حوار - باحث: معاناة المصريين تفوق بكثير مؤشر التضخم
كتب - مصطفى عيد:
انتقد محمد سلطان الباحث الاقتصادي، الطريقة التي يعتمد عليها جهاز التعبئة العامة والإحصاء في قياس مؤشر التضخم في مصر، واصفا إياها بأنها لا تعبر عن الواقع مع اختلاف تأثير ارتفاع الأسعار على شرائح المجتمع المختلفة من الدخل.
وقال سلطان في حوار مع مصراوي، "كيف كان تأثير ارتفاع الأسعار على الفقراء والأغنياء ؟ وهل يتساوى التأثير بين شرائح الدخل المختلفة؟ هذه هي الأسئلة التي لا يجيبنا عليها مؤشر التضخم بالمنهجية التي يتم إعداده على أساسها في الفترة الحالية".
ويصدر جهاز الإحصاء المؤشر العام للتضخم والذي يقيس ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على أساس شهري وسنوي.
ويتم إعداد الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على أساس رصد أسعار سلة من السلع المتداولة بين المواطنين، ويتم تقسيم السلع إلى مجموعات، مثل مجموعة الطعام والشراب، ومجموعة النقل، ومجموعة المسكن، لكل مجموعة وزن نسبي يؤثر في المؤشر العام بدرجة متفاوتة.
"الأوزان النسبية لمجموعات سلع هي إحدى نقاط ضعف المؤشر، فهي تفترض أن زيادة الأسعار في مجموعة السلع والخدمات لها أثر واحد على الغني والفقير، وهذا يختلف عن الواقع" كما يضيف سلطان.
وتابع سلطان: "أنماط إنفاقنا تختلف باختلاف مستويات دخولنا وبالتالي سيختلف التضخم الذي نواجهه باختلاف مستويات دخولنا".
ويرى سلطان أن الطريقة الأقرب للواقع بالنسبة للحالة المصرية في قياس التضخم هي إصدار عدة مؤشرات تعبر عن قياس أسعار المستهلكين تختلف باختلاف مستويات الدخول، لكي يظهر تأثير التضخم على مختلف شرائح المجتمع وخاصة الفقراء.
ويشير سلطان إلى أن هناك تجارب دولية ناجحة في هذا المجال ومنها "البنك المركزي في الصين وماليزيا، وهناك تجربة لبنك شيكاغو الفيدرالي"، موضحا أنه باتباع هذه الطريقة في القياس سيظهر أن مؤشر التضخم الخاص بالفقراء سيكون أعلى كثيرا من المؤشرات الخاصة بالفئات الأخرى.
وطبقت الحكومة منذ الربع الأخير حزمة من الإجراءات الإصلاحية لكبح أزمة مالية متفاقمة، وشملت هذه الإجراءات تحرير سعر الصرف الذي أفقد الجنيه أكثر من نصف قيمته، إلى جانب رفع أسعار الوقود والكهرباء وزيادة الرسوم الجمركية لبعض السلع المستوردة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات، وهو ما ساهم في تسجيل معدل التضخم مستويات قياسية في الشهور الأخيرة لم يبلغها منذ عقود بلغت ذروتها في أبريل الماضي عند 32.9%.
ويبني جهاز الإحصاء تقديراته للأوزان النسبية للمجموعات السلعية على أساس بحث دوري يقوم به كل عامين تحت اسم "بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك"، وهو البحث الذي ينتقده سلطان ويرى أن نتائجه غير واقعية.
"وفقا للبحث أعلى دخل في مصر 621 ألف جنيه سنويا في حين تصل دخول بعض القيادات المتوسطة بالبنوك إلى 4 أو 5 ملايين وفقا لتقرير لصحيفة المال، السبب في ضعف نتائح هذا البحث هو عدم قدرة باحثي جهاز الإحصاء على جمع البيانات من أصحاب الدخول العليا"، بحسب سلطان.
وفي مواجهة التضخم المرتفع، رفع البنك المركزي، الأسبوع الماضي، أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض 200 نقطة أساس لتصل إلى 16.75% و17.75% على التوالي، وهي أول زيادة بعد أن رفع البنك أسعار الفائدة في الثالث من نوفمبر الماضي 300 نقطة أساس تزامنا مع تحرير سعر الصرف.
ويرى سلطان أن رفع الفائدة لن يسيطر على التضخم لأن العامل الأساسي وراء ارتفاعه هو القفزة الأخيرة في سعر صرف الدولار.
ويكمن حل مشكلة التضخم في نظر محمد سلطان، في عودة البنك المركزي للتدخل في سوق الصرف عبر ضخ أموال من الاحتياطي لمواجهة مضاربات العملة والسيطرة على سعر الصرف "وهو ما فعله فاروق العقدة محافظ البنك المركزي الأسبق إبان أزمة العملة في 2005" كما يقول سلطان.
وتنتظر مصر خلال الشهور المقبلة عددا من الإجراءات الإصلاحية والتي من المتوقع أن تساهم في زيادة الأسعار، وفقا لمحللين، ومنها زيادة جديدة بأسعار الوقود والكهرباء ورفع سعر ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بدلا من 13% حاليا.
ولكن سلطان يرى أن تأثير هذه الإجراءات على التضخم لن يكون بنفس تأثير سعر الصرف إذا تحرك مجددا "الاستقرار الحالي في سوق الصرف هش جدا والعملة الأمريكية معرضة للارتفاع مرة أخرى".
فيديو قد يعجبك: