إعلان

تفجر بين يدي العذراء وارتوى منه المسيح.. "نبع الحمراء" كنز سياحي بالبحيرة

07:23 م الأربعاء 18 أكتوبر 2017

البحيرة - أحمد نصرة:

في طريقها برحلة الهرب من بطش الإمبراطور الروماني هيرودس، توجهت العائلة المقدسة إلى وادي شيهات أو "بري شيهت"، والمعروف الآن بوادي النطرون، وفي قلب الصحراء اشتد عطش السيد المسيح، فلم تجد السيدة العذراء مصدرًا للماء سوى بحيرة شديدة الملوحة، فخاضت داخلها لأمتار، وأخذت بعض الماء منها لتروي طفلها، ليتحول الماء المالح إلى عذب، ويتفجر في نفس الوقت ينبوع مياه عذبة جسدت ما يعترف بمعجزة "نبع الحمراء" في التراث المسيحي.

على مدار عقود طويلة عانت منطقة "نبع الحمراء" من تجاهل وعدم تقدير لأهميتها وقيمتها السياحية والعلاجية، والتي تشكل كنزًا مدفونًا ومهملًا، ثم جاءت قبلة الحياة لها عقب إعلان بابا الفاتيكان، مطلع أكتوبر الجاري، تضمين رحلة العائلة المقدسة ضمن برنامج الحج الفاتيكاني لعام 2018، هنا بدأت الأنظار تلتفت إلى عدد من المحطات الهامة في تلك الرحلة المباركة، ومنها هذه المنطقة.

وقال القمص هابيل، أحد رهبان دير الأنبا بيشوي: "من المعروف إن وادي النطرون لا يوجد به أي عيون مياه عذبة سطحية، فالمياه العذبة تكون على بعد لا يقل عن 80 مترًا، وكانت السيدة العذراء تحمل السيد المسيح ومعهما يوسف النجار، وعندما عطش السيد المسيح، دخلت لمسافة 10 أمتار داخل الملاحات واحتفنت منها وأعطته ليشرب، فلما شرب تحولت المياه المالحة إلى عذبة، وبنفس المكان تفجرت مياه عذبة متدفقة بارتفاع 1.5 متر عن سطح المياه العادية، والتدفق لازال حتى اليوم".

وأضاف القمص هابيل: "هذه المياه مباركة ولها معجزات سواء المالحة منها أو النبع العذب، فهي تشفي أمراض الروماتويد والروماتيزم، وجميع أمراض الحساسية بأنواعها".

وعن سر تسمية الحمراء يقول محسن غريب، كيميائي: "البحيرة غنية بوجود عنصر الحديد فيها‏، ونتيجة تأكسده وتحوله من أكسيد الحديد الثنائي إلى أكسيد الحديد الثلاثي، اصطبغ باللون الأحمر وطفا على سطح النبع".

وعن خواص مياه البحيرة، قال أيمن أبو المعاطي، المؤرخ النطروني: "تتميز مياه البحيرة بخواص فريدة للغاية فنسبة ملوحة الماء تمثل ثمانية أمثال ماء البحر، وهي غنية بمركبات الأملاح الكبريتية، ما ممنحها الميزة والسر العلاجي للأمراض الجلدية وبعض أمراض العيون والعظام، ويوجد في الجانب الجنوبي الشرقي للبحيرة عين يتدفق منها الماء العذب، نسبة الملوحة بها تقدر 250 جزء في المليون أي أقل نسبة من مياه الأبار الجوفية المعبأة".

ويتحدث أبو المعاطي عن أهمية المنطقة، قائلًا: "تتميز منطقة نبع الحمراء، بموقع استراتيجي هام فهي تقع على بُعد متساو بين مدينتي الإسكندرية والقاهرة، وتقدر المسافة تقريبًا بحوالي 120 كم تستغرق 90 دقيقة بالسيارة".

وأضاف: "يتميز الشاطئ الشرقي بغزارة وكثافة الخُضرة الممتدة بطوله نظرًا لقربه من تصاريف ماء النيل، أما الشاطئ الغربي فتغلب عليه الرمال والطبيعة الصحراوية".

ويستطرد: "تعاقدت المحافظة في التسعينيات مع إحدى الشركات للاستثمار السياحي والعقاري لاستغلال المسطح المائي والمساحة المحيطة لإقامة مشروعات سياحية وعلاجية بنظام الانتفاع، لكنها لم تنفذ شروط التعاقد بتنمية المنطقة وبدلًا من ذلك ارتكبت جريمة، بعد أن تسببت في خلط الماء العذب بالمالح بعد شقها لخنادق مائية لإحكام سيطرتها على منافذ الدخول حول البحيرة، وهو ما يهددها بتقليل نسبة تركيز الملوحة بها وفقدانها لميزتها الأساسية".

ويعد نبع الحمراء بمثابة مصيف رخيص للبسطاء في قلب الصحراء، وهذا ما يجعل الكثير من الأسر التي تستخدمه تخشى أن تتسبب عمليات التطوير به، وتحوله لمزار سياحي عالمي في منعها من استخدامه بنفس القدر من الحرية.

وقال علي السيد، أحد سكان وادي النطرون: "البحيرة هي المتنفس الوحيد لنا، وميزتها إنها قريبة منا بدل ما نروح مشاوير بعيدة للمدن الساحلية، وكمان مفيدة صحيًا، بس الخوف إنهم يمنعونا لأننا سمعنا إنهم هيطوروها ويخلوها للسياح الأجانب".

وقالت المهندسة نادية عبده، محافظة البحيرة، إن المحافظة تستعد بقوة لاستقبال الرحلات الدولية والوفود السياحية لزيارة مسار العائلة المقدسة بوادي النطرون، التي تعد الرحلة الثالثة من مسيرة العائلة بمدينة وادي النطرون، التي تضم 4 أديرة هي دير الأنبا بيشوي، وبراموس، والسريان، والأنبا مقار، ومن المتوقع قدوم 200 ألف سائح من مختلف أنحاء العالم.

وأضافت أن هناك مشروع يهدف إلى ربط منطقة الأديرة بمنطقة نبع الحمراء، وتحويل المكان إلى مزار سياحي عالمي، بالإضافة إلى ربط المنطقة السياحية بمنطقة صناعات بيئية وحرف يدوية مستمدة من تراث المنطقة.

وأعلنت المحافظ أنه سيتم تصميم لافتات دعائية على الطريق الصحراوي من الإسكندرية إلى القاهرة، وتشجير المداخل بأشجار النخيل والزينة، ورفع كفاءة الإنارة، وعمل مناطق خدمات على مستوى عال تضم أماكن ترفيهية، وخدمات طبية، وكافيهات ومطاعم عالمية ومناطق فندقية عالية، كما سيتم تجهيز غرف متحركة ( موتيلات ) لمبيت واستضافة الوفود الأجنبية على طريق مسار العائلة المقدسة.

وقال أيمن عبدالله رئيس قرية الحمراء: "هناك توجه لدى القيادات التنفيذية بمحافظة البحيرة لإحياء منطقة نبع الحمراء والاستفادة منها ووضعها على خريطة السياحة الدينية والعلاجية".

ومنذ أيام قليلة تم توسيع وتمهيد مدخل القرية، ويوم الإثنين الماضي تم استقبال أول فوج سياحي لنبع الحمراء، عبارة عن 8 أتوبيسات سياحية تقل 400 سائح مسيحي، في إطار تشجيع السياحة الدينية لوادي النطرون، وكان قبل ذلك تقتصر الزيارات على أعداد فردية غير منظمة.

فيديو قد يعجبك: