لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وجع الأمهات مع التهجير.. ذكريات القلق والهروب من العريش لـ"المستقبل" لحماية الأبناء

12:55 م الأحد 26 فبراير 2017

ذكريات القلق والهروب من العريش للمستقبل لحماية الأ

كتب - مها صلاح الدين 

تصوير - روجيه انيس

"أنا ضيفة على الدنيا، وأيامي معدودة، بس الشباب ذنبهم إيه".. قالتها "نانا" وهي تتذكر أيام الرعب والخوف والقلق على أبنائها الأربعة، والتي دفعتها لحسم قرارها بالنزوح من مدينتها "العريش" إلى "دير المستقبل" القابع بمدينة المستقبل على أطراف الإسماعيلية، هربا من بطش الجماعات الإرهابية.

مثلها مثل عشرات من أمهات الأقباط اللاتي اضطررن للهروب بأبنائهم من العريش، كانت "نانا" تريد أن تمضي أيامها الأخيرة في "العريش" مدينتها، التي يضيء وجهها حنينا وشغفا كلما تحدثت عنها، رغم آلام مرض السرطان، إلا أن القلق على أبنائها حسم كل شيء، ودفعها لخوض رحلة النزوح المرهقة في منتصف الليل، والتي انتهت أمام الدير لتنتظر دورها في التسكين.

"نانا" تركت بيتها مكرهة: "أنا ضيفة على الدنيا وأيامي معدودة بس الشباب ذنبهم إيه"

وإلى جوارها، وقفت "نجلاء" تتابع ما حولها بأسى، قبل أن تبدأ حديثها معنا: "أنا لغاية أول إمبارح بالليل، مكنتش عايزة أمشي وأسيب العريش المدينة التي ولدت وتزوجت وأنجبت بها".

"أنا إنسانة ضعيفة فوق ما تتخيلي"، قالتها نجلاء مغالبة دموعها التي انهمرت وهي تتذكر أيام القلق: كنت مرعوبة وأنا بتخيل لو حصل حاجة لزوجي أو أحد أبنائي الأربعة.

لم يكن الخوف من المصير هو الكابوس الوحيد الذي يطارد نجلاء، بينما عدم القدرة على الإتيان بحقهم، والدفاع عنهم كان كابوسها الأكبر، فالأمن وفقا لقولها: "لا بيحمي ولا بيجيب حقوق".

أكره العريش

على عكس "نجلاء" و"نانا"، قالت "ناهد نبيل" الأم الأربعينية لـ5 أبناء، بلهجة قاطعة: "ليا 17 سنة في العريش وعمري ما حبيتها"، فالسيدة الصعيدية القادمة من محافظة المنيا، ذهبت مع زوجها للعريش على أمل أن تعيش في المدينة التي يدخر المواطنون من أجل أن يقضوا بها أسبوعا واحدا في العام، إلا أن ذلك الوضع لم يدم كثيرا، وتغير بعد سنوات بسبب تدهور الوضع الأمني.

وظل القلق يداهم السيدة النحيلة، كلما نزل زوجها أو أحد أبنائها إلى الشارع، وكلما مكثت وحيدة في المنزل، تنتظر في أي لحظة أن يقتحم أحدهم عليها المنزل، حتى بعد أن نصبت قوات الشرطة كمينا أمنيا أسفل المنزل، ازداد قلقها لأن جيرانها البدو، الذين كانت تراهم صمام أمان لها، غادروا البناية.

تقول السيدة: منذ أن نصب الكمين تحت المنزل بدأت الإستهدافات، وعلى الرغم من أن التفجيرات لم تصب المنزل، إلا أنها هشمت كل ما به من زجاج، حتى أن صوت الهاتف أصبح يثير ذعر الأسرة.

"مرفت": أطفالي يحتاجون تأهيل نفسي وفرحت لفرحهم لخروجنا من العريش

لم تتحمل الأم القلق الذي كان يأكلها كلما تأخرت ابنتها بعد موعد الدرس، ودب الرعب في قلوب الأسرة بأكملها، وفي أحد الأيام تأخرت البنت ساعة كاملة لأنها كانت تقوم بتصوير أوراق ومذكرات من زميلاتها، لينشب شجار حاد بين ناهد وزوجها العاجز عن الخروج للبحث عن ابنته، وما أن وصلت الفتاة، حتى نالت نصيبها من ضرب والدها على سلالم البناية.

الذعر الدائم

لم يكن بهين أن تترك "مرفت"، أم لطفلين في العقد الرابع من العمر أن تستمع لابنها التلميذ في الصف الثالث الابتدائي، وهو يقول: "كنت شايف وأنا بمتحن الصاروخ وهو طالع من المدرعة رايح الناحية التانية وسامع ضرب النار".

أحداث متفرقة شبه دورية جعلت "مرفت" تدرك أن أبناءها يحتاجون تأهيل نفسي، خاصة بعد كل حادث يقتل فيه أحد أحبائهم، حتى أضحوا يخافون النوم في غرفة بمفردهم.

ورغم الذعر الذي كان ينتاب مرفت مع كل أزمة، إلا أنها كانت دوما تتصنع القوة، مبررة ذلك لمصراوي: "بحاول أحسسهم إننا خلاص اتعودنا، وإنهم رجالة والرجالة ميخافوش"، مؤكدة أنهم متفهمين كل ما يحدث، وأن الإرهاب يستهدف الأبرياء.

وعلى الرغم من رحلة التهجير الشاقة، والمصير المجهول في نزل الشباب بالإسماعيلية، فرحت مرفت لفرحة أبنائها، بسبب الخروج من العريش، ووجدت فرصتها في إعادة تأهيلهم نفسيا، ومحاولة إشعارهم بالأمان من جديد بالرغم من أنها مضطرة للعودة إلى العريش لسحب أوراقهم، أو إعادتهم لاتمام امتحانات التيرم الثاني بالعريس.


فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان