إعلان

هل تدخلت شركة "إيني" في عودة السفير الإيطالي للقاهرة؟.. (تقرير)

03:48 م الثلاثاء 29 أغسطس 2017

شركة إيني الإيطالية

تقرير - مها صلاح الدين:

بعد حادث مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير2011، بدأت التكهنات بالعقوبات الإيطالية التي قد تفرضها إيطاليا على مصر، والتي كان أبرزها سحب استثمارات شركة "إيني الإيطالية" من حقل ظُهر، وعلى الرغم من المواقف المعادية التي اتخذتها إيطاليا ضد مصر إثر الحادث، والتي كان أبرزها سحب السفير الإيطالي من القاهرة بسبب عدم تصديق الحكومة الإيطالية الرواية المصرية لمقتل ريجيني، إلا أن استثمارات "إيني" في مصر ظلت مستمرة، وظلت اجتماعات ممثلي الشركة مع رموز الحكومة المصرية، طوال فترة الأزمة، وهو الأمر الذي جعل سؤالا يطرح نفسه: "هل لـ "إيني" يد في عودة السفير الإيطالي للقاهرة؟

وهو ما سيحاول "مصراوي" الإجابة عنه خلال السطور التالية.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيطاليا عام 1941، بعد تبادل السفراء بين البلدين، وبدأت أنشطة شركة إيني في مصر في مجال الطاقة منذ عام 1954، ونستعرض في التسلسل الزمني التالي أهم المحطات الرسمية بين مصر وإيطاليا.

أما عن التأثير الاقتصادي المتبادل بين البلدين، يتم توضيحه في الجدول التالي، وفق دراسة أعدها بنك الإسكندرية حول العلاقات بين البلدين.

1

منذ أيام استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلاوديو بيكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني، لبحث أعمالهم القائمة بحقل "ظهر"، والذي أعرب عن حرص الشركة عن الاستفادة من الفرص الواعدة بقطاع الطاقة المتجددة في مصر، لم يكن هذا هو الاجتماع الوحيد على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية، فاستقبل الرئيس المصري المدير التنفيذي للشركة مرتين من قبل في يناير، ومارس الماضيين، كما استقبل عقد رئيس الوزراء شريف إسماعيل الرئيس التنفيذي للشركة في أول شهر أغسطس الجاري.

وفي الوقت الذي قطعت فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أصدرت فيه شركة إيني عدة بيانات عن أهمية اكتشافات الغاز الطبيعي في مصر، والذي يستطيع أن يلبي احتياجات قارة أوروبا بأكملها، كما وقعت عقد امتياز 90% من حقل "ظهر" في فبراير الماضي، بعد أن باعت شركة "BB" حصتها منه.

يفسر الخبير في شؤون الطاقة رمضان أبو العلا، ذلك بأنه على الرغم من أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، إلا أن للاقتصاد اليد العليا لكونه يشكل مصائر الشعوب، فعلى الرغم من الفتور السياسي الذي شاب العلاقات بين مصر وإيطاليا بعد مقتل "جوليو ريجيني"، والدعاية المضادة التي قام بها ما يسمى تنظيم الإخوان المسلمين، كان للدور الاقتصادي الذي تلعبه "إيني" في إيطاليا يد في المصالحة، بحثا عن مصالح مستثمريها ومساهميها، وفقا لقول الخبير.

وأكد أبو العلا، انعكاس تأثير شركة إيني على الجانب السياسي في إيطاليا، والذي بدا بشكل واضح في القضية المصرية، حيث عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي بين مصر وإيطاليا بشكل حسير، من خلال زيارات مستمرة غير مصطنعة أو فجة، ناهيك عن تأثير المساهمين بالشركة داخل البرلمان الإيطالي، وقنواتهم داخل الصحف، وهو ما يجعل المصالح الاقتصادية تحديدا هي المحرك الأساسي لكل شيء، من وجهة نظره.

ويعزز وجهة النظر تلك حجم الاستثمارات والمكاسب لشركة إيني في مصر، بحقول النورس وظهر وغيرهم، والمبينة في الإنفوجرافيك التالي.



وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فكانت إيطاليا واحدة من أضعف الدول الأوروبية في مجال الطاقة، وهو الأمر الذي جعل لإيني سطو كبير في السياسة الخارجية، نظرا لاستثماراتها التي بلغت 58 مليار دولار في 73 دولة من دول العالم، وهو ما أقر به رئيس الوزراء ماتيو رينزي، في تصريحات عام 2014 يصف فيها شركة إيني بأنها جزء جوهري في سياسة إيطاليا الخارجية والاستخباراتية، كما أضاف رئيس الوزراء أن الرئيس التنفيذي لشركة إيني "كلاوديو ديسكالزي" أكثر شهرة في دول العالم من أغلب وزراء إيطاليا.

وأشارت "نيويورك تايمز" في تقريرها، أن عدد من الدبلوماسيين الإيطاليين يعتقدون أن شركة إيني لديها قوى مشتركة مع جهاز الاستخبارات الإيطالي لإيجاد حل سريع لقضية ريجيني، وأشارت الصحيفة لقول مؤلف كتاب "الدولة الموازية" الصادر في 2016 عن شركة إيني، أندريا غريكو: "أنا متأكد من أنهم قد يكونوا تعاونوا في قضية ريجيني"، وهو ما يتضح من متابعة القضية عن كثب أثناء تعاملاتها مع الدولة المصرية.

وتزعم "نيويورك تايمز" أن شركة إيني رتبت لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية مقابلة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد 6 أسابيع من وفاة ريجيني، أظهر خلالها تعاطفه مع والدي ريجيني ووصف حادث وفاته بـ "المروعة وغير المقبولة"، كما تعهد بالوصول إلى حقيقة مقتله.

2

ويوضح الجدول السابق حجم مكاسب شركة إيني من حقول البترول والغاز الطبيعي في مصر، وهو ما أشار إليه مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير أحمد القويسني، حول أهمية مصر وحقول البترول المكتشفة حديثا لدى الشركة، ووصفه بالـ "بديهي"، لأن الحكومات عادة ما تدافع عن مصالح شركاتها الكبرى، فالمصالح هي ما تحرك السياسة في الدول الكبرى.

وبالرغم من القرارات المعادية التي اتخذتها الحكومة الإيطالية إثر حادث مقتل "جوليو ريجيني"، والموضحة في التسلسل الزمني التالي، إلا أن شركة إيني لم تتخذ أي موقف مشابه ضد مصر.

وزير البترول الأسبق أسامة كمال، يفسر ذلك بأن شركة إيني أقدم شريك استراتيجي في مصر، ليس في مجال الطاقة فحسب، بل في الاقتصاد المصري كله، مؤكدا أن مسؤوليها بذلوا مجهودات كبيرة للحفاظ على العلاقات الاقتصادية، الحميمية، على حد قوله بين مصر وإيطاليا، لتهدئة الأمور.

فشركة إيني الموجودة في مصر منذ 90 عاما، تتفهم طباع المجتمع المصري بشكل جيد، وتتفهم ملابسات الحادث بحسب قول الوزير الأسبق، كما تتفهم أهداف الأهداف المغرضة لدى بعض الفئات التي تريد الوقيعة بين الدولتين.

وأكد كمال، أن شركة إيني لديها تأثير كبير على السياسة الإيطالية، ينبع من كونها أنشئت لرفع الاقتصاد الإيطالي الذي كاد يكون محطمًا، وقتذاك، فأخذت على عاتقها النهضة بالصناعة الإيطالية، وأسست العديد من الشركات العملاقة في مجالات عدة، وتضع لها تصاميم إيطالية معتمدة.

بدأت أهمية شركة إيني من خلال توغلها بحقول الطاقة في معظم دول العالم، ومن هنا بدأت تشجع العديد من الشركات الإيطالية تصنيع الطلمبات ومستلزمات الصناعة لتلك الدول، وهو ما جعل لها كلمة مسموعة داخل وخارج المجموعة الاقتصادية في إيطاليا، ولأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فذلك ينعكس على السياسة، ولا يتقاطع مع مصالحها مع دول معادية بشكل قاطع مثل إيران والاتحاد السوفيتي، وفقا لقول الوزير الأسبق.

حاول "مصراوي" التواصل مع شركة إيني الإيطالية في مصر لمعرفة المزيد من التفاصيل حول تدخلها لعودة السفير الإيطالي للقاهرة، إلا أننا لم نتلقَ رد، بينما قمنا بمراسلة المكتب الإعلامي للشركة في روما، عبر البريد الإلكتروني، وأكدوا لنا في رسالة إلكترونية أنهم سيردون في أقرب فرصة.

فيديو قد يعجبك: