إعلان

حوار | تهاني الجبالي: اختزال تعديلات الدستور في "مُدة الرئيس" تضليل.. والإعلام "كارثة"

07:10 م الجمعة 15 مارس 2019

المستشارة تهاني الجبالي

حوار - رشا المنيري:

تصوير - روجيه أنيس:

قالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق، إن اختزال التعديلات الدستورية في مادة "مد فترة الرئاسة" فقط، هو تعمد واضح لتضليل الشعب المصري، مشيرة في حوار مع "مصراوي، إلى أن استهداف البعض للبلد في مرحلة انتقالية حساسة هو عمل مُشين.

وانتقدت "الجبالي"، أداء الدوائر المحيطة بالرئيس خصوصًا في الملف الاقتصادي، مطالبة بإنشاء مركز للدراسات السياسية والاستراتيجية برعاية الدولة لمساعدة الرئاسة والحكومة والبرلمان في اتخاذ القرارات على أسس علمية.

وهاجمت الجبالي الإعلام والنخب السياسية، وشددت على ضرورة سن تشريعات صارمة لضبط وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، وتعطيلها لمدة سنة، معتبرة أنها سلاح رئيسي في حروب الجيل الرابع.. وإلى نص الحوار:

 (2)

- في البداية.. كيف ترين التعديلات الدستورية؟

فترات ما بعد الثورات بمثابة مراحل انتقالية حرجة ومرحلة تأسيسية للدولة، تبدأ بعهد جديد بأسس واضحة. وفي مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو كانت جميع المؤشرات تؤكد ضرورة وضع دستور جديد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة. كما أن اختصاصات الرئيس كانت محدودة جدًا.

ولابد أن نعترف بأننا دولة مستهدفة مرت بفترات كثيرة مليئة بالتخبط والفوضى، وشرف لنا أن قاد تلك الفترة التاريخية (ما بعد ثورة 30 يونيو)، الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو الوحيد الذي نجح في انتشال البلد من الانهيار. لذا فتعديل الدستور أمر طبيعي ومن الممكن تغييره مرة أخرى، فبعد الثورات لا توضع دساتير دائمة.

 (6)

- لماذا تصدرت المادة "140" الخاصة بمد فترة الرئاسة المشهد، وتجاهل البعض باقي مواد التعديل؟

هو تعمد واضح لتضليل الشعب المصري، رغم أن التعديلات الدستورية عرضت على برلمان الشعب، ولكن النخب لديها قصور في الخطاب السياسي.

- الملف الاقتصادي من أهم الملفات على طاولة الرئاسة، فما رأيك في الأداء الحالي فيه؟

حتى الآن لم يستفد الرئيس من رؤية الدائرة الاقتصادية المؤمنة بالتنمية الشاملة فكل من حوله يؤمنون بتوجه واحد ليبرالي رغم أن التوجه الليبرالي يواجه نقد شديد في الغرب مثل فرنسا وهولندا.

لابد من دراسة الأزمة من جميع الجوانب بناء على رؤية علمية مدروسة، وتحديد الأولويات، فهناك مثلاً المشروعات التي تقوم بها الحكومة الآن مثل تعمير الصحراء والمدن الجديدة، هل يستفيد منها الشباب بصورة مباشرة أم يتم تسليمه للشركات لتضارب به في البورصة، وبذلك لا تنفع هذه المشروعات الطبقة المستهدفة من الشعب.

 (7)

- وما الحل برأيك لضمان استفادة الشعب من هذه المشاريع؟

الحل عودة قانون التعاونيات، طالبت به مرارًا وتكرارًا لتحقيق إدارة ناجحة تمكن الشعب المصري من بناء وطنه.

- ما رأيك في إعادة الغرفة البرلمانية الثانية؟

النظام السياسي حاليًا في حاجة لما يمكن تسميته "THINK TANK" (خلية تفكير)، تعمل بآليات محددة وصارمة، بعيدًا عن المصالح الشخصية. وسبق أن طالبت بذلك، واقترحت تشكيل مجالس قومية متخصصة للقيام بهذا الدور.

والآن في ظل التعديلات سيكون للقائمين على "خلية التفكير"، سلطة تشريعية مكملة لسلطة مجلس النواب، لذا لابد من الاختيار الجيد لأعضائها. والشعب المصري يتمتع بذكاء حاد يستطيع تحديد من له رؤية ومن يتخذ من المنصب "بريستيج وشو إعلامي ووجاهة".

الشعب المصري قائد ومعلم كما وصفه "الزعيم جمال عبدالناصر"، لذا لابد من اختيار عقول قادرة على الإقناع والتأثير. وهناك المئات من الكوادر الوطنية المتواجدة في كل محافظات مصر، ولكن لم يسلط عليهم الضوء.

 (3)

- برأيك، ما هو أول قرار يجب على مجلس الشيوخ اتخاذه فور عودته؟

أول قرار أطالب مجلس الشيوخ باتخاذه هو إنشاء مركز للدراسات السياسية والاستراتيجية برعاية الدولة، ولا يعمل بشكل فردي يعمل بشكل دولي ينفتح على جميع مراكز العالم، ليلعب دورًا حيويًا مع الرئاسة والحكومة ومجلسي الشعب والشورى لنكون منظومة متكاملة للمتابعة والدراسة، كما أننا بحاجة إلى مراكز دراسات بكل جامعة وبكل محافظة.

ولدينا تجارب ناجحة مثل إنشاء المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وكان عنصرًا مؤثرًا جدًا في اتخاذ القرار، ومعهد التخطيط القومي، وأنا ضد تحويله إلى مؤسسة علمية يقتصر على منح شهادات وماجيستير ودكتوراه وهذا ليس بدوره، كما كان لدينا مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، لكن ضعف دوره الحيوي والخطير.

- كيف ترين الحياة السياسية في مصر في عهد الرئيس السيسي؟

للأسف، بعض النخب السياسية لم يضعوا المسئولية التاريخية محل اعتبار، بالعكس أسقطوا عن أنفسهم الكثير من المصداقية والمشروعية بعد ابتلاعهم طعم الإخوان المسلمين، هذا التنظيم الإرهابي الدولي الذي لا يعرف غير العنف كما عرفناه تاريخيا.

وللأسف مرت البلاد بفترات ثبت فيها فشل النخبة في الاختبار، وعدم نضجهم سياسيا، والبعض كان متآمرًا، وهذا كشفته الأجهزة الناجحة بالصوت والصورة والحيثيات، وفوجئنا بأسماء كثيرة قفزت على الساحة السياسية لم نكن نعرف لهم تاريخا ولا أصل.

وعلى أجهزة الدولة كشف هؤلاء سريعًا، فجميعهم متهمون بإفساد الحياة السياسية في مصر.

 (4)

- البعض انتقد تعديل المادة 200، والتي أعادت تحديد مهمة القوات المسلحة، ورسخت دورها في حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية، وقالوا إنها تقحم للجيش في الحياة المدنية، فما رأيك؟

أنا أول من طالبت الجيش بتحمل هذه المسئولية، لأنه دائمًا المنقذ في جميع الحالات الحرجة، حتى في أمريكا وفرنسا كان دائما جنرالات الجيش يقومون بالدور المحوري في بلادهم، وقبل أن نطالب بعدم تدخل الجيش إلا في مهامه الدفاعية فلنسأل أنفسنا هل تقوم كل المؤسسات والوزارات بدورها على أكمل وجه، ستكون الإجابة لا.

- ما رأيك في الخطاب السياسي الموجه للشباب، وكيف ينجح في حمايته من استقطاب الجماعات المتطرفة؟

طالما تركز المؤسسات على شباب الجامعات الألمانية والأمريكية، لن ننجح في توصيل الرسالة بشكل جيد. فباقي شباب مصر وهو شريحة كبيرة جدا من أبناء الفلاحين والعمال لا يصلهم الوعي اللازم، فكيف نلومهم بعد ذلك؟

المشكلة أنه ليس لدينا تكوينات حزبية فاعلة، لكن هناك مبادرات كثيرة يمكن إطلاقها مثل المبادرة الوطنية للتفاعل الإيجابي التي أطلقناها بقرى ونجوع مصر، واستعنا بمراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضية، وأثبتت التجربة نجاحها بعيدا عن التحجج بالإمكانيات، ومن يريد العمل سيفعل بأقل الإمكانيات.

- برأيك، ما هو أهم قانون نحتاجه حاليًا؟

طالبت بسن تشريعات صارمة لضبط وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا. وتعطيل وسائل التواصل لمدة سنة مثلما يحدث في تركيا والصين، لأنها سلاح رئيسي في حروب الجيل الرابع، وتنجح في خلخلة استقرار أي دولة وتشكيل تنظيمات متطرفة بسهولة.

 (5)

- أنتِ لُقبتي بصاحبة المقام القضائي الأرفع في مصر، كيف ترين المادة 189 الخاصة بالسلطة القضائية في التعديلات؟

لابد من توحيد قواعد اختيار رؤساء الهيئات المختلفة في القضاء المصري، فهناك تمييز بين المحكمة الدستورية العليا وباقي الهيئات، ولابد من المساواة بين الهيئات القضائية لذا رحبت بالتعديل في نصوص مواد القضاء.

ومثلما ترى الجمعية العمومية للقضاة أن حقها ترشيح 3 أسماء من بين الأقدم، فمن حق رئيس الدولة الاختيار، وهذا يقضي على الاستقطاب، غير أن القضاء نفسه لم يحسم أمورا عدة، فهناك مثلا أزمة تعيين المرأة كقاضية تم حسمها من قبل دستوريا، إلا أن مجلس الدولة والنيابة العامة لم يتخذا قرارا بتعيين قاضية امرأة حتى الآن.

ومن حق الرئيس عدم التوقيع على قرارات تعيين لا تشمل أسماء قاضيات وهذا حقه الدستوري، ولكنه لا يفعل ذلك.

- المادة 102 الخاصة بدور المرأة في مصر، هل أعطت للمرأة حقها التشريعي؟

جاحد من ينكر دور المرأة المتطور جدًا بعد الثورتين، وكشفت مؤشرات الأمم المتحدة أن المرأة لعبت دورا محوريا وتاريخيا في إنقاذ الدولة، فهي أم الرجال وأم الشهيد، وتخصيص 25 % من مقاعد المجالس المحلية للمرأة يؤكد رؤية الإدارة السياسية الواضحة جدا في تقديرها لدور المرأة بدليل تعيين 8 وزيرات سيدات و120 قاضية.

- لكن هذه التشريعات لا تكفي لحماية المرأة في مصر خاصة المعيلة، أليس كذلك؟

قانون الأحوال الشخصية بالفعل بحاجة لتعديل وإعادة نظر، ولا بد من حوار جيد في هذا الأمر، لكن الإعلام يلعب دور سيئًا في هذا الشأن. فهو لا يناقش ولا حتى ينتقد بل "يتشاجر" ويحول القضية إلى "ست وراجل"، دون تجريد ومحايدة، فمناخ الحوار في تلك القضية يفسد طرحها للتشريع، بسب هذا الاشتباك المرضي.

 (1)

- ماذا ينقص الإعلام المصري؟

الإعلام المصري "كارثة حقيقة" لا يليق بمكانة مصر الإعلامية بين الدول، مصر صاحبة الدور في بناء الإعلام العربي، والعائق ليس إمكانيات كما يشاع، بل هو عدم وجود رؤية وكوادر حقيقية وعدم استغلال الكفاءات الحقيقية التي تساعد في بناء الرأي العام المستنير والوعي الحقيقي، وهذا سبب الضعف الذي لحق بالخطاب السياسي والإعلامي.

فعلى سبيل المثال لم يقدم الإعلام شيئًا في ترسيخ دور المرأة القاضية، ولم تقم وسيلة إعلامية واحدة بعرض تقرير عن تجربة المرأة القاضية، من على منصة قضائية أثناء إدارتها لجلسة نطق بالحكم.

فيديو قد يعجبك: