانتحار هي باستخدام إيشارب أو حبل وتعليق أنفسهم في السقف من أجل شنق أنفسهم أو استخدام ستارة الحمام أو الغرفة.
تزداد حالات الانتحار في المدن الريفية عن الحضر لتوفر فرص العمل ومستوى دخل مرتقع إلى حد ما.

أحمد انتحر بسبب 5 جنيهات
ما الذي يمكن أن يجعل "أحمد"، 13 عاما، سعيدا أكثر من مشاركة أصدقاءه لعب "البلاي ستيشن" وهو ما يمكن أن ينسيه العالم كله، وبسببه نال الكثير من التوبيخ من والديه، والذي وصل إلى الحرمان من المصروف.

في أحد الأيام لم يتمكن "أحمد" من مقاومة إغراء أصدقاءه له بمشاركتهم اللعب وأخذ خمسة جنيهات خلسة بدون علم والدته، إلا أنها علمت بالأمر وأخبرت والده الذي عاقبه بشدة على فعلته، ليشعر بعدها باليأس الشديد فاستخدم رباط الحذاء لصنع حبل ربطه في مروحة السقف ولفه حول رقبته؛ ليفقد الطالب بالصف الأول الإعدادي حياته قبل الوصول إلى مستشفى المطرية التي نقل إليها عقب اكتشاف أسرته الواقعه.

تحرر المحضر رقم 1723 إدارى قسم ثاني شبرا الخيمة بالواقعه المؤسفه بسبب خمسة جنيهات.
same
ملف حقوق الطفل
انتقد دكتور هشام جمال، أستاذ الإعلام المرئي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، افتقار مصر في إطار الحراك السياسي والاجتماعي إلى وجود جهة أمينة ومسؤولة تهتم بتربية الطفل، وقال ل"مصراوي" :"انصرفت مؤسسات الدولة عن المواطن والمواطنة وانشغلت بالأمور السياسية والاقتصادية؛ وأصبح الطفل في غياب الإعلام المسؤول فريسة سهلة لأفلام السبكي؛ التي تطرح قيم لا تتفق مع معاييرنا الشرقية".

وأضاف أن الدولة ليست فقط المنصرفه عن الاهتمام بشؤون الأطفال؛ بل الأسر أيضا، لأنهم منهكين في البحث عن المال، والأسوأ أن الطفل نفسه أصبح مهموما بالبحث عن المال نظرا لزيادة عمالة الأطفال والتي تعرضهم لكثير من الانتهاكات؛ بالتالي يصبح الانتحار نتيجة طبيعية لكل ما سبق ذكره.

كما لفتت نسمة عبدالمنعم، مسؤولة التقارير الإعلامية في المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، إلى التراجع الكبير في الاهتمام بحقوق الأطفال واستغلالهم في الأحداث السياسية؛ وتوجيه التهم إليهم بدون محاسبة، والأمر لا يقتصر على ملف الطفل المنتحر فقط لكن ملف حقوق الطفل بالكامل شهد تراجعا كبيرا خلال الخمس سنوات الماضية.

تأثير المتغيرات السياسية
حول أسباب الإحباط الذي يعانيه الأطفال تحلل الوضع أمل جودة، عضو الائتلاف المصري لحقوق الطفل، والتي قالت ل"مصراوي" إن الطفل المصري تأثر بشكل كبير بالعنف السياسي الذي حدث خلال الخمس سنوات الماضية وحتى الآن بكل ما يحمله المشهد من خلافات سياسية عنيفه وثورة وانقسامات حدثت تم خلالها اتهام أطفال.

 وتأثر الأطفال بعدة عوامل أخرى جعلت الانتحار أحد جوانب التأثر بهذه العوامل ومنها تكرار حالات اختطاف الأطفال مع الانفلات الأمني ويضاف إلى المشاهد العنيفه التي أقحمت جماعة الإخوان المسلمين الأطفال فيها عندما كانوا يحملون أكفانهم في مسيرات حاملين لافتات "مشروع شهيد".

يضاف لما سبق ذكره عامل أخر أدى إلى تأثر به الأطفال وأدى شعورهم باليأس والاكتئاب؛ لاسيما من شاركوا في المظاهرات والمسيرات ومات أصدقائهم، لأن تعرض الأطفال لصدمة موت قرنائهم في هذه السن المبكرة ترك أثارا نفسية سيئة بداخلهم يصعب محوها أو تجاهلها، وخاصة أن هذا الفصيل من الشباب شعر أن الثورة سرقت منهم وأًبحت حياتهم لا معنى لها.

وأشارت المحامية داليا صلاح، إلى استغلال الأطفال سياسيا خلال الخمس سنوات الماضية؛ خاصة من جماعة الإخوان المسلمين وذلك في المظاهرات والانتخابات وفي القيام بتفجيرات، إضافة إلى تعريضهم للاحتجاز بمخالفة القانون.

الخوف من العقاب
في إحدى قرى دائرة مركز طهطا في محافظة سوهاج، تشاجر "جمال" اسم مستعار، مع أحد أطفال الجيران وزادت حدة المشاجرة لدرجة تقطيع ملابسه، وهو ما يعلم جيدا أن والده لن يسامحه عليه، وسوف ينال عقابا قاسيا عليه.

بهدوء شديد صعد "جمال" 12 سنة، إلى سطح المنزل يفكر في العقاب الذي ينتظره عند عودة والده، حتى هداه تفكيره إلى الخلاص من خوفه من عقاب والده.
مع استمرار غياب "جمال" صعد والده للبحث عنه ليجده جثته معلقه من رقبته في منشر الغسيل بواسطة الحبال.

وتحرر المحضر رقم 1443 إداري القسم لسنة 2015، ليثبت وفاة الطفل "جمال" منتحرا.

الأخطاء التربوية
أكدت أمل جودة، عضو الإئتلاف المصري لحقوق الطفل على خطورة تعامل الأسر مع وقائع الإعتداء الجنسي على الأطفال، والتي تعد سببا أساسيا لتدمير نفسية الطفل؛ وما يزيد من تأثيرها الأسلوب الذي تتعامل به الأسر مع الطفل المعتدى عليه وذلك بالتفريط في حق الطفل والاستجابة للتهديدات التي تمارس، لكنه في النهاية يؤدي إلى شخص لديه مشكلة في التعامل مع المجتمع من حوله نتيجة الشرخ النفسي الذي أصابه، ويمكن أن تستمر المشكلة طوال حياته.

كما لفتت إلى الخطاء التربوية المتمثله في عدم تعريف الطفل بأجزاء جسمه وأنه يمكن أن يكون معرضا للإعتداء وكيف يمكن أن يحمي نفسه ويتصرف بشكل صحيح في حالة حدوث إعتداء جنسي، وتقول أمل جودة، "المدرسة لا تقوم بدورها إذا كان بعض أساتذة العلوم يتجاوزون شرح درس الأحياء عن الأعضاء التناسلية والبعض الأخر يشرحه بدون تفاصيل في حين أن فهم الطفل لأعضاء جسده أمر طبيعي".

ومن أسباب رغبة الأسر في التكتم على ما أصاب أبنائهم من إعتداء جنسي هو التناول الإعلامي السلبي في أغلب الأحيان؛ والذي يوصم بدلا من عرض المشكلة، وتضيف أمل جودة قائلة:"نرى مهازل؛ تعيد الأحداث الأليمه وتتحدث عن تفاصيل وانتهاكات لمجرد إنجاح البرنامج؛ وهو ما يجعل أسر كثيرة تفضل عدم التبليغ".

سوء معاملة المعلمة
الضغط الذي تعرضت له "لبنى" 12 عاما، الطالبة في الصف الأول الإعدادي، كان يفوق سنوات عمرها، نتيجة المعاملة السيئة من معلمتها التي تعمدت إهانتها عدة مرات، ولم تجد من تشكو له وينصفها.

تناولت "لبنى" أقراص سامة لحفظ الغلال، لتموت الطفلة ويتم تحرير محضر في مركز بنى عبيد بمحافظة الدقهلية، قال فيه أفراد أسرتها إنها كانت تمر بأزمة نفسية بسبب معاملة معلمتها السيئة لها.

لا يوجد دراسة علمية
"مصراوي" حاول البحث عن دراسة علمية تحلل وترصد أسباب انتحار الأطفال والسبيل إلى العلاج، حتى الآن لا يوجد دراسة عن المشكلة، وبالأخص في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية المنوط به دراسة الظواهر الاجتماعية الخطيره.

علقت على الأمر أمل جودة، عضو الائتلاف المصري لحقوق الطفل قائلة إن انتحار 48 طفل في عام 2015 يعتبر عددا كبيرا ومشكلة تستحق الدراسة؛ لأنها ليست حالة فرديه، لأننا لا نتحدث عن 3 أو 4 حالات، وأعربت عن توقعها زيادة المشكلة بسبب الأزمات المادية الحاليه.

" لن نلتفت إلى ظاهرة انتحار الأطفال إلا عندما تزيد وتتفاقم"، هذه هي رؤية دكتور هشام جمال، أستاذ الإعلام المرئي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، لعدم وجود دراسات عن انتحار الأطفال، وحذر جمال من أن الجيل القادم من الشباب عبارة عن قنابل موقوته نفسيا وتربويا وإعلاميا وثقافيا؛ لأنه جيل لا يقرأ مستواه اللغوي سيئ، وغير متذوق للموسيقى؛ بالتالي لا يمكن أن ننتظر إلا المزيد من الكوارث.

نسمة عبدالمنعم، مسؤولة التقارير الإعلامية في المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة والمشرفة على الدراسة التي أعدتها المؤسسة لرصد أعداد الأطفال المنتحرين، قالت ل"مصراوي" إن آلية العمل في الدراسة اعتمدت على رصد المنشور في وسائل الإعلام؛ وهي الآليه الوحيدة المتاحة للجمعية لرصد الظاهرة، مؤكدة على أهمية دراسة الأمر بعمق أكبر وتحليل الأسباب من أجل التصدي للأمر.

أين المجلس القومي للطفولة والأمومة؟
المجلس القومي للطفولة والأمومة المجلس القومي للأمومة والطفولة هو مجلس قومي حكومي مصري تأسس بقرار رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1988 المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 273 لسنة 1989.

من مهام المجلس اقتراح السياسة العامة في مجال الطفولة والأمومة، واقتراح البرامج الثقافية والتعليمية والإعلامية وتعبئة الرأي العام بشأن احتياجات الطفولة والأمومة ومشكلاتها وأساليب معالجتها.

ولكن هل قام المجلس القومي للطفولة والأمومه بالدور المفترض أن يقوم به خلال الخمس سنوات الماضية، أعربت أمل جودة، عضو الائتلاف المصري لحقوق الطفل، عن رؤيتها لدور المجلس على أرض الواقع قائلة إن المجلس لديه الخط الساخن الذي يتلقى من خلاله الشكاوى ويوزعها على الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، لكنه لا يقوم بدوره المفترض أن يقوم به رغم أن لديه الكثير من الصلاحيات، ولديه ميزانيه، "بكل أسف تراجع دور المجلس وأصبح المجتمع المدني أكثر فعالية منه وحتى البيانات الرسمية لمناهضة أي ظاهرة لا يشارك فيها كما كان يحدث قبل عام 2011 حينما كان جزء من وزارة الأسرة والسكان، ومن الأدوار الفاعله للمجلس حملات مناهضة ختان الفتيات التي أثرت بشكل كبير على الممارسه".

خطورة المضمون الإعلامي
عند قراءة أسباب انتحار الأطفال نجد أن تقليد أفلام الرسوم المتحركة أحد أسباب الانتحار، فضلا عن تأثير المضمون الإعلامي على زيادة حدة العنف لدى الأطفال، وهو ما يطرح التساؤل حول طبيعة المضمون الإعلامي الذي يتأثر به الأطفال، وأوجه الخلل فيه.

أوضح دكتور هشام جمال، أستاذ الإعلام المرئي أن غياب وجود دور رقابي على الإعلام بشقيه المسموع أو المرئي أدى إلى وجود مضمون إعلامي لا يضع أي اعتبار للعوامل النفسية والتربويه.

 وأضاف قائلا:" لا يوجد جهه على المستوى الحكومي أو الخاص تهتم بالمادة الموجهه للطفل؛ لأنها ببساطه ليس لها عائد مادي مثل برامج التوك شو، كما أنها مكلفه وتحتاج إلى فريق من الخبراء".

فيما يتعلق بالمضامين الإعلامية المقدمه للأطفال حاليا عبر القنوات الفضائية العربية، قال دكتور هشام جمال، إن أغلبها برامج ساذجه تملأ ساعات على الخريطة الإعلامية، وتتضمن نظم تربويه لا تتفق مع الطفل المصري، في الوقت الذي تراجع فيه دور تلفزيون الدولة بشكل كبير، وكان من قبل يقوم بهذا الدور.

في تحليله للمشهد الإعلامي الحالي يرى أستاذ الإعلام المرئي أن "موجة ربحية السبكي وعائلته" مسؤولة عن زيادة العنف في محيط الأسرة، نظرا لتقديمهم أعمال رسخت مفاهيم خطيرة منها تبسيط فعل التحرش، وكأنه سلوك معتاد، لذلك كان من الطبيعي أن نقرأ عن طالب الإعدادي الذي حاول الاعتداء على معلمته؛ وهو ما أعقب عرض فيلم حلاوة روح، وسط غياب لرقابة الدولة.

ضوابط احتجاز الأطفال
في بداية شهر مارس عام 2015 نشرت الصحف خبرا عن محاولة أحد الأطفال الانتحار أثناء احتجازه في زنزانة قسم شرطة سيدي جابر في الإسكندرية، خوفا من تعرضه للإعتداء الجنسي؛ وهي الواقعة التي ترفض أسرته تماما التحدث عنها.

 داليا صلاح، المحامية في مؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة، قالت لـ"مصراوي" من خلال متابعتها للواقعة، إن الضغوط النفسية التي تعرض لها الطفل في ذلك الوقت والناتجة عن مخالفة القانون واحتجازه مع بالغين هي ما دفعه إلى محاولة الانتحار، وبالكشف عليه تبين عدم تعرضه إلى إعتداء جنسي، وطلبت أسرته عدم التحدث عن الواقعة حتى يتمكن من تجاوز الواقعه ونسيانها.

وحول المواصفات القانونية لمكان احتجاز الأطفال تؤكد المحامية داليا صلاح، على أن القانون نص على أن يتم ذلك في حجز خاص بالأطفال وموجود في محافظة الإسكندرية في "كوم الدكه"، كما أن الحجز يجب أن يكون حسب نوع الجريمة؛ بحيث لا يمكن وضع الطفل المحتجز سياسيا مع المحتجز لأسباب جنائية أو جرائم مثل الإتجار بالمخدرات.

ويكون الحجز أيضا وفقا إلى السن؛ لا يمكن احتجاز طفل عمره 12 سنة مع طفل عمره 18 سنة، ولا يمكن تخصيص مكان للاحتجاز قريبا من دورة المياه أو سيئ التهويه حيث أن له شروط واضحة.

طالبت المحامية في المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة بتفعيل تطبيق قانون الطفل وأن يكون للأطفال قانون ونيابة وقضاء منفصل، لافتة إلى أنه مع العشوائية الأخيرة ظهرت أخطاء فادحه منها القضية التي تم فيها حبس طفل عمره 4 سنوات.

كيف يمكن حماية الطفل من الانتحار؟
تنصح دكتورة إيمان جابر، رئيس قطاع الطفولة والمراهقة للصحة النفسية بمستشفى العباسية للصحة النفسية، بضرورة الاهتمام بالحالة النفسية للطفل والمبادرة بالعلاج في حالة ظهور أي بوادر للاكتئاب أو الانعزال، أو ترددت على لسانه عبارات التهديد بالانتحار، مشيرة إلى خطورة التجاهل الذي قد يدفع الطفل لمحاولة الانتحار، كما لفتت إلى أن بعض حالات انتحار الأطفال يسبقها تهديد بالانتحار لا تأخذه الأسر على محمل الجد.

كما تحدثت دكتورة إيمان جابر عن خطورة مرحلة المراهقه، والتي يزيد فيها الاندفاع والتمرد والشعور بالاكتئاب نتيجة التصادم المستمر مع الوالدين، ويعتبر الوازع الديني والتفكير المنطقي أهم رادع للانتحار.

أكدت دكتورة ليلى كرم الدين، أستاذ علم النفس بمعهد دراسات الطفولة في جامعة عين شمس، أهمية احترام رغبة الطفل وتجنب الضغط عليه والامتناع عن استخدام العنف معه، ومحاولة اكتشاف موهبة الطفل ووضع قواعد ثابته في حالة مخالفتها يتم عقابه لكن بدون قسوه.

وتقول دكتورة ليلى كرم الدين إن اكتشاف موهبة الطفل ونشاطه المفضل يأتى من خلال ملاحظة ما إذا كان يمتلك أذن موسيقية أو متميز في الرسم أو غيرها من الأنشطة، وذلك عبر إتاحة الفرصة له لتجربة نشاطات متنوعة، وإعطاءه الفرصة لإبداء رأيه، والتحاور معه.

أما عن استخدام الطفل للكومبيوتر، له قواعد خاصة، تحددها دكتورة ليلى قائلة استخدام الطفل للكومبيوتر في سن مبكرة يرفع من مستوى قدراته الذهنية، و ذلك بعيدا عن سلبياته، التي يمكن التغلب من خلال وضع قواعد مكتوبة يتم الإتفاق عليها مع الطفل و تتضمن تحديد وقت معين للاستخدام مع مشاركة الوالدين فيما يمارس من أنشطة، و ينصح بإغلاق المواقع الإباحية.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان