إعلان

معايشة من داخل اللجان.. يوميات مشرفين على الانتخابات: قاضي وموظفة وجندي

11:59 ص الثلاثاء 27 مارس 2018

تصويت المصريين

كتبت- مها صلاح الدين:

في أول أيام انتخابات الرئاسة، استيقظ المستشار هشام شريف في الخامسة والنصف صباحا، لم ينم الرجل في الليلة السابقة قبل أن يطمئن أن كل شيء على ما يرام، داخل اللجنة الفرعية رقم 2 بدائرة الدقي.

اللجنة الرئيسية بمحافظة بدائرة الدقي، وفرت كل شيء، الدفاتر موجودة، والحبر الفسفوري متوفر، وأوراق التصويت تم استلامها، والصناديق في انتظاره داخل غرفة في مدخل المتحف الزراعي، منذ الصباح.

وصل المستشار هشام إلى اللجنة الفرعية رقم 2 بدائرة الدقي، في الثامنة والنصف صباحا، في اليوم الأول من عملية الاقتراع، شدد على كل العاملين معه في الليلة الماضية أن يصلون قبل الموعد نفسه، وما إن وصلوا انهمكوا في العمل في أمور إجرائية، حتى لا تأتي الساعة التاسعة صباحا إلا وهم على أتم استعداد لاستقبال أول ناخب.

في غرفة على يسار بوابة المتحف الزراعي، يجلس المستشار خلف طاولة في منتصف أقصى يمين الغرفة، يستقبل كل ناخب بابتسامة، ويسأله عما إذا كان على علم برقمه داخل الكشوف. يطلب منه بطاقته الشخصية، ويوجهه للتوقيع في كشف الناخبين الموضوع أمام أحد الموظفين الجالسين على يمينه.

بعد أن يجد الناخب اسمه، ويتم التأكد من أنه وقع في الخانة الصحيحة، يمنح الناخب ورقة واحدة من أوراق الاقتراع، ويوجهه نحو السواتر البيضاء، حتى تتم العملية في سرية.

تظل أعين القاضي معلقة على الناخب الذي خلف الساتر حتى يخرج، ويتأكد أنه وضع ورقة الانتخاب في الصندوق، لا يهمه ماذا كتب بداخلها؟ أو من الذي انتخب، لكن كل ما يهمه أن تستقر الورقة في الصندوق، حتى وإن أبطل الناخب صوته.

هكذا سارت ساعات اليوم الأول للانتخابات الرئاسية، داخل لجنة المتحف الزراعي بمنطقة الدقي، ولم تتوقف سوى ساعة الراحة، من الثالثة للرابعة عصرا، لتناول وجبة الغذاء، حتى ساعات الليل.

وقبل بلوغ التاسعة مساء، بـ 5 دقائق، يسأل القاضي موظفيه "هو لسة فيه حد برة"، فيجيبوه قائلين: "نعم فقط.. سيدة"، فيأمر بإدخالها في عجالة، ينتظر حتى تنهي جميع خطواتها في يسر، وتخرج السيدة، ليهم هو بتسجيل عدد الناخبين النهائي، الذين مروا عليه على مدار اليوم، كم ورقة انتخابية خرجت من تحت يديه، وكم صندوق استهلك.

يشرف على عملية إغلاق الصناديق وتشميعها من قبل موظفيه في وجود رجال الأمن، يشدد عليهم بقاء الصناديق داخل جدران الغرفة نفسها حتى صباح اليوم التالي، يخرج من الغرفة، ويحكم غلقها بالأقبال بيديه، ويربط على بابها بشريط بلاستيكي أبيض يحمل رقم اللجنة، يتأكد أن الجميع قد خرجوا، ومن ثم يغادر.

لم يكن القضاة وحدهم، المقيمون داخل اللجان على مدار أكثر من 12 ساعة، كانت "حنان محمد"، الإدارية في هيئة قضايا الدولة، وصلت إلى لجنة مدرسة الأورمان بالعجوزة، في تمام الثامنة صباحا، تنفيذا لأمر المستشارة الموجودة رئيسة اللجنة. تقول حنان، التي تسير في عقدها الرابع "استيقظت منذ الصباح الباكر، حضرت وجبة الغداء لأبنائي الثلاثة وخرجت، لأني لن أعود إلا في المساء".

كانت مهمة حنان التي أوكلتها إليها المستشارة، هي تسليم أوراق الاقتراع للناخبين، بعد أمر من رئيس لجنتها، هي المرة الرابعة التي شاركت خلالها في عملية انتخابية، تعرف جيدا ماذا تفعل، تتأكد أنها منحت كل ناخب ورقة اقتراع واحدة فقط، وتظل تراقبه حتى يضعها في الصندوق.

تقول حنان إنه على الرغم من بساطة المهمة، إلا أن الخطأ بها بـ "فورة"، لأنها لا يجب أن تعطي الناخب أكثر من ورقة اقتراع، وإذا خرج الناخب بتلك الورقة، فستقع جريمة، وسيتم محاسبتها. وتؤكد الموظفة، أن السيدات أفضل من يقمن بتلك المهمة، لأنهن بارعات في عمليات الرقابة والتنظيم.

حنان ليست وحدها، فبداخل كل لجنة من ثلاث إلى 5 موظفين على الأقل، كل منهم لديه مهمة محددة، ولا يمكنه الانصراف قبل غلق باب اللجنة، ولكن مهمة "سعد علي" - الذي فضل أن يستخدم اسما مستعارا حتى لا يغضب قياداته-، هي الأصعب، فمنذ فجر اليوم السابق بدأت عملية تأمين اللجان، ووقف هو مرتديا زيه العسكري خلف شكائر معبئة بالرمال أمام بوابة اللجنة، يحمل سلاحه، يترقب كل من يقترب نحو اللجنة في صمت.

ولم يتمكن العشريني الذي صبغت ملامحه الشمس من الجلوس إلا خلال ساعة الراحة في منتصف اليوم، وفي الساعات الثلاثة الأخيرة من عملية الاقتراع، وعلى عكس الجميع، لم يغادر العسكري القادم من محافظة البحيرة اللجنة الانتخابية بعد انتهاء عملية الاقتراع ومغادرة الجميع، لكنها ستكون محل إقامته طوال أيام الاقتراع الثلاثة، وانتهاء عمليات الفرز.

تابعونا في تغطية خاصة للانتخابات الرئاسية.. لحظة بلحظة (اضغط هنا)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان