إعلان

بالفيديو والصور- مصراوي من داخل شبّاك تذاكر المترو.. الصرّافون في مواجهة صدمة الجماهير

03:29 م السبت 25 مارس 2017

مصراوي من داخل شبّاك تذاكر المترو

كتب-عبد الله قدري ودعاء الفولي:

داخل غرفة صرف التذاكر بمحطة مترو جمال عبد الناصر، جلس ثلاثة رجال وسيدة. يُذكّرون المواطنين برفع ثمن التذاكر إلى جنيهين، يحتفظون بأقصى قدر من ضبط النفس، بعدما صاروا حائط الصد الأول الذي يتعامل معه الجمهور. بين مواطن وآخر اختلفت ردود الأفعال على السعر الجديد للتذكرة.

رغم مرور أكثر من 24 ساعة على القرار إلا أن أمارات التعجب كست الوجوه. حاول الصرّافون تقليلها إما بابتسامة أو رد "معلش أصل التذكرة غليت"، بينما ما زالت عقولهم تترقب الأيام القادمة التي تحمل ازدحام الجامعات والوظائف الحكومية.

بعد قرار وزير النقل الدكتور هشام عرفات أمس الجمعة، بزيادة سعر تذكرة المترو لـ2 جنيه، اجتمع المفتشون مع صرافي التذاكر، ليخبروهم بتطبيق القرار و"حسن معاملة الجمهور".

قرار الزيادة انتظره الصرّافون على "أحرّ من الجمر"، فالخسائر اللاحقة بالهيئة والتي قدرتها إدارة المترو بـ25 مليون جنيه شهريا، انعسكت على أوضاعهم المادية وجعلتهم يعملون في أيام "الراحات" لتحصيل مقابل مادي إضافي.

خرجت التوجيهات للصرافين بحسن معاملة الجمهور أثناء قطع التذكرة، والرد على الراكب المعترض بـ"عدم الصدام"، وفق أشرف السيد، أحد صرّافي التذاكر بمحطة جمال عبد الناصر لمصراوي.

30 عاما مرّت منذ عمل أشرف السيد كصراف للتذاكر، أصبح لديه احتكاك بنوعيات مختلفة من الركاب، ما جعله مؤهلًا للتعامل مع تطبيق الزيادة.

2

"التعامل مع أعداد كبيرة بيعمل عجز في وارداتنا اليومية، واحنا بندفعه من جيبنا".. بحسب أشرف، الذي يؤكد أن حصيلة العجز ارتفعت بعد قرار الزيادة "لأننا لسه متعودناش وممكن حد يتلخبط ويدي التذكرة بجنيه، العجز بيوصل لـ100 جينه يوميا على الصراف الواحد". ومع ذلك يرى أن هذا شيء طبيعي ويحدث باستمرار حتى قبل القرار الأخير.

في غرفة موظفي المحطة الحيوية، يعمل مينا موريس منذ 28 عاما "بيورد علينا أشكال وألوان يوميا". توقّع الصرّاف الخمسيني حدوث حالة من الهرج بسبب القرار "الناس اللي مش مصدق واللي بيقول حسبي الله بس كله مُجبر يدفع"، يسعى لامتصاص غضب المواطنين "بس بعضنا بيبقى شغال 24 ساعة فبنيجي على الآخر وبنتعب جدا"، رغم ذلك لا يفقد العاملون أعصابهم إلا عند تعدّي المواطن "وبرضو بنلم الدنيا بسرعة لأن المواطن في الآخر هيمشي وإحنا اللي أعصابنا هتتكسر ع الفاضي".

3

يعمل صرّافو المحطة في ترس بلا رحمة "كل دقيقة بنتكلم في مع المواطن الطابور بيكبر والعدد بيزيد"، يقول موريس إن عدد المواطنين يوميا تضخم أكثر من الضعف على مدار سنوات عمله "كان بيدخل لنا في اليوم 25 ألف مواطن، دلوقتي بقوا أكتر من 75 ألف وده في محطة واحدة"، ومع وصول سعر التذكرة إلى جنيهين "الرقم اللي هييجي في اليوم هيبقى كبير جدا"، ما يُمثّل عبئا على صرّافي الهيئة، المنوط بهم ضبط الأموال التي يحصلون عليها بشكل دقيق.

4

بدأت وردية عمل موريس عقب ساعات من القرار "خدنا الصدمة كلها".. يقولها ضاحكا، فيما يصف حال بعض المواطنين بعد سماع الخبر "واحد بيديني جنيه ولما قولتله إنها غليت مستوعبش وقاللي يعني عايز إيه؟"، إلا أن الرجل دفع في النهاية دون استفسار عن مزيد من التفاصيل.

بينما توافد المواطنون على شبّاك التذاكر، دلفت وفاء فتحي صالة بيع التذاكر، ألقت السلام قبل أن تقول لصديقتها الجالسة "عملتي عجوزات كام إنهاردة؟"، فتجيبها "خمسة جنيه"، لتقاطعها زميلتها قائلة: "طب كويس انا دافعة إمبارح 20 جنيه من جيبي".

مصراوي من داخل شبّاك تذاكر المترو

علمت الموظّفة الشابة برفع سعر التذكر من خلال الإنترنت "كنا نسمع زمان إنهم هيغلّوها بس انا قلت ده كلام وخلاص"، استجمعت قواها كي تجلس بالأمس أمام الجماهير "إحنا اتعودنا بس طبيعي مع القرار يبقى رد فعل الناس أسوأ"، تحكي "فتحي" عن تلك السيدة التي أعطتها جنيها "ولما قولتلها إنها غليت سكتت ثانية وبعدين شتمت الحكومة ومشيت"، فيما تتذكر سيدة أخرى سبتها هي بشكل شخصي.

يُعاني موظفو شبال التذاكر من تكبد الخسائر المادّية حتى قبل تطبيق القرار "لو حد ممعهوش وقالك عايز تذكرة هتحط الجنية من عندك"، إلا أن تلك الأزمة ليست الوحيدة؛ فمع وجود أموال مُزيفة يدفعها البعض يتعين على الصرّاف سد الثغرة "يعني ناس بتجيب لنا 100 جنيه و200 جنيه مضروبة، لو عدت على الصراف ممكن نلم تمنها من جيبنا".

6

على إثر ذلك اضطر موريس لشراء جهاز للكشف عن الأوراق المالية المُزيفة "جبته بـ100 جنيه"، يستخدمه حال الشك، لكنه يتمنّى أن تدفع هيئة الأنفاق جزء من تلك الأموال، لاسيما مع الضغط الشديد الذي يتعرض له الموظفين "وحتى لو اكتشفنا الفلوس في وقتها وخدنا إجراء رسمي بنتبهدل كل شوية مشاوير للنيابة وتعب".

وعن طبيعة عمل الصرّافين، يقول موريس "إحنا بنشتغل 24 ساعة، وبنريح يومين، ده نظام شغلنا اللي تم تطبيقه من أيام ثورة يناير". يلتقط السيد أطراف الحديث موضحا أن النظام بدأ نظرا للظروف الأمنية–آنذاك– والتي حالت دون السفر إلى محافظاتهم، إذ أن الغالبية العظمى من الصرّافين من الأقاليم، لكن عموما "العمال تعودوا على النظام ده، وبقى مريحهم".

تزامنا مع رفع سعر التذكرة، أُثيرت شائعات حول تقاضي الصرّافين مرتبات مرتفعة، ليفند موريس الأمر قائلا: "كل واحد فينا بياخد 5آلاف جنيه شاملة الإضافي والراحات والحافز"، يصمت قليلا ثم يضيف "بنضغط على نفسنا عشان 300 جنيه زيادة، نقدر نواجه بهم الأسعار ومتاعب الحياة".

7

وينتقل الحديث إلى الموظف عبدالعزيز حسن، الذي اقترح تحصيل رسوم تذكرة المترو بالدولار من الأجانب فقط، خاصة أن المحطة يتردد عليها ركاب أفارقة.

بين ساعة والأخرى لا تلبث تعبيرات المواطنين أن تستمر، أحدهم يحوقل، آخر يظن أن الصرّاف يسخر منه، ويُعلن شاب ثالث بأسى أن ما معه لن يكفيه كي يعود للمنزل.. "التشنيج كان في أول يوم بعد التطبيق" على حد قول ياسر علي الذي يضيف بينما يصرف التذاكر، أنه علم بالقرار من التليفزيون، معتبرا إياه امتداد لزيادات أسعار السلع المختلفة "زي فاتورة الكهرباء والماية لو جات عالية، بنتصدم بس بندفع".

1

 

فيديو قد يعجبك: