إعلان

أمين عام رابطة الأدب الإسلامي.. ''وما الحب إلا للغة العربية''

11:41 ص الأحد 20 أبريل 2014

أمين عام رابطة الأدب الإسلامي.. ''وما الحب إلا للغ

كتبت- رنا الجميعي:

وُلد بقريته الصغيرة ''قسطل'' بالنوبة، التقطت أذنيه اللغة النوبية لتكون لغته الأم، تدرج في سنوات عمره، إلى أن أصبح عمره خمس سنوات وذهب إلى الكُتّاب، لتلتقط أذنيه لغة أخرى غير اللغة التي تربى عليها، اللغة العربية الفصحى، لغة القرآن الكريم، لم يستوعب معنى الآيات ولكن كان عليه أن يحفظها.

وما إن بدأ في سماع خطبة الجمعة، التي وجدها بالفصحى أيضًا ''اكتشفنا إن فيه لغة تانية''، وامتلك ''محي الدين صالح'' لغتين، اللغة النوبية والعربية، لكن الحال لم يستمر ومع دخوله إلى المدرسة تكشفت لديه لغة ثالثة، هي العامية.

إلا أن النهم المعرفي والهوى للعربية سكن في قلبه ولم يبرحه منذ ذلك الحين، بدأ ''صالح'' في تعلم الشعر العربي منذ المرحلة الابتدائية، وتعرف على عدد من الشعراء مثل أحمد شوقي.

أمين عام رابطة الأدب الإسلامي بفرعها في القاهرة، هذا هو المنصب الذي وصل إليه ''صالح''، فحبه للغة الفصحى وغيرته عليها، جعلاه ينتج شعرًا تحول إلى دواوين ورسائل أدبية، وحصيلته الأدبية هي التي أهلته ليصبح جزءًا من الرابطة.

الشعر كالحياة
ففي مرحلة الابتدائية وقع على أسماع الفتى الصغير شعر يُلقى في طرقات المدرسة، فعامل النظافة عم ''يوسف'' يترنم بأبيات الشعر أثناء تنظيفه للفصول، وكان الفتى لا يقضي الفسحة كلها في ملعب المدرسة، ولكن كان يُفضل تقضية بعض الوقت في سماع العامل في إنشاده بأبيات لمدح الرسول.

وحالفه الحظ في نشأته ببيئة تحب العربية، فما إن لاحظ مدرسيه وعامل النظافة وأقربائه ولعه بالشعر حتى أعطوه بعض من الشعر ليحفظه ''لما دخلت خامسة ابتدائي كنت حفظت المقرر الشعري والنثري لسنة خامسة وسادسة والمقرر القرآني كمان''.

لم يلتق ''صالح'' بالعربية مرة أخرى منذ دراسته للمرحلة الإعدادية ''مكنش فيه اهتمام بالعربي في ثانوي ولا في الكلية''، إلا أن حب الشعر كان قد تملكه للأبد.

يعلو مكتب أمين الرابطة بيت شعر يقول ''فأعز ما يبقى وداد دائم .. إن المناصب لا تدوم طويلًا''، لا يوقن تمامًا ''صالح'' لمن بيت الشعر هذا، اعتقد في أول الأمر أنه لأحمد شوقي، لكنه بحث كثيرًا في أعماله، حتى وصل إلى أن أحد شعراء السودان هو صاحب هذا البيت ''لو كنت أعرف كنت نسبته لنفسي''، فصالح بالأساس جذوره سودانية وشب بالنوبة.

لم يتقن ''صالح'' حفظ الشعر فقط، لكنه بدأ في كتابته وتعلمها من خلال قراءاته الشعرية، ويحكي أنه في يوم صاحب ابن عمه لشراء كتب من مكتبة بشارع الأزهر، في المكتبة تركه قريبه على بابها ودخل، وبدأ يرصد بعينيه عناوين الكتب حتى وقعت على كتاب ''شرح المعلقات السبع'' ووجده صاحب المكتبة في حالة تغيب عما حوله لما جذبه الكتاب، وسأله إذا أعجبه لكن سعر الكتاب بالنسبة للفتى القادم من النوبة لم يكن هين، فترك الكتاب، لكن صاحب المكتبة أصر عليه ليأخذه دون ثمن.

ذلك الكتاب أضاف للشاعر الكثير ليُساعده بصحبة كتب أخرى على كتابة الشعر، مع ازدياد سنوات عمره ومواجهته لتجارب الحياة التي تترك أثرها في وجدانه، وتذكره لمأساة التهجير من النوبة التي عايشها ''كان عندي 13 سنة''، استفز ملكة الشعر لديه، وبدأ في كتابة ديوانه الأول ''الجرح وأحلام العودة'' الذي ظل لسنوات حبيس الأدراج، لانشغاله بمجال الدعوة والخطابة في النادي الخاص بالنوبة بالقاهرة، وكان في الثلاثين من عمره، تركت تلك الفترة داخله خبرة تولدت مع مواجهته للناس وإلقائه الخُطب.

مع تجاوز ''صالح'' لمرحلة الدعوة، انتقل إلى مرحلة السياسة ليكتب بجريدة ''الشعب'' لسان حال حزب العمل، ولكنه حينما انتقد ما حدث للرئيس المخلوع بأديس بابا في حادثة الاغتيال الشهيرة، حيث رأى أنها مدبرة من أمريكا واسرائيل في مقال له بالجريدة عام1995، تعرض لمضايقات منها غلق الخطوط الجوية بالسودان وقد كان مديرًا لها، وتوقف عن العمل بالجريدة، قضى بعض السنين مشتغلًا بالتجارة، وهي تخصصه الأول.

غاية الأدب
تشرب ''صالح'' فكرة الأدب الإسلامي المؤمن بها، وجد أن الأدب هو أن تَأْدُب الناس إلى المحامل وتنهاهم عن المقابح، لذا كَرِه الأساليب الشائنة التي يتخذها البعض ويراها أدبًا، وقرُب إلى فكرة جمالية الأدب الإسلامي ''الأدب وسيلة وليست غاية''، الهادف إلى تنمية أخلاق المجتمع وليس هدمها.

وتعلم ذلك النوع من الأدب وهو القارئ للشعر الجاهلي، والذي وجد فيه أدبًا أخلاقيًا مع سمة أهله ''الجاهلية''، ففي أشعار زهير بن أبي سُلمى، قس بن ساعدة، وعنترة بن شداد، قيمًا ومبادئ وفلسفة للموت دون أن يعلموا أنها تُطابق الإسلام الذي قدم بعدهم.

ونشر ''صالح'' ديوانه الأول ولاقت به الصدف إلى معرفة أمين عام رابطة الأدب الإسلامي، وسأله ما إذا انضم إلى رابطة الأدب الإسلامي أم لا ''قالي شعرك كله إسلامي''، وفي عام 1997 أصبح ''صالح'' عضوًا بها، وسُرعان ما أصبح أمينًا عام للرابطة في 2001، وظل بها حتى الآن.

يحدث بمصر فقط
ضمت رابطة الأدب الإسلامي تحت لوائها دول عديدة ليست كلها عربية ''عشان كدا اسمه الأدب الإسلامي''، فالبداية انطلقت من الهند بالأساس، ثم تفرعت إلى الدول الإسلامية من بينها الدول العربية وبنجلاديش وباكستان، واستقر بمصر أحد فروعها لكنه ليس بالقوة التي أصبحت به مثيلتها في السعودية مثلًا، ففي السعودية يُنشر مجلة للأدب الإسلامي والتي توزع بمصر وفق الرابطة، في حين تتعرض الرابطة في مصر بمضايقات الروتين المُعتادة والتي تمنعها من القيام بأنشطة تمولها.

استطاعت الرابطة أن تجعل مادة منهج الأدب الإسلامي مقررًا في الكليات الأدبية، وتحوّل أصحاب التوجه المُحافظ إلى ساحة الأدب بدلًا من ابتعاده ''دلوقت مش لازم أتبنى اتجاه معروف عشان أظهر''، بعض المؤتمرات المُقامة بجامعة الأزهر وجامعات أخرى هو لسان حال الرابطة لتعريف الطلبة بالأدب الإسلامي، وحضور المؤتمرات العالمية التابعة للرابطة لتثير حالة من ''حوار الثقافات''، الثبات وعدم التصادم مع الدولة هو التكنيك الحالي للرابطة في ظل حالة التخبط بمصر، ولا تقوم بالانتشار المُكثف حتى تستقر الأحوال.

''التجهيل'' هذا حال المثقفين الإسلاميين بمصر على جميع العصور، ويرى ''صالح'' أن السبب يكمن في تقصير من أصحاب الرسالة أنفسهم ونوع من أنواع ''الشللية''، على حد وصف ''صالح''، للظهور الشديد لبعض المثقفين واقصاء الآخرين

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان