إعلان

مصراوي يرصد رحلة مصري يغادر العريش بعد 37 سنة من التعمير

09:07 م السبت 25 فبراير 2017

المهندس جميل نجيب

كتب- أحمد الليثي:

لأول مرة منذ 37 عاما يغادر المهندس "جميل نجيب" أرض العريش وهو لا يعرف هل سيعود إليها ثانية أم لا.

رحلة خروج مُرة يرصدها مصراوي بين فرار المهندس "جميل" من جحيم "داعش"، وساعات الانتظار العصيبة لأبنائه في القاهرة. 

قبل العام 1980 كان المهندس المعماري يقضي خدمته العسكرية بشمال سيناء، وما أن جاءته ورقة التعيين بوزارة الإسكان اختار أن يُكمل حياته بالعريش "أنا هفضل هنا.. البلد دي محتاجة اللي يعمرها بعد ما الصهاينة خربوها".

لم يكن حب المهندس المعماري للوطن محض كلمات عابرة؛ فقد غرس في أسرته الصغيرة قيمة مصر وحضارتها، لذا لم يكن مستغربا أن يُسمي أبنائه على غرار أبطال فرعونية "الابن الأكبر أوزوريس، الأوسط زوسر وميناس أصغر أولاده" ويحمل اللواء من بعده أبنائه فتأتي أسماء الأحفاد "سنوسرت، سنفرو وإمستي".

ساعات قليلة فصلت بين إصرار المهندس "جميل" على البقاء بأرض الفيروز، وبين إصدار "داعش" لقائمة ترصد مسيحيي العريش لتصفيتهم، حينها توالت الاتصالات على الجد ترجوه الفرار من الموت "مراتي قالتله ابنك تعبان جدا.. وأنا قلت له العيال مبيبطلوش عياط هنا" يقول أوزوريس بصوت تحبسه الدموع.

"وجودنا هنا فرض يا ابني.. طول عمر مصر بتتحارب واللي بيحبوا البلد لازم يكونوا واقفين وسط اللي بيحصل، ويبنوا فيها وهي بتدمر" يقول المهندس "جميل" لمصراوي في حوار تليفوني، أمس، بينما يُجاهد نفسه عدم الخروج من العريش.

"أبويا اللي بنى 60% من بيوت العريش وشكلها متاخد من الحضارة الفرعونية" يقول أوزوريس الابن الأكبر للمهندس المعماري.

المهندس جميل نجيب

مع كل اتصال من الأسرة بالعاصمة للجد هناك، تراودهم الشكوك، تارة يظنون أن انقطاع الشبكة أمرا قدريا، ومرات تلعب بهم الظنون "أنا كنت معاه من شهر والدنيا كانت ماشية تمام"، فيما كانت الأيام تُخبئ لمسيحيي العريش صدمة لا تُحتمل حيث قرر مسلحو داعش إنهاء حياة 7 أقباط خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أجبر نحو 40 أسرة للفرار من نار العداء.

خلال الأيام القليلة الماضية تابع المهندس "جميل" خروج رفاق العمر واحدًا تلو الأخر "كل يوم بيمشي 10 أسر.. والمساعد بتاعي مقدرش يكمل وسافر.. بصراحة هو معذور" يقولها الرجل الستيني، فيما اتخذ قراره بالرحيل "خلاص قدروا يجبرونا نسيب بلدنا، وبقينا أقلية مش عارفين نحتمي في حد.. نفسي أفضل في بيتي بس ما باليد حيلة".

دقيقة بدقيقة يتابع الأبناء مسيرة خروج الأب "من شوية عدا على كمين الميدان –على بعد 10 كيلو من العريش.. وأول ما يعدي بير العبد هنطمن شوية"، بجروب على "واتس أب" يكتب أوزوريس تطورات رحلة والده ليُطمئن الأسرة كلها "من كتر التوتر التليفون مبيبطلش". 

الخروج من العريش يتم بطريقها عشوائية، حسب المهندس نجيب "بنتفق مع حد من جيراننا يجهز لنا عربية تنقل كام أسرة"، بينما يهيمن الفزع على فؤاد الابن الأكبر "المجرمين بتوع داعش بيقلبوا الناس على بعض؛ وعاملين مكافئات للي يبلغ عن مسيحيين.. يارب عديها على خير". 

ساعات قليلة تفصل عودة المهندس "جميل" بسلام بعد مروره من منطقة "القنطرة"، يحمد خلالها الابن على نجاة والده، بينما تطن في عقله الأسئلة "هعلم ولادي إزاي قيم التسامح في بلد القتل أسهل حاجة فيها.. الناس اللي جايه من هناك هيكون أيه مصيرها"، فيما لم يستطع الإجابة على سؤال واحد "هقنع أبويا إزاي ميرجعش العريش تاني؟"، فيما يقول المهندس نجيب العائد في طريقه من أرض الفيروز هروبا من الموت "العريش دي حتة من روحي.. بشم فيها ريحة مصر الحقيقية وأكيد مش هقدر أعيش بعيد عنها".

تابع باقي موضوعات الملف:

جحيم العريش.. الوطن في حقيبة سفر (ملف خاص)

1

مصراوي يحاور أسرة آخر ضحايا الإرهاب في العريش ''قتلوهم وحرقوهم''

undefined

''روايات من قلب الموت''.. مصراوي مع أسر مسيحية فرت من جحيم العريش

undefined

مصراوي يرصد رحلة الرعب لأقباط نزحوا من العريش إلى الإسماعيلية

undefined

قصة سائق ارتدى ملابس الشيوخ لتهريب أصدقائه من العريش

undefined

الفرار من جحيم العريش.. الوطن في حقيبة سفر (صور)

undefined

كيف تعايش أطفال العريش مع رعب ''داعش''؟

undefined

صورة اليوم- أقباط العريش: النزوح في عيون طفلة

arishss

بعد وصولهم بر الأمان.. تفاصيل أول ما فعله الهاربون من العريش

undefined

بالصور: أقباط سيناء.. أجساد فرتّ وعقول ساكنة البيوت

11

حكايات ''ما قبل التهجير'': المسلمون فتحوا بيوتهم لجيرانهم الأقباط.. والسيدات ترتدين الحجاب

undefined

فيديو قد يعجبك: