نيويورك تايمز: الصحفي محمد فهمي تلقى أموالاً من الإمارات لمقاضاة "الجزيرة"
كتب – محمد الصباغ:
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم السبت، إن الصحفي محمد فهمي الذي عمل لقناة الجزيرة وسجنته السلطات المصرية لأكثر من عام، رفع دعوى قضائية يطالب فيها بتعويض قيمته 100 مليون دولار، ولكن ليس من الدولة التي سجنته ولكن من قطر مالكة شبكة قنوات الجزيرة التي عمل لصالحها.
وأضافت الصحيفة أنه بعد اختراق بريده الإلكتروني لصالح قطر، كشف أن مسئولًا رسميًا في الإمارات زوده بمبلغ 250 ألف دولار ليتابع طريقه القانوني.
وعقد فهمي، 43 عامًا، مؤتمرًا صحفيًا في واشنطن مؤخرًا من أجل مساندة السعودية والإمارات في اتهاماتهم لقطر وقناة الجزيرة بالتآمر مع متطرفين إسلاميين، وفقًا للصحيفة. وقال فهمي معقبًا على العزلة السعودية والإماراتية المفروضة على قطر: "نالت قطر الكثير من الفرص، وتلقوا تحذيرات في مرات كثيرة".
وخلال المؤتمر الصحفي، بحسب نيويورك تايمز، أجاب فهمي على سؤالًا حول استشارته لمسئولين رسميين في السعودية أو الإمارات، أو إن كان مقربًا من السفير الإماراتي يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى واشنطن؛ أجاب فهمي بأن ذلك غير صحيح. ووفقًا للصحيفة فإن فهمي قال الأسبوع الماضي إن نفيه كان حماية لأحد الأصدقاء.
يعيش محمد فهمي حاليًا في مدينة فانكوفر الكندية، وذكرت نيويورك تايمز أنه صرح لها في مكالمة هاتفية بأنه تلقى أموالًا من السفير الإماراتي "العتيبة"، ووصفها بأنها "قرض" لتمويل الإجراء القانوني ضد قطر. وأضاف فهمي للصحيفة أن العتيبة كان صديقًا له منذ دراستهما سويًا في المدرسة الثانوية في مصر (كايرو أمريكان كوليج)، وأكد أن العتيبة كان بين أشخاص عديدة طلب منهم الحصول على الدعم المالي.
ونقلت الصحيفة عن فهمي أيضًا أن الأموال التي تلقاها من أجل الدعوى القضائية ذهبت إلى طرف ثالث، رفض ذكر اسمه. وقال "لم أتلق مباشرة أي أموال من يوسف". فيما نفى فهمي مزاعم أخرى أمام محققين من جهات رقابية. واعتبر أن التأكيدات في التقرير النهائي لهم "سخيفة"، وقال إن قناة الجزيرة وقطر "فبركوها ضمن حملة ممنهجة لتشويه سمعته".
وأشارت التحقيقات إلى مزاعم أبعد من ذلك، فوفقًا لنيويورك تايمز هناك مزاعم بأن فهمي عمل لعقدين من الزمن كجاسوس لصالح إيطاليا، وبدأ ذلك حينما كان يدرس في جامعة فانكوفر. وشمل التقرير على الكثير من الملاحظات المكتوبة، التي قدمت وكأنها قد صيغت مع الاستخبارات الإسرائيلية، والتي تصف عشرات من المشاهدات لفهمي في روما وبمقرات دبلوماسية إيطالية في باريس والقاهرة والمغرب.
لكن في حوار الأسبوع الماضي، قال فهمي إنه لم يذهب مطلقًا إلى إيطاليا أو المغرب، ولا أي منشآت دبلوماسية إيطالية مذكورة في التقرير. وقدم دلائل خلال حديثه على أنه في الأوقات التي زعم تواجده بالأماكن السابقة، كان في مناطق أخرى بعيدة.
وقالت الصحيفة إنها حصلت على أوراق التحقيق والتي يصل عددها إلى المئات، من خلال وسطاء مقربين من قطر في محاولة لإضعاف الثقة في محمد فهمي. فيما حُذف اسم القائم بالبحث من النسخة التي حصلت عليها نيويورك تايمز.
وقال متحدث باسم الحكومة القطرية للصحيفة الأمريكية إنه لا يعلم أي شيء عن تحقيقات حول فهمي، فيما لم يرد ممثل السفارة الإماراتية في واشنطن على طلبات بالتعليق.
عمل محمد فهمي كصحفي حر لصالح نيويورك تايمز لعدة أشهر خلال عام 2007، وذلك من مكتبها بالقاهرة. واستمر في طريقه ليعمل في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، حيث ساعد في تغطية انتفاضات الربيع العربي في 2011 التي اندلعت في مصر وليبيا.
عرضت الجزيرة على فهمي العمل بعد ذلك كمدير لمكتب قناتها الإنجليزية من القاهرة، والتي كانت أقل "صراحة" في دعمها للإخوان المسلمين مقارنة بالنسخ العربية. داهمت السلطات في مصر مكتب الجزيرة وألقي القبض على محمد فهمي وأخرين في ديسمبر 2013، وخلال القضية قال فهمي إن شبكة الجزيرة نقضت اتفاقها معه بالفصل بين القناتين الإنجليزية والعربية، وبتأمين التراخيص اللازمة للعمل في مصر.
ونقلت نيويورك تايمز حديث زملاء سابقين لفهمي، قالوا فيه إن الأخير بدأ الحديث عن مقاضاة الجزيرة منذ القبض عليه. وسريعًا خرج ليدعم ما تقوله حكومتا مصر والإمارات بأن شبكة الجزيرة تتآمر مع الإخوان المسلمين وتدعم التطرف الخطير. وبدأ فهمي دعواه ضد الجزيرة في محكمة كندية في مايو 2015، قبل أن يطلق سراحه في سبتمبر من نفس العام.
وقال رفاق زنزانته للصحيفة أن الدعوى القضائية يبدو وأنها تحركت بدافع جزئي من رغبة في الحصول على تعويض من قطر، ومن جانب أخر كانت جزء من استراتيجية الفوز على السلطات المصرية.
وبعد الإفراج عنه، بدأ فهمي والعتيبة المراسلات. وعندما عقد الأول مؤتمرًا صحفيًا في مصر في مايو 2015، على سبيل المثال، أرسل له العتيبة عرضًا بترتيب تغطية إعلامية عبر قناة سكاي نيوز الإماراتية.
ورد فهمي "أمر رائع أن تنقل سكاي نيوز المؤتمر على الهواء، أعتقد أن إشارة إلى مديرهم سيجعل الأمر واقعًا".
ورد العتيبة "الأمر تم. لنأمل أن يستطيعوا الوصول هناك".
وبعد المؤتمر كتب فهمي للسفير: "أخطط لإبقاء الضغط من خلال وسائل الإعلام،" ولمّح إلى وثائق من المعارضة القطرية ربما "تحرج الحكومة".
وتابعت الصحيفة الأمريكية في رصدها لرسائل البريد الإلكتروني المخترق، وقالت إن فهمي طلب أموالًا أيضًا. وكتب: "أبحث عن قرض شخصي بموافقة مكتوبة على رده حال النجاح مع الفوائد".
وواصلت نيويورك تايمز، وأوضحت أن طلب فهمي قوبل بالموافقة على ما يبدو. ففي أكتوبر خلال تلك الفترة، أرسل العتيبة إلى أحد رجال الأعمال في مصر من أجل الترتيب لتحويل مبلغ 250 ألف دولار إلى حساب باسم محمد فهمي في "رويال بنك أوف كندا" بمدينة مونتريال. لمقاضاة "الجزيرة" القطرية. وقال فهمي في الحوار إن الحساب في بنك مونتريال يعود إلى طرف ثالث مجهول وأنه لم يعرف بارتباط الأمر برجل الأعمال المصري إلا الآن.
وبعد أيام قليلة، أكد فهمي على إتمام عملية تحويل الأموال. ونقلت نيويورك تايمز أنه كتب "الأموال وصلت،" ووعد أن "تقريرا بالتقدم الجاري سيرسله إلى أبوظبي". وأضاف "فريقي هنا سيبدأ العمل على إحياء القضية في وسائل الإعلام الأمريكية".
وفي اليوم التالي، في عام 2016، أرسل فهمي عبر البريد الإلكتروني معلومات حول حسابه الشخصي، في فانكوفر، إلى العتيبة. لكن لم توضح نيويورك تايمز رد السفير الإماراتي في واشنطن.
بدأ التحقيق حول فهمي في نهاية نوفمبر، وفقًا للتقرير. وحصل المحققون على فواتير هاتفية، وقوائم اتصال، واتصالات إلكترونية، وصور لفهمي في أماكن إقامته وعمله. كما احتوى التقرير على الأماكن التي تحب زوجته التسوق فيها.
وفي تقرير آخر لنفس المحققين، زعم أن فهمي عمل كجاسوس لصالح إيطاليا منذ بداية عام 1997. فيما أشارت وثائق أخرى مكتوبة بخط اليد، غير مؤكدة أيضًا، أن فهمي يمتلك حسابًا باسمه في بنك الفاتيكان.
اعتبر فهمي أن التقرير تشويه لسمعته وقال إنه سيضيفه إلى الدعوى القضائية ضد قطر. وأضاف إنه لا طريق للعودة "لقد تعقدت كثيرًا الآن".
فيديو قد يعجبك: