ميلاد زكريا يكتب: امتحان الحكومة للشعب فى يوليو
قبل أيام قليلة، من إعلان الحكومة مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2017/2018، تمهيدا لعرضه على البرلمان، تسابق مسؤولون حكوميون فى تطبيق سياسة جس النبض، عبر تسريب تفاصيل عن أهم البنود التى تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وتصب التسريبات فى خانة واحدة، تتعلق بكيفية إسكات المواطن إزاء الزيادات المؤكدة فى أسعار كثير من الخدمات، أهمها الوقود والكهرباء والغاز والمياه.
كان التصريح "التسريب الأول" منسوبا إلى مصادر حكومية لـ "مصراوي"، الاثنين الماضى، يفيد إن مناقشات تجرى حاليا، حول زيادة أسعار الوقود في السنة المالية الجديدة التي تبدأ من يوليو المقبل، بنسبة تتراوح بين 30% و40%.
أثار الخبر ردود أفعال شعبية غاضبة، لكنه يظل غضبا مكتوما، فالمواطنون لا يزالون يأملون فى إصلاح أوضاعهم، رغم أنهم لم يفيقوا بعد من صدمة قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" الذى طُبق فى 3 فبراير من العام الماضى، وتلاه قرار ثان خلال 24 ساعة برفع أسعار الوقود.
وصباح الأربعاء الماضى، نقل "مصراوى" عن مصدر حكومى ثان، تصريحا آخر يمتص الغضب من التصريح الأول، إذ يشير إلى أن وزارة المالية ستتقدم بتعديل تشريعي مقترح، لزيادة رواتب العاملين فى الدولة بنسبة تتراوح بين 25 و 30%، بدءا من العام المالي الجديد في يوليو المقبل.
وكان قرار تعويم الجنيه وخفض دعم الوقود، طبقا لشروط صندوق النقد الدولى، أسفر عن موجة تضخمية، وزيادات هائلة فى اسعار السلع ـ خاصة المستوردة ـ لم تنته حتى الآن، فى ظل إصرار البنوك على اتباع سياسة جمع الدولار من السوق، والامتناع عن بيعه إلا بشروط شديدة الصرامة والبخل.
وحسب البيانات الرسمية فإن معدلات التضخم وصلت مستويات قياسية لم تبلغها منذ نحو 30 عاما.
نوفمبر الأسود، كما يسميه الناس، لم يتوقف فحسب عند الوقود والدولار، بل طال أيضا أسعار الغاز الطبيعى للمنازل، إذ طبقت الحكومة زيادة مفاجئة فى أسعاره.
هل ستكفى إذن الزيادة المزعومة فى الرواتب بنسبة 30%، فى استيعاب صدمات يوليو؟
فى فبراير الماضى، أعلن أيمن حمزة المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، فى تصريحات عبر الفضائية المصرية" الأولي"، أن يوليو سيشهد زيادة في أسعار فواتير الكهرباء، طبقًا لخطة خفض الدعم حتى إلغائه خلال 5 سنوات، وهى الخطة التى بدأت منذ العام 2014، وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم 1275 في 17 يوليو 2014.
وبحسب هذا القرار الصادر من أكثر من عامين، فإنه سيجري "تطبيق زيادة سنوية على أسعار الكيلو وات لجميع المستهلكين ولجميع الأنشطة المنزلية والصناعية والتجارية، على أن يتم تطبيقها سنويا فى أول يوليو من كل عام حتى عام 2019".
ووفقا لذلك، "سيكون متوسط سعر الكيلو وات فى يوليو (2017) 40 قرشا، و45.5 فى العام المقبل (2018)، وصولا إلى 50.8 قرش فى نهاية خطة رفع الدعم (2019).
ظهر الخميس الماضى، أعلنت وزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركى من 16 إلى 17 جنيها، لتقضى بذلك على بصيص الأمل فى انخفاض أسعار السلع المستوردة، خاصة مع استمرار استقرار سعر الدولار فى البنوك، حول 18 جنيها تقريبا.
تبقى المعضلة فى تحديد سعر صرف الدولار فى الموازنة الجديدة، وحسب تصريحات مصادر رفيعة المستوى فى الحكومة فإن هناك اتجاها بالاستقرار على سعر 16 جنيها. وهو ما يشى بالسعر الذى تسعى الحكومة لتثبيته، وهو ما لا ينسجم مع الطموحات الشعبية بالوصول إلى سعر عادل لددولار لا يزيد على 13 جنيها وفق التقديرات التى سبقت تعويم الجنيه.
سعر الـ 16 جنيها للدولار، لن يكون ذا تأثير كبير فى كبح جماح السلع الاستهلاكية، خاصة إذا نفذت الحكومة برنامج زيادة أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 30% و40%. وربما لن تكفى أيضا سياسات الخصومات الضريبية فى استيعاب توابع سعر الوقود.
ونشر "مصراوى"، أمس الجمعة، تقريرا تضمن تصريحا لعمرو المنير، نائب وزير المالية للضرائب، يفيد أن الوزارة تسعى لزيادة دخول المواطنين عبر ''الخصم الضريبى". ويبدو الأمر كما لو أن الحكومة تحاول استيعاب كل خبر سلبى، بتصريح يتضمن إجراء يقدم ترضية للمواطن.
إذا كانت أسعار الكهرباء والوقود ستزيد فى يوليو حسب خطة رفع الدعم تدريجيا، فإن بقية القطاعات الخدمية، تسير وفق جدول خاص بها، ومثلما رفعت الحكومة فى نوفمبر الماضى أسعار الغاز الطبيعى واسطوانات البوتاجاز، فإن الشركة القابضة لمياه الشرب فاجأت المواطنين فى يناير الماضى، بزيادات فى الفواتير.
ووفقا لتصريحات تليفزيونية للمهندس مصطفى الشيمي، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقاهرة، فإن زيادات يناير 2017، نصت على الآتى: الشريحة الأولى من صفر إلى 10 متر مكعب، بلغ سعر المتر 30 قرشا، والشريحة الثانية: من 10 - 20 متر مكعب، 70 قرشا للمتر، والشريحة الثالثة: من 20- 30 متر مكعب، 105 قروش للمتر، أما الشريحة الرابعة: من 30 إلى 40 متر مكعب، 170 قرشا للمتر.
كل المقدمات يقود إلى نتائج حتمية: كل من المواطن والحكومة على موعد مع امتحان عصيب فى يوليو 2017.
فيديو قد يعجبك: