7 أسباب تعوق تطبيق قرار اعتبار "التربية الرياضية" مادة أساسية؟
كتبت - ياسمين محمد:
قال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم، إن هناك بعض المشكلات تعوق تطبيق قرار وزير التربية والتعليم، باعتبار التربية الرياضية للصفين الأول والثاني الثانوي، مادة أساسية يترتب عليها النجاح والرسوب، رغم أهمية القرار.
في 10 سبتمبر الماضي، أصدر وزير التربية والتعليم، القرار الوزاري رقم 191 لسنة 2019، بشأن نظام الدراسة والتقييم لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي العام للعام الدراسي 2019-2020.
ونصت المادة السادسة من القرار على اعتبار التربية الرياضية منهجًا دراسيًا، يمارسه جميع الطلاب، بالصفين الأول والثاني الثانوي العام على مدار العام الدراسي، ويعقد له تقييم عملي في نهاية كل فصل دراسي، ولا تضاف درجاته إلى المجموع الكلي، ويعتبر مادة نجاح ورسوب.
وأوضح المصدر، لمصراوي، أن من ضمن المشكلات التي تواجه التطبيق، ضعف الاهتمام بمعلم التربية الرياضية، ووجود عجز صريح في أعداد المعلمين، وضعف المقومات من أدوات ومنشآت.
وقال المصدر، إنه على الرغم من المشكلات، إلا أن القرار مهم للغاية، ومن الممكن أن يكون دافعًا للعمل على توفير مقومات جعل التربية الرياضية جزءًا من حياة الطلاب، مشيرًا أن جعل التربية الرياضية نشاطًا إجباريًا على الطلاب، يمهد لتعميمه على كل مواطن، الأمر الذي يعود على الوطن بفوائد كبيرة أهمها تحسن الصحة العامة، وحماية النشء من التوجه للأفكار المتطرفة لما للقيم التي ترافق ممارسة الرياضة من تأثير في تكوين الشخصية.
وأوضح أن هناك بعض التمرينات الرياضية المهمة، التي يمكن تدريب الطلاب عليها داخل المدارس، دون الحاجة إلى أماكن مخصصة أو أدوات، مثل التمرينات البدنية بأنواعها.
ومن أبرز المشكلات التي تواجه تطبيق القرار الخاص باعتبار مادة التربية الرياضية مادة أساسية:
أولًا: مشكلات المعلم
قال المصدر إن معلمي الأنشطة بوجه عام، ومعلمي التربية الرياضية بوجه خاص يعانون من هموم اجتماعية واقتصادية ووظيفية، ومن الناحية الاقتصادية لا يكفيه راتبه ولا يمكنه الحصول على دخل إضافي من الدروس الخصوصية مثل معلمي باقي المواد، كما أنه يتفقد التدريب والتأهيل بعد التخرج، ومن الناحية الاجتماعية فلا يقدره المجتمع: "لو اتقدم لبنت يترفض علشان مدرس ألعاب".
وأضاف السبيل الوحيد الذي يضمن تحويل التربية الرياضية لمادة أساسية، النظر لحال المعلم، وإيجاد تشريع ينصفه خاصة أنه مسؤول عن تنمية الذوق لدى الطلاب، وغرس القيم التربوية التي تسهم في بناء شخصية متكاملة من الناحية العقلية والبدنية.
تقول داليا الحسيني، معلم خبير تربية رياضية، بمدرسة الملك فهد بمنيا القمح في الشرقية، إن معلمي النشاط بوجه عام يعانون من تدني دخولهم، ولا يجدون بديلًا لتعويض ضعف الراتب مثل معلمي الدروس الخصوصية، مضيفة أن هناك بالفعل أزمة حقيقية في تلقي التدريبات: "إحنا بناخد تدريبات ترقي بس إنما في التخصص كتأهيل لتدريس المادة لأ، معلمي التربية الرياضية بيعانوا من ارتفاع أوزانهم بسبب قلة التدريب، بعدما اعتادت أجسامهم على الرياضة خلال سنوات الكلية، أنا عن نفسي بحاول أحافظ على جسمي وبنزل جيم على حسابي الشخصي، لكن مفيش أي تدريبات تأهيلية حصلت عليها".
وعن نظرة المجتمع لمعلمي التربية الرياضية، تؤكد داليا الحسيني أنها ليست للمعلم فقط ولكن للمادة كذلك: "مدرس التربية الرياضية اسمه مدرس ألعاب، مهما بذلنا جهدًا مع الطلاب، أولياء الأمور شايفينا بنزلهم الحوش يلعبوا مع بعض"، وتذكر أنه في بداية الدراسة قرر معلمو الأنشطة تنظيم حفل لاستقبال الطلاب وكانت هناك عروض رياضية ضمن فقراته، وفوجئوا بأولياء الأمور يوجهون الانتقادات لهم بدلًا من الشكر لأننا تركنا أبناءهم يقفون في الفناء وربما ضرتهم أشعة الشمس".
واستنكرت المعلمة إهمال نظام التعلم الجديد معلمي التربية الرياضية: "في نظام التعليم الجديد اللي بيقدم حصة التربية الرياضية لتلاميذ الصفوف الأولى معلم الفصل، طب إزاي يكون مش متخصص ويدرب الولاد، زمايلنا أحيانًا بيسألونا، بس ليه النظام الجديد لغى دورنا؟"
ثانيًا: عجز المعلمين:
قال المصدر إنه وفقًا لإحصاء عام 2018، هناك عجز يصل إلى نحو 15 ألف معلم تربية رياضية على مستوى الجمهورية، وفي المعلمين الرجال يصل العجز إلى 8496 معلمًا بجميع المحافظات فيما عدا الإسكندرية والغربية اللتين تعانيان من زيادة نظرًا لوجود كليات للتربية الرياضية فيهما.
أما على مستوى المعلمات، فيصل العجز إلى 7018 معلمة تربية رياضية على مستوى الجمهورية، فيما عدا الإسكندرية والغربية.
تؤكد داليا الحسيني أن مدرستها التجريبية لا يوجد بها سوى معلمتين فقط، وتضطر للموافقة على تقديم 22 حصة أسبوعيًا بدلًا من نصابها القانوني والذي يصل إلى 16 حصة فقط باعتبارها على درجة معلم خبير، ذلك إلى جانب عملها الإداري كوكيل للنشاط بالمدرسة: "ومع ذلك بحمد ربنا فيه مدارس جنبنا مفيهاش معلمين تربية رياضية خالص، إحنا بنحاول نعمل اللي علينا".
ثالثًا: الفجوة
أشار المصدر إلى أن معلمي التربية الرياضية يجيدون كتابة التقارير، إذ تصل درجة الإنجاز على الورق إلى 85%، بينما لا يزيد الأداء الفعلي على 33%، وفقًا لدراسة بعنوان: "استراتيجية للتربية الرياضية للمرحلة الابتدائية لجمهورية مصر العربية"، للدكتور طارق برجاس، كلية التربية جامعة حلوان، عام 2003، مشيرًا إلى أن نسبة الأداء الفعلي قد تكون قلت كثيرًا عن ذي قبل.
وأكد أن قرار اعتبار التربية الرياضية مادة أساسية لا بد أن يتبعه إجراءات تضمن تنفيذه، وألا يتحول إلى حبر على ورق: "المدرس مش بيشتغل بقرار، لازم يتدرب ويتأهل ويتحسن مستواه قبل أي شيء".
تؤكد داليا الحسيني، أن المسؤولين لا يهمهم سوى الدفاتر: "لو زاروا المدرسة وكنت بشغل الطلاب ومخططة الملعب وكله تمام بس مش محضرة أتحول للتحقيق وأتجازى، ولو قاعدة بس محضرة ومخططة الملعب يبقى تمام".
وبالنسبة لأولياء الأمور فإنهم قد لا يتقبلون فكرة خسارة أبنائهم درجات في التربية الرياضية: "بالنسبة لمدرستي علشان النشاط مفعل الطالب المجتهد في التدريب بياخد الدرجة النهائية، والطالب اللي مش بيشتغل معانا ما نقدرش ننقصه أكتر من 3 درجات، لو طالب سقط في النشاط أولياء الأمور يعملوا كارثة".
رابعًا: بروتوكولات غير مفعلة
قال المصدر إن هناك بروتوكولات تعاون عقدتها وزارة التربية والتعليم مع العديد من الجهات الأخرى، مثل وزارة الشباب والرياضة لاستغلال ملاعب مراكز الشباب خلال الفترة الصباحية لتدريب الطلاب، خاصة بالنسبة للمدارس التي لا يوجد بها ملاعب، إلا أن هذا البروتوكول لم يفعل حتى الآن.
لم تسمع داليا الحسيني عن بروتوكولات تعاون بين الوزارة وجهات أخرى: "يا ريت، إحنا بنحاول نعلم الطلاب وندربهم بس مفيش أي إمكانيات، وما سمعناش خالص إننا ممكن نتعاون مع مركز شباب أو صالة ألعاب رياضية".
خامسًا: اختفاء ميزانية الأدوات الرياضية
أوضح المصدر، أن ميزانية التعليم السنوية، كانت تتضمن 20 مليون جنيه، لشراء الأدوات المدرسية، ولكن صرف هذه الميزانية توقف منذ 10 سنوات، وتحولت الأموال للمشروع القومي لاكتشاف الموهوبين والذي توقف أيضًا منذ عام 2012.
تؤكد داليا معلمة التربية الرياضية، أن مدرستها لا يوجد بها أدوات، والمعلمون يدفعون من جيوبيهم لشراء الأدوات البسيطة بعدما يئسوا من طلب الأدوات من المدرسة: "اشترينا كور وحبال وبعض الأدوات الخفيفة على حسابنا لأن الطلاب كانوا بينزلوا مش بيعرفوا يؤدوا غير التمارين البدنية، رغم كل ده بحمد ربنا على مدرستي على الأقل فيها اهتمام شوية بالرياضة وبعض الطلاب يفضلون ممارستها، بخلاف المدارس التانية".
سادسًا: ضوابط غائبة
قال المصدر إن هناك ضوابط لتدريب الطلاب غائبة عن المدارس، أبرزها عدم وجود إحصائية للطلاب ذوي الإعاقة، وعدم وجود كشف طبي قبل بدء ممارسة الطلاب للألعاب المختلفة: "فيه طلاب لا يظهر عليهم المرض أو المشكلات الجسمانية إلا بالممارسة".
تقول داليا الحسيني، إنه لا يوجد بالفعل كشوف طبية تجرى للطلاب لتمييزهم: "من الاحتكاك بالطلاب اكتشفت طالبة عندها أعراض توحد وتأخر، ولما حاولت أكلم مامتها بشكل ودي تعرضها على طبيب هاجمتني وقالت لي تقصدي إن بنتي مجنونة"، مؤكدة أن المدارس لا تطبق الكشف الطبي على الطلاب وكذلك أولياء الأمور لا يهتمون.
سابعًا: غياب الأفكار الإبداعية
لفت المصدر إلى أن هناك العديد من الأفكار التي يمكن أن تفعل تدريس التربية الرياضية كمادة أساسية، حتى تكتمل البنى الأساسية في المدارس مثل: توقيع بروتوكولات تعاون مع الصالات الرياضية الكبرى لتدريب الطلاب، تفعيل بروتوكول التعاون مع وزارة الشباب والرياضية لاستغلال الملاعب خلال فترة الصباح، إنشاء نوادٍ صحية بالمدارس الملائمة يدخلها المواطنون باشتراكات تذهب أموالها للمعلمين، إضافة إلى حملات التوعية بأهمية الرياضة: "لحسن الحظ أسر كتير بدأت تهتم بالرياضة حبًا في اللاعب محمد صلاح، ليه ما نرحش المدارس نشجع الطلاب على المشاركة في الأنشطة الرياضية حتى لو مفيش قدرة مادية للاشتراك في الأندية".
فيديو قد يعجبك: