إعلان

"مغامرة إيرانية".. كيف تمهد طهران لكبح جماح ترامب؟

07:48 م الجمعة 21 يونيو 2019

دونالد ترامب

كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرًا الخميس، حول ما وصفته بالمغامرة الإيرانية في الشرق الأوسط، والتي تهدف للحد من خطر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تقول الصحيفة، في تقريرها، إن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، لطالما وصفت تهديدات طهران الأخيرة بأنها دليل على أن إيران دولة مارقة يمكن احتوائها فقط من خلال العمل العسكري.

وترى الصحيفة، أن الإدارة الأمريكية قد تكون على حق، فإيران في الآونة الأخيرة كانت بمثابة محرض في الشرق الأوسط على شن الصراعات من خلال استفزازاتها ووكلائها، لكن بعض الخبراء الذين لا ينتمون لأي من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي يرون أن إيران تتبع سياسة استفزازية ولكن محسوبة لمواجهة ما يعتبره قادتها تهديدًا أمريكيًا محتملا، وللحفاظ على الاتفاق النووي في نفس الوقت.

تقول الخبيرة بجامعة هارفارد في قضايا الأمن بالشرق الأوسط، دينا اسفندياري، إن ما تقوم به إيران الآن هو محاولة إقناع العالم بأنها التزمت ضبط النفس منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، ولكنها لم تعد قادرة على هذا بعد الآن، بسبب العقوبات الاقتصادية الشديدة المفروضة عليها.

وتضيف اسفندياري: تمارس طهران الآن استراتيجية ذات شقين، أولهما أنها أيضًا يمكنها ممارسة ضغوط اقتصادية من خلال التهديد بإغلاق مضيق هرمز، والثاني هو تصريحاتها بأنها لا تريد حربًا وأنها على استعداد للتفاوض.

تأمل إيران، بحسب تصريحات اسفندياري، في إقناع الدول الأوروبية والآسيوية بالضغط على الولايات المتحدة وتحجيمها.

ويرى الخبراء الذين تحدثوا لنيويورك تايمز، أن نتيجة ذلك سيكون تكوين استراتيجية إيرانية عقلانية إلى حد ما، ولكن محفوفة بالمخاطر تزيد من احتمالية انهيار الاتفاق النووي، وحتى قيام حرب شاملة.

تقول الصحيفة، إنه يمكن اعتبار تهديد إيران بتخزين اليورانيوم منخفض التخصيب بمثابة صورة مصغرة لاستراتيجيتها، والمأزق الذي يواجهها.

كانت إيران وافقت -كجزء من الاتفاق النووي عام 2015- على الاحتفاظ بمخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب والذي يمكن استخدامه فقط في محطات توليد الطاقة، عند أو أقل من 300 كيلوجرام، وفي مقابل هذا التقييد، خُفضت العقوبات الاقتصادية على إيران، وكذلك احتمالية شن صراع مع الولايات المتحدة.

لكن أعادت إدارة ترامب فرض العقوبات في الآونة الأخيرة، وضغطت على الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي للانسحاب منه، وزادت من الضغوطات العسكرية على إيران، ونشرت مؤخرًا أكثر من 1000 جندي أمريكي إضافي في المنطقة.

وقلصت إدارة ترامب أيضًا خيارات إيران للتخلص من اليورانيوم الزائد عن حاجتها في مجال الطاقة، حيث ألغت في مايو الماضي تفويضًا كان يسمح لإيران ببيع اليورانيوم إلى الخارج، وهو ما دفع إيران للتخلص من اليورانيوم الفائض بإعادة معالجته مرة أخرى.

ومع تزايد الضغط الاقتصادي والعسكري من جانب الولايات المتحدة، أصبح من الصعب على طهران أن تلتزم باتفاقها النووي، بحسب الصحيفة، التي نقلت عن إيلي جيرانمايه، الخبيرة الإيرانية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قولها: "من الواضح أن توجهات البلاد تغيرت في الأسابيع الأخيرة. وتهدف الاستفزازات الإيرانية على ما يبدو إلى التقليل من تلك الأعباء".

وتتابع جيرانمايه: "خلق شعور بالإلحاح بين الأوروبيين والصينيين والروس يهدف إلى إجبار تلك الحكومات على كبح جماح الولايات المتحدة نيابة عن إيران".

وتقول الصحيفة، إن التهديدات الإيرانية ضد حركة ناقلات النفط في الخليج العربي -سواء كانت إيران وراء الهجمات على ناقلات النفط هناك أم لا- ستضر في الأغلب بالاقتصادات الآسيوية والأوروبية التي تعتمد على شحنات النفط هذه، وقد تكون هذه الهجمات أيضًا بمثابة تحذيرات للحلفاء الأمريكيين في الشرق الأوسط.

تقول جيرانمايه: تريد إيران إرسال رسالة إلى دول الخليج بأنه إذا تم الضغط على إيران فأن كبرى الدول المصدرة للنفط في الخليج ستشعر بمثل هذه الضغوط أيضًا، وتأمل إيران من هذا أن تضغط دول الخليج على الولايات المتحدة للتخفيف من استراتيجيتها.

المواجهة حتمية
يقول مؤيدو طريقة ترامب العدائية مع إيران، إن المواجهة أمر لا مفر منه، بالنظر إلى سلوك طهران المسبب للاضطراب في الشرق الأوسط، مما جعل ترامب بمثابة الشخص الحكيم الذي يحاول إجبار إيران على الاستسلام، ولكن نقاد هذه الطريقة يجادلون بأن هدم الاتفاق النووي يزيد فقط من عدائية إيران وتحفيزاتها لإظهار قوتها خارج البلاد، حسبما تذكر الصحيفة الأمريكية.

ونقلت الصحيفة تحذير مبعوث الإدارة الأمريكية السابق للتحالف الدولي الذي يقاتل داعش في سوريا والعراق بريت ماكجورك، الذي قال: "إن الاستراتيجية الأمريكية بزيادة الضغط على إيران لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد الإيراني".

وتابع ماكجورك، أن "العقوبات المتزايدة باستمرار والضغوط الأمريكية الأخرى على إيران لم تؤدِ لأي رد فعل من إيران لإجبارها على الدخول في المفاوضات"، أو الإيحاء حتى بتغيير النظام، وهو الهدف الذي ترغب فيه إدارة ترامب.

وترى الصحيفة، في ختام تقريرها، أن الولايات المتحدة من خلال استراتيجيتها العدائية أغلقت جميع الطرق السلمية التي تستطيع إيران الرد بها عليها، وتأمل إيران -من خلال زيادة مخاطر الأزمة في الخليج- أن تُفرض تلك الأزمة على جداول الأعمال العالمية، لكنها مخاطرة محفوفة بالمخاطر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان