في ذكرى 11 سبتمبر: هل كانت حرب أمريكا ضد الإرهاب حقيقية؟
كتبت – هدى الشيمي:
في الذكرى الـ18 لتفجير مركز التجارة العالمي، نشر موقع جلوبال سيرش مُتقطفات من كتاب "حرب أمريكا ضد الإرهاب" لمؤلفه مايكل شوسودوفسكي، والذي نُشر عام 2005، وتطرق فيه الكاتب، وهو باحث وكاتب كندي بارز، إلى معركة واشنطن ضد الإرهاب، بهدف الكشف عن الأكاذيب المتعلقة بهذا الأمر، والتشكيك في دوافع الولايات المتحدة في غزو العراق وأفغانستان.
قال مؤلف الكتاب إن الأمر برمته بدأ في الساعة 9:30 مساءً في الـ11 من سبتمبر لعام 2001، إذ بدأت العملية الأمريكية التي هدفت ظاهريًا إلى اقتلاع جذور الإرهاب من الشرق الأوسط، ولكنها في المقابل أثارت الفوضى وتسببت في تفاقم الأوضاع.
ساعة الصفر
ذكر الكتاب أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أعلنت في صباح يوم 11 سبتمبر أن تنظيم القاعدة مسؤول عن الهجمات على مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون". وجاء هذا قبل الكشف عن نتائج التحقيق الذي تجريه الشرطة والجهات المُختصة.
في مساء هذه الليلة في الساعة 9:30 مساءً، يقول الكتاب إنه جرى تشكيل خزانة الحرب والتي ضمت عدد مُختار بعناية من كبار المستشارين العسكريين والمسؤولين الكبار في المخابرات. وفي الساعة 11 مساءً انتهى الاجتماع المنعقد في البيت الأبيض، بإطلاق حرب رسمية على الإرهاب.
كان الهدف الرئيسي من الحرب هو شن هجومًا ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة، بغرض الانتقام لهجمات 11 سبتمبر. وفي اليوم التالي تحدثت تقارير إعلامية عن أن القرار يهدف إلى "رعاية الدولة" بعدما تعرضت له من هجمات دموية عنيفة. وفي الوقت نفسه، دعت بعض وسائل الإعلام إلى ضرورة التدخل العسكري في أفغانستان.
وبعد مرور نحو أربعة أسابيع، أي في السابع من أكتوبر من عام 2001، قصفت الولايات المتحدة أفغانستان وقامت القوات الأمريكية بغزوها.
حسب الكتاب، فإن الأمريكيين يعتقدون أن القرار بخوض الحرب جرى اتخاذه في وقت متأخر من مساء يوم السبت 11 سبتمبر، ردًا على الهجمات وانتقامًا لعواقبها المأساوية.
يقول الكتاب إن المواطنين لم يدركوا أن مسرحية واسعة النطاق يجرى التخطيط لها وتنفيذها في غضون أسابيع، موضحًا أن قرار شن حرب ضد أفغانستان وإرسال قوات إليها اُتخذ قبل 11 سبتمبر.
نقلاً عن تومي فرانكس، اللواء في القوات الأمريكية، فإن القرار كان مُتخذ بالفعل، ولكن أحداث 11 سبتمبر ساهمت في حشد الرأي العام لدعم خطة الحرب والتي كانت في مرحلة التخطيط النهائية.
حرب على أسس إنسانية
أوضح الكتاب أن الأحداث المأسوية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر منحت الولايات المتحدة مُبررًا لشن حرب على أسس إنسانية، بتأييد عالمي.
ولفت إلى أن العديد من المثقفين التقدميين برروا الغزو الأمريكي لأفغانستان وما قامت به من ممارسات غير مقبولة باسم مكافحة الإرهاب، ولم تلتفت إلى أن واشنطن لم تدعم فقط شبكة الإرهاب الإسلامي، بل كان لها دور أساسي في تثبيت طالبان في الحكومة في عام 1996.
توقفت أعمال الحركات والجماعات المناهضة للحرب في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، لفت الكتاب إلى أن نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني كانت قد ابتلعت أكاذيب وسائل الإعلام والدعاية الحكومية المروجة لغزو أفغانستان، وقبلوا الحرب ضد بلد فقير يبلغ عدد سكانه وقتذاك 30 مليون نسمة.
أسطورة العدو الخارجي
ذكر الكتاب أن أسطورة العدو الخارجي وتهديد الإرهابيين الإسلاميين كانت حجر الزاوية في العقيدة العسكرية لإدارة بوش، مُشيرًا إلى أنه تذرع بها لغزو أفغانستان والعراق، وليس من أجل الحرب ضد الإرهاب.
ونقل الكتاب عن بعض الوثائق الرسمية اعتراف بعض المؤسسات الاستخباراتية بأنهم دعموا أسامة بن لادن، في أعقاب الحرب الباردة، ولكن الأمر تغير بعد أن "انقلب عليهم" حسب قولهم.
وبعد 11 سبتمبر، لم تساعد حملة التضليل الإعلامية على التعتيم على الحقيقة فحسب، ولكنها قتلت الكثير من الأدلة التاريخية عن كيفية اختلاق هذا العدو الوهمي وتحويله إلى العدو الأول الذي تواجهه البلاد، حسبما يُشير الكتاب.
دعم أمريكي للإرهاب
استطاع مؤلف الكتاب من خلال البحث الذي أجراه منذ منتصف التسعينيات من توثيق العلاقات والروابط العديدة بين تنظيم القاعدة والإدارة الأمريكية. وأشار إلى أن الجيش الأمريكي وأجهزة الاستخبارات وحلف شمال الأطلسي "الناتو" دعموا القاعدة في البلقان.
حسب الكتاب، فإن هدف واشنطن من دعم القاعدة في البلقان تمثل في إثارة صراع عرقي وزعزعة استقرار الاتحاد اليوغوسلافي، أولاً في البوسنة، ثم في كوسوفو.
في الأشهر التي أعقبت 11 سبتمبر، كان مؤلف الكتاب مُنخرط في أبحاث مُتعلقة بالهجمات الإرهابية في مقدونيا، التي شنها جيش التحرير الوطني هناك، وهو جيش يضم قادة جيش تحرير كوسوفو، وانضم إليه بعض مقاتلي تنظيم القاعدة.
وتوصل خلال هذه الفترة إلى معلومات أفادت بأنه في تلك الأثناء كان كبار ضباط الجيش الأمريكي الذين يعملون في شركة للجنود المرتزقة متعاقدين مع البنتاجون، يقدمون المشورة إلى هؤلاء الإرهابيين.
حسب الكتاب، فإنه قبل شهرين بالكاد من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، شوهد المستشارون العسكريون الأمريكيون وهم يتواصلون مع عناصر القاعدة التي تنتمي إلى القوات شبه العسكرية.
وتابع الكتاب: في عام 1997، أصدرت لجنة الحزب الجمهوري التابعة لمجلس الشيوخ تقريرًا مُفصلاً اتهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بالتعاون مع شبكة المتشددين الإسلاميين في البوسنة، والعمل جنبًا إلى جنب مع منظمة مرتبطة بأسامة بن لادن، إلا أن التقرير لم يتم نشره على نطاق واسع.
وعوضًا عن ذلك قرر الجمهوريون، حسبما يوضح الكتاب، تشويه سمعة كلينتون باستخدام علاقته غير الشرعية مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.
ووجد مؤلف الكتاب أن إدارة كلينتون قدمت دعمًا سريًا لجيش تحرير كوسوفو، وهي مجموعة شبه عسكرية مدعومة من تنظيم القاعدة، شاركت في العديد من الهجمات الإرهابية.
حملة تضليل
في الأشهر التي سبقت غزو العراق في مارس 2003، بدأت حملة المعلومات المُضللة. يقول الكتاب: استخدمت بريطانيا والولايات المتحدة معلومات استخباراتية مُزيفة ووهمية لتبرير غزو الاحتلال.
وتحدثت كل من لندن وواشنطن عن تنظيم القاعدة باعتباره حليف لحكومة الرئيس العراقي الراحلة صدّام حسين، وتحدثت عن تقارير تحصلت عليها زعمت بوجود أسلحة دمار شامل في العراق.
في تلك الأثناء، ظهر العقل المُدبر الإرهابي الحديد أبو مصعب الزرقاوي. وتحدث كولن باول، وزير الخارجية في إدارة جورج بوش، عن وثائق مُفصلة بحوزة الإدارة الأمريكية تزعم وجود علاقة بوية بين صدام حسين وأبو مصعب الزرقاوي، وادعى أنهما يعملان على انتاج أسلحة كيمياوية وبيولوجية واشعاعية قاتلة، بدعم وتأييد كامل من النظام البعثي العراقي.
وبالسير على النهج تعامل الجميع مع الولايات المتحدة باعتبارها تشن حرباً لحماية نفسها من عدو خارجي، ومن أجل تأمين حدودها والحفاظ على المواطنين من خطر مُحتمل.
فيديو قد يعجبك: