لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"شمسنا" توفر الكهرباء.. مشروعات لإدخال الطاقة الشمسية للبيوت في مصر

03:04 م الخميس 16 يونيو 2022

- مارينا ميلاد:

قبل سنوات؛ كانت سارة موسى تأتي من الولايات المتحدة، حيث تدرس وتعيش، لتتطوع في مناطق الدرب الأحمر ومنشية ناصر بالقاهرة وتقدم المساعدات قدر استطاعتها. خلال جولاتها؛ لاحظت أن بعض العائلات ليس لديها سخان مياه حديث، ويستخدمون الكيروسين أو الأنابيب لتسخين المياه يدويًا.

وجدت في ذلك عملية شاقة، خطرة، تستغرق وقتًا طويلا، كما أنها ضارة بصحة الإنسان والبيئة.. وهنا قررت أن تُطلق مشروعًا مع شقيقتها "دينا" لتوفير سخانات تعمل بالطاقة الشمسية لهؤلاء.

أما خالد رفاعي؛ فقد أدرك والده أهمية تصنيع ألواح الشمس مبكرًا، وأقام مصنعه قبل 7 سنوات لهذا الغرض. ومنه؛ انتقلت الفكرة لأبنائه (خالد وأحمد)؛ ليؤسس الشقيقان فيما بعد مشروعهما لتركيب محطات طاقة شمسية على أسطح المنازل.

مشروعات كل من "سارة" و"خالد" وأشقائهما تخدم هدف الحكومة الذي باتت تعلنه مرارًا وتكرارًا مع اقتراب استضافة مصر لمؤتمر المناخ "COP27" بشرم الشيخ في نوفمبر المقبل وهو: "زيادة اعتماد مصر على الطاقة المتجددة لتقليل الانبعاثات الكربونية وتماشيًا مع التغيرات المناخية".

9849456197 - Copy

تَعمقت "سارة" في دراسة الأمر قبل بدء مشروعها واتخذت من منطقة الدرب الأحمر نموذجًا، لتجد أن 25٪ من الأسر هناك تُسخن المياه باستخدام الكيروسين، وترتفع أسعار الكهرباء عليهم كل فترة، مما يُشكل عبئا في بلد ارتفع معدل الفقر فيه إلى 32.5% من السكان.

فأرادت "سارة" وشقيقتها تطوير حل مستدام ومناسب ماديًا والأهم أن يكون أكثر صحة وأمانًا، وبدت سخانات المياه بالطاقة الشمسية "حلا مثاليا" بالنسبة لهما – حسبما تقول "سارة".

نجحت الأختان في الحصول على تمويل لمشروعهما من خلال جامعات أمريكية. فتقول "سارة": "أنا وأختي محظوظتان لأن مختبرات هارفارد للابتكار احتضنتنا، وتلقينا إرشادًا ومنحًا لا تقدر بثمن لدعم عملنا."

وتحت شعار "شمس للجميع"؛ أطلقت الشقيقتان خلال السنوات الماضية المراحل التجريبية الأولى لمشروعهما "شمسنا"، وهو ما وصفته سارة بــ"رحلة طويلة لتطوير المنتج وجعله في متناول العائلات التي هي في أمس الحاجة إليه".

432195277

وبنفس الاسم لكن بشعار "أسهل نظام طاقة شمسية في مصر"؛ بدأ "خالد" (27 سنة)، الذي درس إدارة أعمال بالجامعة الأمريكية، مشروعه الربحي في إبريل العام الماضي.

خرج مشروع خالد إلى النور بدعم من والده، الذي وفر له مصنعه لتصنيع الألواح ثم إرسالها للبيوت التي تطلبها، وذلك بأسعار مختلفة حسب قدرة المحطة.

يقول خالد: "كنت أرى دولا أوروبية أخرى ليس لديهم شمس وجميع مبانيها تعمل بالطاقة الشمسية، ونحن لدينا أيام مشمسة أغلب أيام السنة، والناس لم تكن تعرف حتى الفكرة."

أربع مراحل تجريبية مرت بها "سارة" و"دينا" حتى الآن، وفرا خلالها السخان الشمسي بشكل مجاني لـ25 أسرة في 25 موقعًا مختلفًا بالمحافظات المصرية من دمياط إلى سيناء، ومن القاهرة الي قنا.

توضح "سارة" أن السبب في تنوع المناطق هو اختبار السخان في بيئات مختلفة وأكثر من مناخ.. وفي رحلتهما؛ تركزان على العائلات التي ليس لديها إمكانية الوصول إلى سخان حديث.

اختيار هؤلاء – وفقا لـ"سارة" - يأتي عن طريق "شبكة واسعة من الشركاء الذين يوجهونهما لهم".. لكن في تجربتهما الأخيرة؛ فتحت "سارة" دعوة عامة عبر الإنترنت لتقديم الطلبات، ومنها اختارت الأسر أو المنظمات غير الربحية لتركيب السخانات لهم.

يتكلف السخان الواحد بين 200 دولار حتى 500 دولار أمريكي (نحو 3700 – 9000 جنيه مصري) حسب المواد والميزات.

لكن الأختين استطاعتا خلال الفترة الماضية جلب مصادر دعم أخرى كمنح جامعة "Yale" الأمريكية و"مشاريع Davis من أجل السلام" (مبادرة لمشاريع الطلاب)؛ ليصل تمويلهما حتى الآن إلى 20 ألف دولار أمريكي.. تقول سارة: "ممتنون لهذا الدعم، فقد قطعنا بسببه شوطًا طويلاً في تطوير المشروع".

صورة 3

على عكس سخانات "سارة" و"دينا" التي تحتاج منحا لتذهب إلى الفقراء، كان أغلب عملاء "خالد" من الأثرياء في بداية عمله، الذي تركز في الفيلات بالمنتجعات السكنية الفخمة.

ربما أدرك هؤلاء الفكرة أسرع وتوفرت لهم الإمكانيات المادية كون المحطة الواحدة تتكلف في المتوسط 100 ألف جنيه لقدرة ما بين (5 لـ30 كيلو) – بحسب خالد، الذي قام بإحداث تغيير جذري لمشروعه.

فبشراكته مع أحد تطبيقات التقسيط، وفر "خالد" إمكانية دفع مقدم والتقسيط على مدة تتراوح بين 6 شهور إلى 5 سنوات، وروج لذلك بإغراء متابعي صفحة المشروع بتوفير فاتورة الكهرباء واستبدالها بقسط محطة تبقى لـ25 سنة (العمر الافتراضي للمشروع) إلى جانب أنها آمنة ونظيفة.. يقول: "تحدثنا للناس باللغة التي يمكن أن تصل للجميع".

465216

فتح ذلك الباب لفئات أخرى لتكون بين عملائه؛ منهم عماد الجبيلي، الذي يعمل مهندسًا، وأقام محطة على سطح منزله في نوفمبر الماضي، بقدرة 10 كيلو وات في مقابل قسط شهري 2400 جنيه لمدة خمس سنوات.

كانت لدى "عماد" الفكرة منذ حوالى ١٠ سنوات لكنه لم ينفذها لارتفاع سعر المحطة، كما أنه لم يكن هناك إمكانية لتوصيل المحطة على عداد الكهرباء الحكومي، إنما تعمل بالبطاريات فقط – وفقًا لـ"عماد".

لذا عندما أتاح له مشروع "خالد" التقسيط؛ يقول إنه لم يفكر مرتين في توفير طاقة متجددة ونظيفة وفى نفس الوقت موفرة له؛ حيث سيوفر نحو ١٤٥٠جنيها في الشتاء، و٢٦٠٠ في الصيف.

Capture

"عماد" واحد من 100 أسرة قام "خالد" بتركيب المحطات لهم خلال عام برفقة فريق مكون 12 شخصًا ما بين مهندس موقع وعمال فنيين.

وقد تغلب "خالد" بمرور الوقت على مشكلة توفير الخامات المستوردة كلها من الخارج.. بينما تعتمد "سارة" على شراء جميع المواد محليًا لتقوم بتصنيع السخان من البداية إلى النهاية في ورشة العمل الخاصة بهم بمحافظة القليوبية بواسطة ثلاثة أفراد فقط. إذ يتكون السخان المصنوع من المعادن ونحاس ومواد عازلة من جزأين أساسين هما الخزان واللوح.

صورة 6

فيما تحتاج المحطات التي يركبها "خالد" إلى ما هو أكثر من ذلك كالكابلات وجهاز تحويل الطاقة وقطاعات الألومنيوم وغيرها من الأدوات التي يجب أن تكون بكفاءة عالية حتى لا تنهار المحطة بعد سنوات قليلة.

وبعد أن ينتهي عمله في التركيب؛ يرسل إلى شركة الكهرباء صورة تعاقده مع العميل وملف فني للمحطة بالكامل والبيانات اللازمة، وذلك وفقا لتعاقده مع وزارة الكهرباء مع بداية مشروعه.

فالنظام المتبع هنا هو "صافي القياس"؛ الذي طرحته وزارة الكهرباء، ويتيح لمن يملك عداد طاقة تبادلي مبادلة طاقة شهرياً مع شركة الكهرباء ودفع فقط فرق استهلاك الكهرباء فقط إن وجد.. فيشير "خالد" إلى أن هناك أشخاص وفروا فاتورتهم بالكامل.

وفي وقت تهدف فيه مصر إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة تتخطى 42 % بحلول عام 2035 - حسبما أعلن وزير الكهرباء.. يقارب مشروع "شمسنا" على إنهاء مراحله التجريبية ويمضي قدمًا نحو إعلان نفسه بالسوق في نسخته التجارية لاستقبال الطلبات.. تشعر "سارة" بـ"أمل كبير" في مستقبل يحمل طاقة نظيفة بأسعار معقولة تصل إلى الجميع – وفقا لما تقوله: "لقد رأينا كيف توجد المعرفة والمبادرة في كل مجتمع وكل حي، السكان يتطلعون إلى إحداث فرق.. ونحن نعتقد أن هذا التغيير هو مفتاح لمستقبل أكثر إنصافًا."

أما "خالد" فيرى أنه لازال أمامه طريق وتحدي طويل لإقناع الكثيرون بالفكرة، وكيف يمكنهم الاستفادة منها، لكنه يحلم – كما يقول "باستغلال كل الأسطح في مصر والطاقة التي أعطاها الله لنا."

أقرأ أيضًا:

من قايتباي إلى الدير الأحمر.. آثار الأجداد في قبضة المناخ

"الواحة العظمى".. أول مدينة صديقة للبيئة في مصر

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان