الأسوشيتد برس: بعد هجوميّ مصر وبريطانيا.. ليبيا "ملاذ المُسلّحين"
كتبت- رنا أسامة:
قالت وكالة "الأسوشيتد برس" الأمريكية إن الهجومين اللذين ضربا مصر وبريطانيا الأسبوع الماضي، يُسلّط الضوء على التهديد الذي تفرضه الجماعات الإسلامية المُسلّحة في ليبيا، التي بات يُنظر إليها على أنها "ملاذ" المُسلّحين.
وأشارت إلى أن هذه الجماعات استغلت حالة انعدام الأمن وغياب القانون التي عصفت بهذا البلد شمال الإفريقي، منذ الإطاحة بزعيمها الراحل مُعمر القذافي في 2011، لاقتلاع جذورها وتجنيد المقاتلين وتصدير الجهاديين، لتنفيذ عمليات إرهابية وجرائم في أماكن متفرقة.
وفي الوقت الحاضر، تقع ليبيا تحت سيطرة إدارات متناحرة، جيش يقوده اللواء خليفة حفتر، فضلًا على ميليشيات إسلامية تتنافس على الأراضي والموارد والنفوذ السياسي. ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية )داعش) على 160 كيلومترا من الساحل الليبي، متفاخرًا بأنه يضم ما بين 2000 لـ 5000 مقاتل، معظم أفراده من مصر وتونس.
من هذه البيئة الخصبة للإرهاب، أشارت الدلائل والمعلومات التي توصّلت إليها السُلطات بشأن الهجومين، إلى ضلوع ليبيا في كليهما. ففي هجوم مانشستر- الذي راح ضحيّته 22 قتيلًا بينهم طفلة في الثامنة من عمرها- وُجِد أن مُنفّذه بريطاني الأصل، يُدعى سلمان عبيدي (22 عامًا)، انتقل وعائلته إلى ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي.
واحتُجِز شقيقه، هاشم، في طرابلس، وأقرّت السلطات الليبية بأنه وسلمان من أعضاء التنظيم.
أما في مصر، فأمر الرئيس عبدالفتاح السيسي بتنفيذ ضربة جوية على مراكز تدريب الجهاديين شرق ليبيا، بعد ساعات من شنّ مقاتلي داعش هجومًا مُسلّحًا في مصر، استهدف حافلة تقل أقباطًا كانت في طريقها إلى دير الأنبا صموئيل في محافظة المنيا، راح ضحيّته 29 شخصًا. وقالت القوات المسلحة إن مُنفّذي الهجوم تلقّوا تدريباتهم في ليبيا.
جذور العنف في ليبيا
تقول الوكالة الأمريكية إن "مئات الشباب الليبيين لبّوا نداء الجهاد في الثمانينات، فحملوا أنفسهم باتجاه أفغانستان لمحارية الروس. وعندما عادوا إلى بلادهم بعد الحرب، أراد كثيرون منهم تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في ليبيا، فشكّلوا "خلال نائمة" بعيدًا عن عيون النظام وحاولوا - دون جدوى- اغتيال القذافي.
وبعد سقوط القذافي، شكّل الجهاديون المخضرمون، والموالون لتنظيم القاعدة، والعناصر الإسلامية من مختلف الفصائل، "ميليشيات" ملأت فراغ السلطة بعد القذافي، فيما فشلت أول حكومة انتقالية في تفكيكها وإدماجها في جيش وطني. وبدلًا من ذلك، قسّموا ليبيا إلى "إقطاعيات".
أين تتمركز العناصر المتشددة في ليبيا؟
درنة:
تُمثّل مدينة درنة الليبية الشرقية، التي استهدفتها الطائرات الحربية المصرية مساء الجمعة، معقلًا للجماعات الإسلامية المتطرفة.
وبحسب الأسوشيتد برس، اتخذ المتطرفون المدينة معقلًا لهم في الثمانينات والتسعينبات، إذ وجدوها ملاذًا آمنًا لهم بفضل تضاريسها الوعرة، وشكّلت المنبع الرئيسي الذي خرجت منه العناصر الجهادية الليبية التي خاصت عمليات تمرد في العراق. فضلًا على قتال مواطني درنة في الحرب الأهلية السورية.
وخلال الانتفاضة الليبية عام 2011، شكّل سكان درنة ميليشيا إسلامية تطالب بتنفيذ الشريعة إسلامية في المدينة، أطلقوا عليها اسم كتيبة "شهداء أبو سليم" لمحاربة الموالين للقذافي. وقد ثبت أنها كانت واحدة من أكثر الجماعات المتمردة فعالية. وسرعان ما تضاعفت صفوفها واستولى مُقاتلوها على المدينة، وأنشأوا "مجلس شورى مجاهدي درنة" ليحل محل الحكومة المحلية.
وعلاوة على ذلك، كان لتنظيم داعش وجود قوي في درنة، غير أن فصيل التنظيم سقط في نهاية المطاف بسقوط مجلس شورى المجاهدين.
بنغازي:
هي ثاني أكبر المدن الليبية، والأولى التي تقع تحت تأثير الميليشيات الإسلامية المتطرفة، التي تشكّل معظمها لمحاربة نظام القذافي، يقيادة عناصر متطرفة ينظر إليهم على نطاق واسع على أنهم الأكثر خبرة ودافعية.
ولعل أكثرها ميليشيات بنغازي شهرة هي أنصار الشريعة، التي وقفت وراء عمليات إرهابية أودت بحياة مئات الجنود الليبييين السابقين، وأفضت إلى وفاة السفير الأمريكي في 2012.
وعلى مدى أكثر من عامين، أخذ ما يُسمى بـ"الجيش الوطني الليبي" بقيادة اللواء خليفة حفتر، يقاتل ضد ميليشيات بنغازي. وقد تمكنت قواته من تأمين معظم المدينة.
سرت:
دُمّرت هذه المدينة، مسقط رأس القذافي، تمامًا تقريبًا خلال الانتفاضة الليبية في 2011. وعانى سكان المدنية من عمليات قتل وهجمات انتقامية نفّذها المتمردون المناهضون للحكومة.
وفي 2013، وقعت "سرت" تحت سيطرة أنصار الشريعة، التي كوّنت تحالفات مع القبائل المحلية ووقّعت "هُدنة" متذبذبة مع ميليشيات أخرى وعدد قليل من قوات الجيش. واستولت الجماعة على مجمع القذافي السابق مترامي الأطراف، كما تسلل تنظيم داعش ببطء إلى المدينة حيث انتقل مقاتلون من دول مثل مالي وتونس ومصر وسوريا إلى المدينة، التي أعلنها التنظيم لاحقًا "إمارة" داعش في ليبيا.
وفي العام الماضي، شنّت ميليشيات من مصراتة وغيرها من المناطق في غرب ليبيا -بدعم من حكومة مدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس- حملة مطولة ودموية لدفع مقاتلي داعش من سرت. وعندما توقفت المعارك، سعت الحكومة للحصول على دعم من الولايات المتحدة، التي ردت بشن ضربات جوية أدت إلى الإطاحة بداعش من المدينة.
وقد هزم داعش أخيرا في سرت، وهاجر الناحجون من مُقاتليه إلى الصحارى الشاسعة في الجنوب.
صبراتة:
تُمثّل "صبراتة" البوابة الرئيسية لداعش بفضل موقعها بالقرب من الحدود التونسية. وخليط من المليشيات المختلفة ساعد على وجود داعش في المدينة. غير أن غارة جوية نفّذتها الولايات المتحدة في العام الفائت أسقطتت نحو 40 من قياديي داعش البارزين في المدينة الليبية.
فيديو قد يعجبك: