إعلان

كاتب: ألمانيا لن تقود العالم

10:28 م الأربعاء 21 فبراير 2018

المستشارة الألمانية انجيلا ميركل

كتب - هشام عبد الخالق:

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالًا تحليليًا لمراسلها في الشؤون الخارجية ريك نوك، حول مدى جاهزية ألمانيا لقيادة العالم الجديد، بدلًا من الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال نوك، في بداية مقاله: "كان أحد أكثر الصفات المميزة لشخصية المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على مدار سنوات هو الحذر، فلسنوات ساعدتها تلك الصفة على تجنب أعدائها وكذلك الأشخاص الذين يسطع نجمهم داخل دولتها".

ويتابع الكاتب، "ولكن طريقة حكمها أدت في النهاية إلى انتقادات داخل ألمانيا، مع اتّهام البعض لها في وضع أشبه بـ "النوم العميق"، عن طريق الامتناع عن الاصطدام مع منافسيها، ولكنها وُصفت خارجيًا بأنها "قائدة العالم الحر" مع اقتراب انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثانية، في الوقت الذي واجهت بريطانيا فيه خروجها من الاتحاد الأوروبي، وكانت فرنسا في أوج أزمة صعود الشعبوية".

ولكن، كما يقول الكاتب، تغيّر الوضع بعد مرور عام، حيث دخلت ألمانيا في حالة من الجمود السياسي، وفي الوقت الذي استمرت فيه المفاوضات وأحاديث التحالف لمدة خمسة أشهر، لتجبر ميركل على مواجهة إحدى أسوأ الأزمات خلال فترتها التي استمرت 12 عامًا، انطفأت آمال أن تقود ألمانيا العالم في ظل تراجع الولايات المتحدة مؤخرًا تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب".

ويضيف الكاتب، ولكن ربما لم ترد ألمانيا أن تقود العالم من الأساس، بل يعتقد البعض أن ابتعاد ألمانيا عن الأضواء قد يفيدها بشكل عام، عن طريق إضعاف قوتها.

ويعتقد كثير من الأشخاص في واشنطن - والتي اعتبرت نفسها القوة المؤثرة الأكبر في العالم - أن ألمانيا تتبع طريقة جديدة في التعامل الدولي، ولكنه ليس بجديد على تاريخ برلين.

قليل من الألمان يرون أن دولتهم يجب أن تأخذ دورًا مؤثرًا في الشؤون الدولية، وقال 52% في إحصاء جديد، إن مزيدًا من ضبط النفس مفيد لألمانيا، وهذا أحد الأسباب التي تجعل الجيش الألماني لا يزال يعاني من نقص مزمن في التمويل، لدرجة أنه لا يمكنه الانتشار بغرض الدفاع.

ويقول ثورستين بينر، مدير معهد السياسة العامة العالمي في برلين: "من الجيد لسمعة ألمانيا خارجيًا أنها لا تأخذ دور قائد القارة الأوروبية، ومن الجيد أيضًا رؤية أن فرنسا أخذت على عاتقها كثير من المسؤوليات وأن الرئيس إيمانويل ماكرون كان لديه الفرصة ليصعد نجمه".

ويتابع الكاتب، على الرغم من توليه الحكم في الفترة الأخيرة، أظهر ماكرون نفسه كقوة مؤثرة على الساحة العالمية، باشتراكه في المناقشات والمفاوضات السياسية، في الوقت الذي انخرطت فيه ألمانيا في انقساماتها الداخلية وانشغلت بريطانيا في مناقشة تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي، ليظهر ماكرون كأحد أقوى الوجوه السياسية في أوروبا، لدرجة أن بعض المحللين يقولون إن ماكرون قد يصبح زعيمًا للعالم الحر بحكم الواقع.

ويضيف الكاتب، أثار صعود نجم ميركل في الحياة السياسية وتسميتها بـ "قائدة العالم الغربي"، سخط عدد من الحكومات في أوروبا، التي شعرت بالاختناق بسبب التأثير الألماني، وعلى الرغم من أن استطلاع حديث لمؤسسة جالوب، أظهر أن ألمانيا استبدلت الولايات المتحدة كالقوة المؤثرة الكبرى في العالم، ولكنها تبقى غير محبوبة في القارة الأوروبية.

ويستطرد بينر، رؤية بعض الدول لألمانيا تؤثر علينا بشكل مباشر - مثل بولندا واليونان -، وتأخذ مثل هذه الدول حذرها من برلين بشكل أكبر مما تظهره التقارير الدولية.

وفي الوقت الذي ازداد فيه تأثير ألمانيا في أوروبا، أثار حزب القانون والعدالة البولندي بعض المشاعر المعادية للألمان، والتي كانت موجودة بالفعل ومتأصلة في التاريخ من معاناة البولنديين تحت الحكم النازي، وفي اليونان، كان يُنظر إلى التقشف الذي نفذته حكومة ميركل، على أنه نسخة أكثر عصرية من استيلاء ألمانيا على العالم.

وأظهر الدور الألماني في أوروبا أيضًا لبرلين حدود قدراتها، وكما تقول مجلة "الإيكونوميست" البريطانية: "أكبر عائق في ألمانيا الآن، هو أنها تعتمد على النظام متعدد الأطراف أكثر من أي دولة أخرى".

واختتم الكاتب مقاله قائلًا: "قد تساعد ألمانيا - في حالة تخليها عن السيطرة بشكل أكبر - الاتحاد الأوروبي المنقسم حاليًا في تجاوز خلافاته".

فيديو قد يعجبك: