إعلان

من داخل سوريا.. أسوشيتدبرس تحاول كشف لغز اختفاء الناشطة رزان زيتونة

10:01 م الإثنين 13 أغسطس 2018

الناشطة الحقوقية السورية رزان زيتونة

كتب - هشام عبد الخالق:

استطاعت الناشطة الحقوقية السورية رزان زيتونة، صنع العديد من الأعداء من مختلف الجبهات، خلال الحرب السورية التي استمرت أكثر من سبع سنوات، وكانت الناشطة جريئة وشجاعة وعلمانية، ولكن الأكثر أهمية في قضيتها هو أنها كانت نزيهة، حيث هتفت في الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد، لكنها وثقت أيضًا الانتهاكات التي يقوم بها المتمردون الذين يقاتلون للإطاحة به.

ولكن، بعد كل هذا، اختفت الناشطة السورية زيتونة، وأصبح مصيرها واحدًا من أكبر الألغاز التي لم يستطع أحد حلها طوال الصراع السوري الدائر منذ أكثر من سبع سنوات، ولا يوجد حتى الآن أي دليل على كونها حية، أو أي شهادة على كونها ميتة، منذ أحد أيام الشتاء القارس في ديسمبر 2013، عندما تم اختطافها هي وزوجها وزميلا عمل بواسطة رجال مسلحين بالقرب من مكتبها في دوما، التي كانت تسيطر عليها المعارضة في ضواحي دمشق.

وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، قالت في تقرير لها اليوم الإثنين، إنه بعد خمس سنوات على اختفاء الناشطة السورية، بدأت بعض الدلائل في الظهور مثل بعض الكتابات بخط اليد التي تقول "سوف أقتلك"، وكذلك تسجيل دخول إلى الحاس الآلي الخاص بها بعد أن سرقه المختطفون من مكتبها، وكذلك العديد من المشاهدات لها من قبل شهود عيان.

وتعطي تلك الأدلة إشارة واضحة على أن "جيش الإسلام" يقف وراء عملية اختطاف زيتونة وحبسها في السجن الخاص بالتنظيم "التوبة" ، وكان هذا التنظيم أقوى التنظيمات المعارضة في دوما في ذلك الوقت، وأنكر باستمرار أن يكون له أي دورفي اختفاء الناشطة زيتونة، وقال العديد من أصدقائها وزملائها إنه من المرجح أن تكون قتلت بعد الاختطاف بفترة لا يعلمها أحد.

في أبريل، استعادت قوات بشار الأسد السيطرة على مدينة دوما، وتم إجلاء مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم وآلاف المدنيين، وإطلاق سراح السجناء الذين اختطفوهم، إلا أن زيتونة وزملائها لم يظهروا، مما أثر بالسلب على أمل أصدقائها في أن تكون حية.

فريق من صحفيي وكالة "أسوشيتدبرس" زار سجن التوبة المهجور، وهو المجمع الذي كان في السابق منشأة بحثية تابعة لوزارة الزراعة، ولكن تم تحويلها إلى متاهة تم تحويل المجمع إلى متاهة داكنة، حيث قام جيش الإسلام بحبس مئات الأشخاص على مر السنين، بما في ذلك معارضي الأسد.

صورة 1على حوائط الزنازين توجد رسومات الجرافيتي، والتي كانت عبارة عن أسماء، ورسائل تحية للعائلات، وتقويم حتى يستطيع السجناء أن يعدوا الأيام التي يقضونها، وكانت زنزانات الحبس الانفرادي ضيقة للغاية، بعرض متر وارتفاع مترين وثقب صغير حتى يستطيع المسجون أن يقضي فيه حاجته، وكان المجمع كله مربوط بأنفاق تربط بين المباني وتؤدي إلى خارجه.

وكالة "أسوشيتدبرس" قابلت عشرات النشطاء والمتمردين ومعارف زيتونة والسكان المحليين من دوما، حتى تستطيع ربط جميع المعلومات عن اختفائها، ورفض كثيرون ممكن تحدثوا ذكر أسمائهم خشية إغضاب العائلات أو أن ينتقم أحد منهم.

كانت زيتونة قبل الحرب معروفة بكونها محامية للسجناء السياسيين، وأصبحت أحد وجوه الثورة في أيامها الأولى في 2011، وكانت تهتف وتغني في المظاهرات، وقالت في أحد التجمعات: "سيستمر العصيان المدني حتى نسقط نظام الأسد".

بعد تضييق الحكومة للخناق على المعارضة، حملت المعارضة الأسلحة وتحول النزاع إلى حرب أهلية، وقامت زيتونة بتأسيس مركز لتوثيق الانتهاكات، وحصلت على العديد من الألقاب الدولية، وفي عام 2013، كرمتها قرينة الرئيس الأمريكي آنذاك ميشيل أوباما ووزير الخارجية جون كيري، بالجائزة الدولية للمرأة الشجاعة.

ويقول الناشط السوري المعارض مازن درويش، الذي يعرفها منذ 18 عامًا: "إنها امرأة مبادئ، وهي تحب الحياة وذات عقل متفتح وصديقة جيدة".

في 2013، لجأت زيتونة للاختباء في مناطق سيطرة المعارضة بمدينة دوما، بعد أن كانت السلطات الحكومية تلقي القبض على نشطاء المعارضة في دمشق، وهناك كانت تهاجم النظام هي وزميلتها سميرة الخليل بدون حجاب في المدينة المحافظة التي ترتدي فيها أغلب النساء نقابًا أو حجابًا على الأقل، وعملت على تكوين إدارة محلية لتوفير الدعم، وحصلت على الدعم المالي من خارج البلاد إلا أنها استغلت هذه الأموال لمساعدة ضحايا الصراع، مما أزعج متمردي جيش الإسلام في الغالب.

صورة 2

في 9 ديسمبر 2013، اقتحمت مجموعة من الرجال المسلحين مركز توثيق الانتهاكات الذي أسسته زيتونة، واختطفوها عندما كان عمرها في ذلك الوقت 36 عامًا فقط، وزوجها وائل حمادي، وسميرة الخليل، وزميل آخر لهم نظيم حمادي، واستولوا على الأجهزة الإلكترونية والحواسب الشخصية، وتركوا كمية كبيرة من الأموال السورية تبلغ قيمتها 60 ألف دولار دون أن يمسوها.

حمزة بايرقدار، أحد المسؤولين بجيش الإسلام، أنكر أن تكون جماعته مسؤولة أو لها أي دور في عملية الاختطاف، وقال في حديث مع "أسوشيتدبرس" إن جيش الإسلام أحضر زيتونة لمدينة دوما حتى يحميها من الحكومة السورية، وكانت الغوطة الشرقية تواجه انتهاكات كبيرة من قبل قوات الأسد ضد المدنيين، وكان عمل رزان وصديقتها في الغالب لتوثيق مثل هذه الأفعال.

ولكن، بحسب من تحدثت معهم الوكالة، رأى العديدون من جيش الإسلام أن توثيقها للاعتداءات والانتهاكات يمثل خطرًا، وكانوا مستائين من خطتها لتكوين إدارة محلية في دوما، ورأوا أنها تمثل تهديدًا لقوتهم، وتلقت زيتونة العديد من الاتهامات التي أثبت أصدقاءها أنها تعود لجيش الإسلام.

قبل اختطافها بأسابيع تلقت زيتونة العديد من التهديدات، كان منها مذكرة مكتوبة بخط اليد حملت عبارة "سوف أقتلك"، ومنحت المذكرة زيتونة ثلاثة أيام لتغادر وإلا سوف تُقتل، واعترف مسؤول بجيش الإسلام في وقت لاحق، في محكمة محلية أنه هو من أرسل الرسالة بأمر من الجماعة المعارضة، ولكن أطلقت المحكمة سراح المسؤول بعد تدخل زعيم جيش الإسلام زهران علوش.

ويقول محمد قطوب، طبيب أسنان كان متواجدًا في دوما في نفس الوقت الذي كانت به رزان، "على الرغم من التهديدات رفضت زيتونة أن يتم توفير الحماية لها، لقد كانت ذات شخصية قوية، وقالت إنها تستطيع حماية نفسها".

ويقول أسامة نصار، أحد مساعدي زيتونة المقربين، والذي استمر في إدارة مكتبها بعد اختطافها، إن شاهدًا أخبره أنه في الصباح التالي للاختطاف شاهد ثلاثة أشخاص تم تغطية رؤوسهن محتجزين في شقة بالقرب من ساحة الشهداء الرئيسية في مدينة دوما، ويعتقد نصار أن المختطفين كانوا زيتونة وسميرة الخليل، ونظيم حمادي، وأن الشقة كانت محطة توقف قبل أن يتم نقلهم لمكان آخر، ويقول نصار إن بعد الحادثة تم العثور على الرجل الذي كان يعيش في الشقة مقتولًا.

ويعتقد بعض متابعي قضية زيتونة، أنه تم سجنها في سجن "التوبة" التابع لجيش الإسلام.

ويتابع نصار، إحدى السجينات السابقات في "التوبة"، قالت إنها رأت زيتونة هناك، وعندما شاهدت مجموعة من النساء في صور، استطاعت التعرف على صورة زيتونة، وكذلك رسالة مكتوبة على الحائط في إحدى الزنزانات عن والدة زيتونة، ويرجع تاريخها لعام 2016، والتي إذا تم التأكد من صحتها، سيعني هذا أن زيتونة عاشت لسنوات بعد اختطافها.

صورة 3

جميع من تعامل مع زيتونة في سوريا، متفرقين سواء داخل البلاد أو خارجها، ما يعني أنه لن يقوم أحد بالبحث عن زيتونة في سوريا أو عن قبرها حتى، ورفضت والدة زيتونة وشقيقتها طلبات عدة من الوكالة لإجراء مقابلة شخصية.

بعض الأقاويل تحدثت عن المكان الذي دُفنت فيه زيتونة وزملائها، حيث قال أحد الأشخاص الذي رفض ذكر اسمه إن جيش الإسلام دفنها في مزرعة بالقرب من السجن، ويقول آخر إنه تم دفنهم في حوش ناصري، وهي قرية قريبة.

النشابية، المدينة التي تبعد أميالًا عن دوما، أحد الاحتمالات القوية أيضًا، حيث يقول مسؤول موالٍ للحكومة، رفض ذكر اسمه نظرًا لحساسية موقفه، إن مجموعته بالتعاون مع الجيش السوري تقوم بحفر أحد القبور الجماعية لأشخاص قتلهم جيش الإسلام، وإن لديه معلومة بأن جثمان زيتونة من الممكن أن يكون هناك أيضًا.

ونقلت الوكالة عن مازن درويش، في نهاية التقرير "توجد أدلة على أن زيتونة كانت في سجون جيش الإسلام حتى بدايات 2017، ومن ثم انقطعت كل أخبارها، وبعد أن غادر جيش الإسلام دوما، أصبحت احتمالات العثور عليها حيّة أصعب وأصعب".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان